شهر مضى على تسلم حكومة مهدي جمعة ، تواترت فيه أحداث خلفت تعاليق كثيرة تتعلق بمواجهة الإرهاب ، وبصيحات وزيرة السياحة في قلب الصحراء وحادثة الاعتداء بالعنف على الناشطين والصحفيين مساء الجمعة 28 فيفري 2014 سيظل أسوا إنجازات هذه الحكومة مالم تتدارك ، وتفتح تحقيقا يتحمل فيه الأمنيون الذين مارسوا العنف الشديد على مواطنين تونسيين يحتجون على عودة القبضة البوليسية العنيفة التي أرسلت رسالة سيئة للغاية حول مدى احترام دستور الثورة وحقوق الإنسان ، والحريات الأساسية بالبلاد . كل ماسلف من ( إنجازات ) واضح وباد للعيان ، وقد خاض فيه الكثيرون عبر واجهات إعلامية مختلفة ، لكن الخطير هو مايمارس في أقبية بعض الوزارات ، بتعليمات من وزراء حكومة " الكفاءات " ويتمثل في إعادة رموز الفساد إلى مواقع السيطرة على مفاصل الدولة ومواردها ، ومواقع التصرف في المال العام .والسيد شهاب بن أحمد وزير النقل في حكومة جمعة هو نجم هذه الممارسات على الإطلاق ، إذ أنه ومنذ استلامه لمهامه وقع تحت سيطرة لوبي يقوده مختار الحيلي كاتب عام جامعة النقل الذي يعلن انه من عين الوزير المذكور . السيد الوزير تلقى تعليمات من اللوبي بإقالة رئيس مدير عام الشركة الوطنية للنقل بين المدن (SNTRI ) بسبب تصديه لعمليات فساد بالشركة يقودها مديرون وقياديون في الاتحاد قاموا بانتداب خمس وثمانين موظفا وعاملا كلهم دون استثناء من أبناء مديرين ونقابيين على أنهم موسميين ثم حاولوا بعد ذلك بشتى الطرق الضغط على الوزير السابق ( عبد الكريم الهاروني ) ثم الرئيس المدير العام الحالي لترسيمهم جميعا ( بطريقة غير قانونية ) . ولما تشبث الرئيس المدير العام بعدم التستر على هذه القائمة المشبوهة والخضوع للتعليمات غير القانونية سلط مختار الحيلي ضغوطات على شهاب بن أحمد (الذي تربطه به علاقة قرابة) لإقالته وتسمية أحد مديريها (المشهور بالفساد ) عوضا عنه . كما أبلغ سي شهاب الرئيس المدير العام للشركة الجهوية للنقل بالساحل تعليماته القاضية بعودة كاتب عام نقابة الشركة الذي تم طرده عن طريق مجلس التأديب بسبب اعتدائه على المديرين و قيادته لحملة "ديقاج" ضد الرئيس المدير العام ضمن ما يسمى بأسبوع الرحيل وإرجاع الكاتب العام المطرود يوم الاثنين كهدية للمحتفلين بنجاح حملة الرحيل. علما وانه لا يمكن قانونيا لأي مسؤول أن يتراجع عن قرار لمجلس التأديب بقرار إداري أو سياسي ، ولا يمكن ذلك إلا عبر القضاء. وفي نفس السياق أصدر سي شهاب تعليمات لرئيس مدير عام ديوان البحرية التجارية والموانئ بإعادة النقابية الوطدية ثريا كريشان التي تم طردها أيضاً عن طريق مجلس التأديب بعد اعتدائها عليه (الرئيس المدير العام للديوان) ومحاولة طرده من مكتبه. هذا غيض من فيض للتوجه الممنهج للدوس على القوانين والخضوع لسيطرة بعض الجهات المشبوهة ، هو ما سيجعل وزير النقل الجديد محل مساءلة من قبل المجلس الوطني التاسيسي في قادم الأيام ، كما أهّله للظفر بلقب أسوإ وزير ( تكنوقرارات ) منذ الشهر الأول ، ولعل ملفات عديدة لم تكشف بعد عن حجم مايخضع له من ابتزاز وينفذه وكأن لديه رغبة جامحة لإغراق الوزارة في المفسدين والمعطلين سنعود لها بمزيد من التفصيل قريبا .