أثارت القرارات القضائية الصادرة مؤخرا في قضايا بعينها و في توقيت مشبوه احتقان و غضب العديد من شباب الثورة و نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي.. ففي ظرف تعيش البلاد على وقع سلطة ترحل و أخرى لم تأتي بعد ، تصدر عديد القرارات و الأحكام المتعلقة بقضايا سياسية و قضايا الرأي و نذكر هنا توجيه تهمة القتل العمد للمتهمين في قضية عضو نداء تونس لطفي نقض و توجيه تهمة الفساد لوزير الخارجية الأسبق و القيادي بحركة النهضة رفيق عبد السلام في قضية وصفها البعض بالكيدية و المشبوهة..إضافة إلى الحكم الصادر اليوم و القاضي بالسجن ضد المدوّن و الإعلامي و الناشط السياسي ياسين العياري على خلفية قضية رفعها ضدّه الأمين العام السابق للحزب اللإجتماعي التحرري منذر ثابت… الانتقادات الموجهة للقضاء أو لجزء من المنظومة القضائية لا تتعلق بمضمون القضايا..فالأغلبية الساحقة من التونسيين تقر بوجوب استقلال القضاء و تريد قضاءا عادلا لا يتدخل في قراراته أحد و لا يوجهه أي طرف ، لكن المسألة تتعلق بشبهة ازدواجية المعايير و الكيل بمكيالين في بعض القضايا و انخراط بعض القضاة في اللعبة السياسية ..حيث لم نسمع قبل الحكم الصادر ضد ياسين ، و القاضي بسجنه ستة أشهر مع النفاذ العاجل ، بأي حكم بالسجن في عشرات بل مئات الحالات المشابهة أو الأكثر مسا بأعراض الناس..بل حتى نعتهم بأبشع النعوت و التحريض عليهم.. لا تكفي هذه الأسطر لسرد كل التصريحات و الخطابات التي تستوجب حسب ، بعض المختصين في القانون ، الإيقاف الفوري و التي مرّت مرور الكرام ، لكن يمكن فقط التذكير بتصريحات صاحب قناة الحوار الطاهر بن حسين و العضو السابق بحزب نداء تونس المحرضة على العنف ، و تصريحات القيادي بحزب المسار سمير بالطيب ضد رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ، و تصريحات زياد الهاني ضد شخص وكيل الجمهورية نفسه و تصريحات النقابي عدنان الحاجي و التي اعتبرت تحريضا واضحا على القتل..و تصريحات مباركة البراهمي…. يبدو أن الشكوك التي كانت تدور حول حقيقة استقلالية المنظومة القضائية و مدى خضوعها لعمليات الإصلاح تتعزز يوما بعد يوم…فلم نسمع حتى اليوم ببرنامج لمحاسبة من وزّع الأحكام بعشرات السنين على المعارضين للمخلوع ، و تورط مع مافيا الفساد و الاستبداد..بل نسمع بمحاسبة المدونين و الناشطين السياسيين بعد الثورة…في مقابل الإفراج عن رموز "الزمن الأسود" الواحد تلو الآخر… نرجو من شرفاء القضاء إنقاذ "مؤسسة العدل" في تونس و النأي بها عن كل الجاذبات و محاولات التوظيف من طرف لوبيات المصالح و شبكات الثورة المضادة…حتى لا نعود إلى مربع الاستبداد الذي لا يمكن أن يعود بأي حال من الأحوال…