الشّاهد / تونس من المضحكات المبكيات أن يكون منشط الحوار الّذي يدّعي الحياديّة طرفا ضمن ذلك الحوار تراه يُدافع عن وجهة نظر معينة و يُفاطع ضيوفه لأجل تلك الوجهة ..هذا مأمست عليه شاكلة برنامج التّاسعة مساء لمعز بن غربية و مقولته الشهيرة عندما يعترض عليه الضيف “ان ماتريد تسويقه اعلاميا يامعز لا أساس له من الصّحة و الحقيقة “وذلك بعبارة -” معندكشي الحق باش تملي عليا شنوا لنعنديه في البرنامج”- لا نستغرب ذلك من إعلام بدا واضحا خروجه عن مسار الثّورة وشعارتها الكبرى التي نادى بها الثّوار في أوائل أيام الثّورة ولعل من ابرز تلك الشعارات “يسقط جلاد الشعب يسقط حزب الدّستور”…. معز بن غربية وبطريقة مبطنة غير مباشرة في كلّ مرّة عبر فقرته التاسعة مساء يحاول اعادة صياغة التجمع المنحل نداء تونس من خلال المجازفة بتلميع صورته لدى عامّة الأوساط الشعبيّة التي تضرّرت منه خلال فترات حكمه الممتدّة لأكثر من 50 سنة . ولكن تجري الرّياح بما لا تشتهي السّفن هكذا انتهت فقرة التاسعة مساء ليلة أمس عندما أخفق معزّ بن غربية في ادارة الحوار ومضمون البرنامج كما كانت تشتهي أفكاره نحو توجيه المشاهد لنقطة معينة ألا وهي تلميع شخص الباجي قايد السّبسي في ماينسب له بالارتباط في ملف اليوسفيّة و إعدامات محاولة انقلاب 1962، حيث استدعى في نهاية فقرته والتي كان مضمونها العنف السّياسي وأحداث جربة السّيد علي بن سالم وهو أحد كبار اليوسفيين لاستشهاده فقط حول دور السّبسي في ملف اليوسفية ، وحسب تعبيره اشار علي بن سالم أن الملف شائك ويحبّذ عدم الخوض فيه ضمن المعترك السّياسي خصوصا ان الملف تجاوزه الزمن ب50 سنة ولكن شدّد في الوقت نفسه على أهمية ملف اليوسفية من الناحية التّاريخية بمعنى اعادة ادراجه ضمن ارشيف وتاريخ تونس و تأريخه على وجه الحقيقة الكاملة دون استنقاص ولا زيادة وهو ما أكدت عليه المنظمة الوطنية للدفاع عن الحركة اليوسفية في مجمل بيانتها … وبعد مداخلة السّيد علي بن سالم التي قدرت ب 45 ثانية حول الحقبة اليوسفية وكان مضمونها حرفيا كالتّالي “الملف قديم لا قيمة له ان يعاد فتحه باعتبار تقادمه لأكثر من 50 سنة ولكن أهميته فقط من الناحية التاريخية” انتهت مداخلة السّيد علي بن سالم تلتها بالظبط كلمة السّيد حسين الجزيري الذي اقتصرت كلمته في الاعتراض على معز بن غربية في مسألة اليوسفيّة و أحداثها حيث اعتبر “أن الحديث عن تاريخ تونس لا يكون بطريقة السّرعة وفي الدقائق الأخبرة للبرنامج خصوصا ان ملف اليوسفية يعتبر ملف معقّد وشائك”. واعتبر الجزيري “أن سياق استدعاء وجه من رموز الحركة اليوسفيّة كشاهد اما لتبيض وجه السّبسي من ملف اليوسفيّة واعدامات مناضليها أو عكس ذلك ضمن مداخلة قصيرة في آخر البرنامج هو استنقاص لتاريخ تونس واستهتار به وتسويقه ضمن روئ أخرى لا تمثل حقيقة التاريخ التونسي ..” هكذا كانت مداخلة حسين الجزيري في الدقائق الأخيرة من فقرة التاسعة مساء ولكن ما لفت انتباه المشاهد هو أنّ معزّ بن غربيّة يخرج عن طوعه و يفقد أعصابه و يُقاطع حسين الجزيري و يقطع البرنامج وهو في قمة الغضب.. ويبقى السؤّال مطروحا متى نرتقي بإعلامنا سواء كان خاصا أم عموميّا نحو الحيادية و المصداقية فالحرفيّة؟؟