أثارت تصريحات القيادي في نداء تونس فوزي اللومي موجة من الاحتجاجات الرسمية والشخصية لما لها من تأثير على مستقبل الحزب، فهل يعكس اجتماع المكتب التنفيذي غدا حقيقة الخلافات داخل النداء؟ وتبرأ حزب نداء تونس بصفة رسمية من تصريحات اللومي الاخيرة على قناة حنبعل ضمن برنامج «الصراحة راحة» واعتبر حضوره بصفته الشخصية لا بصفته داخل الحزب كما استنكر تصريحاته ضد عدد من قيادات الحزب من بينهم خميس قسيلة وعبد العزيز المزوغي.
وكان اللومي تحدث بصراحة عن تواجد الدستوريين والتجمعيين داخل الحزب الذين يمثلون غالبيته حسب قوله اضافة الى اتهامه لقسيلة بالسعي لتدمير النداء وللمزوغي بالتشجيع على احتضان التجمعيين في الحزب كما لم ينف زيارة شقيقته الى اسرائيل وأوجد لها المبررات.
خليط النداء
ويتكون حزب نداء تونس من عناصر دستورية وتجمعية ونخبة من اليساريين والنقابيين اضافة الى منشقين جدد من احزابهم هذا الخليط الذي يبدو متجانسا في ظاهره على الاقل رغم ما يشاع من حين الى آخر عن صراعات اجنحة نفاها اكثر من مصدر داخل الحزب كما يسعى الباجي قائد السبسي الى التوفيق بين مختلف الاطراف عند توزيع المسؤوليات القيادية لتجنب المواجهة التي قد تنفجر في صورة اقصاء أي مكون .
واعتبر فوزي اللومي القيادي بحزب حركة نداء تونس واحد ابرز مموليه في تصريحات ان المنضمين الى الحزب من غير التجمعيين والدستوريين هدفهم تحقيق مكاسب شخصية والاستفادة من شعبية الحزب ولعل النقطة الاهم في تدخل اللومي هي رغبته في الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة في صورة اعتذار السيد الباجي قايد السبسي او حرمانه بتحديد السن القصوى دون عمره وهي النقطة التي استهجنها قياديو الحزب الذين لا يرون في اللومي الشخصية الثانية بعد السبسي اضافة الى ذلك اقر اللومي بزيارة امينة مال نداء تونس وهي شقيقته سلمى اللومي الى اسرائيل في زيارة عمل.
واعتبر اللومي ان تصريحاته شخصية ولا تلزمه الا هو ومع ذلك فقد عبر خميس قسيلة القيادي في نفس الحزب عن لا مسؤولية تصريحات اللومي واعتبرها مضرة بالحزب في ظرف حساس خاصة مع سعي الحزب الى التفاعل مع عدة احزاب وقوى سياسية خاصة ضمن الاتحاد من اجل تونس كما قال ل«الشروق» في تعليقه على تلك التصريحات «ربي يهديه».
صراع الاجنحة
ولكن المنعطف قد يأتي من وراء المساندين لفوزي اللومي في المكتب التنفيذي للحزب وهم كثر ومن أبرزهم الازهر العكرمي وبو جمعة الرملي ومنذر بلحاج علي وعادل الشاوش وعبد الرؤوف الخماسي وسعد الخميري وحفيظ الرحوي، هذا اضافة الى ما له ولعموم الكتلة الدستورية والتجمعية من إمدادات في الجهات الداخلية ومختلف الهياكل الجهوية والمحلية والقاعدية.
وستتجه الأنظار الى الموقف الذي سيتخذه الاستاذ الباجي قائد السبسي من هذه العاصفة التي ظهرت للعلن ويبدو ان أطرافها مصرة على ان تكون محطة فارقة في صراع التيارات والنفوذ داخل ابرز حزب معارض اليوم في تونس.
فأي مستقبل لحزب نداء تونس في ظل التجاذبات بين اكثر من طرف وهل يشفع الثقل المالي للومي في تبوؤ مسؤوليات أهم داخل الحزب خاصة بعد تزايد القاعدة الشعبية للحزب من بين القواعد الدستورية السابقة ؟ وهل يتم عزل اللومي مع وجود عدد هام من قيادات الحزب الذين يدعمون هذا التوجه؟ بوجمعة الرميلي : الباجي سيوقف الصراع ومشروعه ليس مطروحا للعب
اعتبر الاستاذ بوجمعة الرميلي القيادي في حزب نداء تونس ان ما بدر من فوزي اللومي تجاه خميس قسيلة غير مقبول حزبيا وان الخلافات الموجودة داخل الحركة من المفروض ان تكون عامل وحدة وليس تفرقة مؤكدا ان الاستاذ الباجي قائد السبسي هو من سيضع حدا للصراع الذي يدور منذ فترة في الحزب. وقال الرميلي في تصريح ل«الشروق» ان «فوزي اللومي استعمل في شأن خميس قسيلة الفاظا غير مقبولة، هناك قواعد للحوار والنقاش السياسي وهناك ضوابط الافضل ان يلتزم بها الجميع وحتى ان كانت لدينا انتقادات او ملاحظات يجب ان تبقى في حدود قوالب معروفة من ناحية الخطاب السياسي». وتابع «من حيث المحتوى طبعا نداء تونس ولد كبيرا وعندما يولد الجنين كبيرا له خصوصيات ولديه مشاكل الطفل والمراهق في نفس الوقت وبالتالي نحن واعون بأن هناك تعقيدات منذ بداية البناء وهذه الصعوبات مستعدون لندرسها بكل مبدئية وواقعية وبكل روح توافقية وبكل صراحة ودون تغطية المشاكل شرط ان من يطرح المشكل لا يجب ان يطرحه لمجرد الطرح وانما لإيجاد الحلول نحن لا نعرف ما هو الخلاف الى الآن ومازلنا نبحث عنه». وحول تركيبة الحزب المتنوعة قال «هناك فعلا مدارس وتوجهات مختلفة في الحزب ومرحبا بها وهي مصدر اثراء ولا يجب ان تتحول الى مصدر للصعوبات ونحن واثقون اننا سنتحكم في هذه الصعوبات بالرغم من انها محرجة نوعا ما نحن واثقون من انفسنا كمشروع وسوف نصل الى تغليب العقل في النهاية والوصول الى حل وطني لأن هذا الحزب هدفه الوحيد خدمة البلاد وهو ما يجعلنا محكومين بايجاد حل».
