المتأمل اليوم في الشأن المصري يخرج بإستنتاج واحد و هو أن ما يحصل اليوم في أرض الكنانة هو ميلاد دكتاتورية عسكرية تستبله الشعب و تستحمره بمساعدة فئة إعتادت العيش ذليلة تحت أقدام الحكام المستبدين. الفريق الأول عبد الفتاح السيسي الذي رقى نفسه ليصبح المشير عبد الفتاح السيسي نيصنع لنفسه صورة القائد الملهم المنقذ بمساعدة ترسانة إعلامية مصرية بتمويل خليجي. المشير عبد الفتاح السيسي بعد أن إنقلب على الرئيس الشرعي المنتخب محمد مرسي و قتل أنصاره و أنصار الشرعية في القاهرة و المحافظات و سجن الناجين منهم, بات يمهد الطريق لنفسه لتولي رئاسة مصر و حكمها كما حكم قبله عبد الناصر و السادات و مبارك في مصر و بورقيبة و بن علي في تونس و حافظ الأسد في سوريا. حافظ الأسد رئيس سوريا السابق و والد الرئيس الحالي بشار الأسد يبدو أنه ألهم السيسي خطته التي يقوم بتنفيذها. و عند قيامه بإنقلابه العسكري على الرئيس السوري الشرعي نور الدين الأتاسي سمى حافظ الأسد إنقلابه بإسم جميل هو الحركة التصحيحية و قدم نفسه كزاهد بالحكم و قام بتنصيب رئيس مؤقت طرطور للجمهورية اسمه أحمد الحسن الخطيب إستمر في هذا المنصب في الفترة ما بين 18 نوفمبر 1970 حتى 22 فيفري 1971. و خلال هذه الفترة كانت هناك مجموعات من عاشقي الذل و سقط المتاع من الشعب السوري تقوم بمسيرات يومية مطالبة حافظ الأسد بالترشح لرئاسة الجمهورية، و كانت تذيع الإذاعة السورية أغنية " تسلم يداك يا مُعَلِّمِ قود السفينة يا مُعَلِّمِ " مما (إضطره) كما قال فيما بعد للنزول عند الرغبة الشعبية و قبول تكليف الشعب له بهذه المهمة الشاقة، التي أمسك بتلابيبها حتى وفاته، بعد أن ضمن توريث ابنه بشار حتى اليوم. الذي يحدث اليوم في مصر نسخة مطاقة للأصل مع المزيد من الدموية و الحقد تجاه من يعارض الدكتاتور, عبد الفتاح السيسي مجرم و هو يهيئ لدكتاتورية ستكون أسوء من عهد مبارك. و يبقى أن نحمد الله بأن تونس تجاوزت هذه المرحلة نهائيا عبر القطع مع النظام السابق تدريجيا و إرساء مؤسسات ديمقراطية منتخبة و نجاح نوابنا في صياغة دستور توافقي يؤسس لدولة مدنية تحترم الدين و ترعاه و تكفل حرية المعتقد و التعبير.