مثلث برمودا منطقة شهيرة تقع في المحيط الأطلسي نالت شهرتها بسبب عدة حكايا وأبحاث نشرها كتاب في القرن العشرين تحدثوا فيها عن مخاطر تتمثل في فقدان عدد من السفن والطائرات التي مرت بها في ظروف غامضة غير أن عددا من الأبحاث تمكنت باعتماد مقاربة علمية لنفي هذه الأسطورة . مثلث برمودا عاد للظهور من خلال التشكيلة الأساسية لحزب حركة نداء تونس باكتمال رأسها الثالث محمد الناصر التكنوقراط الذي نزل من السماء نائبا للرئيس ، ولم يمر بهيكل أو بمؤسسة أو بمؤتمر انتخابي داخله . جاء من منزله ليرتقي فوق رؤوس المؤسسين التجمعيين والنقابيين واليساريين والعروبيين ليجد نفسه متربعا على عرش مسؤولية تؤهله لنيابة الباجي التي حلم بها البكوش ومرزوق والعكرمي وغيرهما من النساء والرجال الذين اصطفوا مؤدين آيات الطاعة والولاء للزعيم الملهم والقائد الأوحد الذي لايجرؤ أحدهم على نقده ولا حتى على مجرد الإشارة على أسلوبه الدكتاتوري في تسيير "حزبه " وهو الذي تربى بين أحضان "المجاهد الكبر " الذي يختزل الدولة بمؤسساتها ، في شخصه ، لايناقشه في ذلك احد إلا وناله منه السب والشتم والطرد والضرب بال "باكيتة" . الباجي الضلع الأول للمثلث ، شرع بعد في ترتيب بيت حزبه بتسريب كل من ملكت يمينه من تجمعيين ساحبا الغطاء عن بقية المكونات المترصدة ، والمكلفة بمهام دبلوماسية تمثيلية من قبل أحزابها الوطدية والشيوعية والبعثية ، للبحث عن موطئ قدم في السلطة يوما ما بحكم ضعف حظوظها الانتخابية في أحزابها الأصلية ، في انتظار تحقيق حلمه في استكمال مابقي له من مشوار بقرطاج . فوزي اللومي ، صاحب الصولات والجولات في النداء ، يمثل الضلع الثاني الذي يضخ الأموال ، ويؤسس الهياكل الموازية للتنسيقيات الجهوية ، ويستعمل البلطجية لتأديب المخالفين من الرفاق دون حسيب أو رقيب ، ولايدخل القياديون مقر حزبه إلا بعد موافقته ورضاه ، وهو بسبب ماتنفق يداه مبرّؤ من كل نقد ومحاسبة ، والسبسي يمكن أن يطرد أيا كان من حزبه في سبيل استرضاء الممول الرسمي وصاحب اليد الطولى في حزبه اللومي و…. اخته . الضلع الثالث تكنوقراط مستقل جدا إلى حدود أول أمس ، ملامحه توحي بالبراءة ، والحياد ، ونظافة اليد ، وخطابه السلس الهادئ الذي يعتمده لتنويم السياسيين والإعلاميين والناتج عن عمله في طاقمي بورقيبة وبن علي وحنكته الطويلة في السياسة ، وسراديبها وغرفها المظلمة ، والتي جعلت الهاشمي الحامدي يختاره ذات يوم ليكون رئيسا لحكومة يقترحها ( لعله الآن يقرع سن الندم عن اقتراحه ذاك ) ، وجعل التحالف الديمقراطي يراهن عليه في الحوار الوطني ( واعتذر عن ذلك اليوم ) . أما الجبهة الشعبية والنداء فهما غير مبرّئين من التحيل والمخاتلة والخديعة باقتراح محمد الناصر المحايد جدا ، والتكنوقراط جدا ، رئيسا للحكومة إبان الحوار الوطني وأصرا عليه إلحاحا ، غير أن حكمة النهضة وبعض حلفائها ، وحسن إدارتها لمشاركتها في الحوار الوطني جنبت البلاد مخاطر تسليم الحكومة لشخصية مستقلة ( من برة ) ، تجمعية / ندائية (من داخل ) . مثلث برمودا التجمعي الذي يدير نداء تونس ( السبسي / اللومي / الناصر ) هو من الآن فصاعدا الحاكم الفعلي للحزب والذي يمتلك الصلاحيات ، والقرارات ، وهو الذي سييسر الغزو النهائي للتجمعيين للنداء وإبعاد بقية المكونات الوطدية والبعثية والشيوعية المتسلقة ، والتي تم إيداعها مؤقتا بصندوق بطالة سياسية ( هيئة الثلاثين ) يهيء للثلاثي المرح المستقبل السياسي والحملة الانتخابية وسيغرق في برمودا النداء كل من يمتلك طموحات الصعود نحو النجومية والسلطة والقرار عدا من يرضى عنهم السبسي والناصر واللومي . لطفي