اصبحت في الآونة الاخيرة اغلب الموائد الاعلامية تقدم نفسها على انها الصف الاول في مواجهة الارهاب وقد دهشت ايما دهشة كيف انبرت كل الاقلام فجأة تتحدث بلسان وزارة الداخلية مقدمة لنا الوصفة السحرية لاستئصال ورم الارهاب الذي يتحرك حسب "ترموماتر" الحراك السياسي في الوطن واتفق الجميع على ان العلاج الامني هو الطريق الوحيد لاستئصال الارهاب بالعودة مجددا الي سياسة المخلوع في تجفيف المنابع ولعلهم بقصد او عن غير قصد يلوحون مستقبلا بضرورة نسف الجوامع بما انها على حد وصفهم السحري بيت القصيد ومنبع الارهاب وسائل الاعلام مرة اخرى او لنقل كعادتها لم تستطع التخلص من عقلية الاتباع والسيد الذي يملي وصفته وما على المحررين والمنتجين والمنشطين سوى تنفيذ الاجندة المعدة مسبقا وعلى مقاس واحد لا يحتمل التأويل او اعمال العقل ولو سألت اي احد منهم في المحصلة سيجيبك ان الحل الوحيد والاوحد في تخليص البلاد من هذا الشر هو تنفيذ وثيقة الرباعي الراعي للحوار بندا بندا وفاصلا فاصلا هذه هي مأساة بلدي ووطني حيث اصبح الاعلام واجهة لصناعة الارهاب عن قصد او عن غير قصد و يصبح الإعلام من حيث لا يدري شريكاً في الظاهرة السلبية، دون مراعاة لشعور الاجيال القادمة الي اصبحت تتغذي علي وقع الرسالة الخاطئة التي يبثها الإعلام بفعل هذه الممارسة ليست بأكثر من ترسيخ وتكثيف الإرهابي كبطل وقوات الامن – كضحية اما عن تاثير ذلك علي الاجيال القادمة فالزمن سيثبت صحته من عدمه اما عن تقديمهم لصورة عون الامن كضحية فقد بدات ملامحه تبرز علي السطح من خلال الحقد الدفين الذي اصبح يعتري اغلب قوات الامن تجاه كل من يلتحي بدرجة اولي وتجاه كل من يرتاد المسجد بدرجة ثانية وهو ما اثبتته شهادات اغلب الموقوفين علي شبكات التواصل الاجتماعي وهو ما اعاد من جديد تصوير وزارة الداخلية في اعلب عناوين التدوينات علي انها "وزارة ارهابية " وهو ما نسف تماما كل المجهودات المبذولة من قبل القائمين علي مصالح الداخلية بتقديم صورة عون الامن الجديد المحب لبلده وابناء وطنه والمتشبع بمبادئ المواطنة .. وهي برايي الشفرة الارهابية التي اصبح اليوم الاعلام يروج لها حين تستقبل الأجيال الفتية المراهقة هذا التنميط في العمل الإعلامي وهم في فترة وزمن عمري شغوف جداً بالشهرة والانتشار وتسويق الاسم: هنا يظهر الإرهاب بيئة مثالية للانتشار والظهور. يصبح المطارد الخفي أكثر انتشاراً وشعبوية وشهرة من السوي الوسطي المعلن. للاسف هذا حال اغلب ما تقدمه وسائل الاعلام ومن يخالف هذا النهج يصبح اما ارهابيا واما يشارك في تبييض الارهاب بالاعتماد علي تقنية الاقصاء مرة اخري والتشويه والتزييف لم تجرؤ مؤسسات الدولة وعلي راسها وزارة الداخلية علي فتح نقاشات وحوارات معمقة حول موضوع الارهاب تستهدف اولا واساسا فئة الشباب لفتح جسور تواصل معهم ..ومن المضحكات المبكيات ان الشباب سواء العون في الداخلية او الممتهن او العاطل حتي لو جلسوا في المقهي سويا لا يجرؤون علي فتح الملف للنقاش لم يجرؤ الاعلام علي فتح حلقات نقاش مع الشباب ونظرته للارهاب لم يجرؤ الاعلام علي تقديس صورة المواطن التونسي الناجح في العمل في البيت التونسي متوازن الشخصية الوسطي لم يجرؤ الاعلام علي دفع مؤسسات الدولة واحراجها ببذل مجهودات مضاعفة من اجل الانتاج ولا شئ غير الانتاج لعدة سنوات قادمة لم يجرؤ الاعلام علي الفصل بين عقيدته السياسية وعمله الصحفي المتجرد من كل خلفية بتقديمه للراي والراي الاخر لم يجرؤ الاعلام علي فضح منظومة الاستبداد التي جذرت الارهاب بالتصاقه بالفقر والتهميش والقهر لم يجرؤ الاعلام عن الاجابة لما يتحول التونسي الي ارهابي وعن مفارقة تعلقه بما وصلت اليه حضارة الغرب المتقدم من حرية وكرامة في مقابل تعلقه بهويته الاسلامية المتجذرة اكتب والقلم يعتصر مرارة انهم يصنعون الارهاب من جديد بل ويؤسسون له.. ما لم تتحرك الاقلام الصادقة وشرفاء الوطن نحو فتح حلقات نقاش موسعة توجه الشباب نحو بناء دولة الثورة لا دولة الاحزاب والرجل الاوحد الذي يقاوم الارهاب ..فتح حلقات نقاش موسعة من قبل الشرفاء.. كيف نبني وطنا للجميع.. كيف نتوحد في تطوير مؤسسات الدولة.. كيف تكون تونس قاطرة الامم عندها فقط سنتحرر من الارهاب ومن يقف خلفه .. ما دون ذلك ومما نشاهده اليوم من صناعة الاعلام للإرهاب عن قصد او جهل .. ما هو الا حلقة مفرغة مسقطة .. المتضرر الوحيد منها الوطن واجياله القادمون