“بسم الله الرحمان الرحيم أصحاب السعادة، يطيب لي بمناسبة تقبلي أوراق اعتمادكم سفراء لبلدانكم الشقيقة والصديقة بتونس أن أرحب بكم متمنيا لكم طيب الإقامة بيننا ووافر النجاح والتوفيق في مهامكم. كما يسعدني أن أتوجه إلى قادة دولكم ببالغ الشكر وفائق التقدير لما يكنونه لتونس وشعبها من مشاعر المودة والصداقة راجيا لهم دوام السعادة والتوفيق ولبلدانكم اطراد التقدم والرقي. أصحاب السعادة، لقد أسسنا مشروعنا الحضاري في تونس علي جملة من القيم والمبادئ الهادفة إلى النهوض بالإنسان وتحقيق التنمية الشاملة المستدامة. وحرصنا علي ترسيخ المسار الديمقراطي التعددي وتوسيع مجال الحريات العامة وتعزيز منظومة حماية حقوق الإنسان والمشاركة السياسية وتثبيت أركان النظام الجمهوري ودولة القانون والمؤسسات ونشر قيم التسامح والاعتدال وتكريس ثقافة التضامن والتآزر. وسخرنا كل طاقاتنا وجهودنا الوطنية من أجل تعميق مسيرة الإصلاح والتطوير والتحديث وتحقيق التنمية العادلة والمتوازنة بين سائر الفئات والجهات والارتقاء بتونس إلى مصاف الدول المتقدمة. وان ما قطعته بلادنا من خطوات شاسعة علي درب التنمية والمناعة كان محل إشادة من لدن مختلف المنظمات والهياكل الأممية والدولية المختصة لاسيما فيما يتعلق بمؤشرات التنمية البشرية وحقوق الإنسان والأداء الاقتصادي والقدرةالتنافسية وتطور الإدارة والاستقرار الاجتماعي . وهو خير حافز لنا إلى مزيد العمل والمثابرة من أجل تعزيز هذه المكاسب وإثراء تجربتنا الديمقراطية وتحقيق أهدافنا التنموية بمشاركة كل الأحزاب والمنظمات وسائر مكونات مجتمعنا المدني معولين في ذلك على إمكانياتنا الذاتية وعلي علاقاتنا المتميزة مع الدول الشقيقة والصديقة وما تتمتع به بلادنا من ثقة ومصداقية على الصعيد الدولي. أصحاب السعادة، إن التحديات الناجمة عن التحولات العالمية والأزمة المالية التي طالت معظم الدول ولاسيما النامية منها تقتضي الإسراع بإرساء علاقات دولية أكثر تضامنا وتوازنا وقد سبق لبلادنا أن دعت في عديد المناسبات إلى تكريس قيم التضامن والتكافل في العلاقات الدولية . وهي التي بادرت في هذا المجال باقتراح إنشاء الصندوق العالمي للتضامن الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر ديسمبر من سنة 2002 كما دعت تونس إلى الحد من مظاهر التوتر والعنف والي فض النزاعات بالطرق السلمية والاحتكام للشرعية الدولية في حل القضايا العالقة . وتعزيزا لهذا التوجه ثابرت تونس على تكريس حوار الثقافات والحضارات والأديان ورفض كل أشكال الانغلاق والتطرف محذرة من مخاطر الإرهاب وداعية إلى مكافحتها والقضاء على أسبابها في إطار مقاربة دولية شاملة وسعيا إلى ترسيخ القيم الكونية المشتركة والتأسيس لغد أفضل للأجيال القادمة بادرنا بالدعوة إلى أن تكون سنة2010 سنة أممية للشباب تعقد خلالها ندوة دولية تحت إشراف الأممالمتحدة لاعتماد ميثاق عالمي للشباب مستندين في ذلك إلى نجاح تجربة الحوار الشامل التي أجريناها مع شبابنا في سنة الحوار مع الشباب والتي توجت بالتوقيع على ميثاق للشباب التونسي. أصحاب السعادة، لقد حرصت تونس على الاندماج في محيطها الإقليمي والدولي على الصعيدين الثنائي ومتعدد الأطراف لمزيد الارتقاء بعلاقاتها مع الدول الشقيقة والصديقة إلى مستوى الشراكة الفاعلة علاوة على تأكيد حضورها وتعزيز دورها على الساحة الدولية في نطاق التمسك بسيادتها الوطنية وخصوصياتها الثقافية والحضارية. وفي هذا السياق ما فتئت بلادنا تعمل بالتنسيق مع بقية الدول المغاربية على دفع مسيرة الاتحاد المغاربي واستكمال بناء مؤسساته وتركيز هياكله باعتباره خيارا استراتيجيا ومطمحا تاريخيا لشعوب المنطقة كافة. كما أننا نواصل العمل على تعزيز أواصر الإخاء والتعاون والتضامن مع الدول العربية الشقيقة وتفعيل آليات العمل العربي المشترك في مختلف الشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وانطلاقا من إيماننا بعدالة القضية الفلسطينية ودعمنا الثابت للشعب الفلسطيني الشقيق من اجل استرداد حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة تبذل تونس جهودا متواصلة لا سيما لدى الأطراف المؤثرة وعلى رأسها اللجنة الرباعية لحمل إسرائيل على وقف سياستها الاستيطانية . ووضع حد لمعاناة الشعب الفلسطيني ورفع الحصار عنه وتكثيف الجهود لتفعيل خيار السلام واستئناف المفاوضات على أساس المرجعيات الدولية والمبادرة العربية للسلام من اجل التوصل إلى حل عادل وشامل ودائم للقضية الفلسطينية من شأنه أن يعزز مقومات الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط ويحفز شعوبها إلى التفرغ للإعمار والتنمية. أصحاب السعادة، لقد بلغت علاقاتنا مع الاتحاد الأوروبي درجة متميزة يعكسها حجم مبادلاتنا مع هذا الفضاء الحيوي وما حققته اتفاقية الشراكة التونسية الأوروبية من نجاحات في شتى المجالات. أما في الإطار المتوسطي فقد سعت تونس إلى الانخراط الفاعل في مختلف مبادرات التعاون الأورومتوسطي وعملت على الارتقاء بعلاقات التعاون بين ضفتي المتوسط تعزيزا لمقومات الأمن والتنمية في هذه المنطقة. وأما فيما يخص قارتنا الإفريقية فان تونس تعمل على مزيد توطيد علاقات التعاون مع مختلف دول الاتحاد الإفريقي وتفعيل دور هذا الاتحاد في فض النزاعات بالطرق السلمية والإسهام في نشر الاستقرار والتنمية في بلدان القارة. كما أننا نسعى إلى مزيد تطوير علاقات بلادنا مع أقطار القارتين الأمريكية والآسيوية وتوظيف كل الإمكانيات المتاحة لتنويع مجالات التعاون والشراكة معها. أصحاب السعادة، إننا على ثقة بأن اعتمادكم سفراء بتونس سيسهم في تعميق التشاور والتنسيق مع بلدانكم الشقيقة والصديقة وسنحرص على توفير الظروف الملائمة لأداء مهامكم وتيسير سبل التواصل والحوار معكم بما يدعم علاقات التعاون القائمة بين تونس وبلدانكم. أجدد الترحيب بكم وأتمنى لكم الإقامة الطيبة ببلادنا والنجاح والتوفيق في مهامكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.