وفي رده عن مدى امكانية تاثير هذه الخلافات على شعبية الحزب قال بوجمعة الرميلي «بالعكس اتصور ان الناس خائفون على نداء تونس لأنه يحمل امل جزء كبير من الشعب لكن يجب أن لا نخفي ما يحصل من مشاكل داخلنا وما نؤكده للشعب اننا سنعمل جاهدين على ايجاد الدواء لهذه الآلام التي تظهر من هنا وهناك ونحن نريد ان يتواصل الخلاف لكن شرط ان يكون بهدف البناء وحول القضايا الكبرى لكن ان تأخذ هذه الصبغة هذا لا يجعلنا مرتاحين». وعن مدى امكانية ايجاد حل خاصة بعد خطورة تصريحات اللومي قال «نحن لدينا رصيد خارق للعادة وهو الاستاذ الباجي قائد السبسي وهو في الواقع رصيد وطني وبين بالمكشوف قدرته على العلو ووضع مصلحة البلاد فوق كل شيء وهو سيكون الحكم وسيجد الحل وسنساعده على تنفيذ الحل الذي يتوصل اليه، وامام مثل هذا الرمز الامور الاخرى تصبح ثانوية جدا وليس لها اي قيمة وتدخل تحت طائلة قرار الحزب». واضاف «الباجي يقول مصلحة الحزب فوق كل اعتبار وسيعمل على وضع الامور في نصابها ومن يعتبر انه لحقه ضيم من اي كان سيصلح الامور ويعيد الحوار الى مستواه مرحبا بالاختلافات والنقاشات حول القضايا الهامة لكن في اطار المسؤولية والحزب قيادة وقواعد لن يتحمل اكثر من ذلك في هذه الازمة الباجي سيقول كفى وسيتخذ كل الاجراءات ليكون هناك وقف نهائي لهاته المشاكل لأنه لديه مشروع وطني ليس مطروحا للعب».
اللومي: قسيلة بصدد تكوين عصابة وسيدمر الحزب
اتهم عضو الهيئة التنفيذية لحركة نداء تونس فوزي اللومي في تصريح أدلى به لإذاعة «شمس أف أم» خميس قسيلة، بمحاولته إفساد الحزب قائلا «إن قسيلة يهوى المشاكل وعُرف بذلك منذ أن كان في حزب التكتل من أجل العمل والحريات، حيث غادر الحزب بعد أن عمد إلى إحداث انشقاق فيه». وأشار اللومي أن الجميع في حركة نداء تونس ومنذ التحاق خميس قسيلة أقروا أنه «سيكسر الحزب»، مؤكدا أن قسيلة بصدد تكوين «عصابة» ويسعى إلى خلق المشاكل في نداء تونس. وفي ما يتعلق بتصريحاته الأخيرة التي أثارت جدلا داخل نواب حزب نداء تونس بالتأسيسي، اعتبر اللومي أن خميس قسيلة يقف وراء الحملة المُعلنة ضده في الحزب والتي بلغت ذروتها بتهديد نواب حزبه بالاستقالة إن لم يغادر فوزي اللومي الحركة. وبيّن فوزي اللومي أنه لا يوجد فرق بين الدساترة والتجمعيين، وأن الفرق يكمن على مستوى الحزب، معتبرا أن الحزب الدستوري كان حزبا ديمقراطيا لكن التجمع انعدمت فيه الديمقراطية.
وبخصوص مرشح حزب نداء تونس للانتخابات الرئاسية أكد اللومي أنه سيكون الباجي قائد السبسي باعتباره رئيسا للحزب، مبينا أنه في صورة تفعيل الدستور الجديد وعدم امكانية ترشح السبسي فإن مرشح نداء تونس سيكون أحد قياديي التحالف من أجل تونس. وصرّح اللومي أن لجنة الانتخابات في حزب نداء تونس قامت بتحاليل انتخابية أولية عن طريق عدد من الخبراء والفنيين، ونتائجها دلت على أن رئيس الجمهورية القادم سيكون من نداء تونس أو من التحالف الخماسي.