أخبار تونس– إن القرب الجغرافي والانتماء المشترك لمنطقة المتوسط فضلا عن التواصل المستمر بين الإيطاليين والتونسيين من بين العناصر الجوهرية التي ساهمت في إرساء علاقات ودية ومكثفة بين إيطاليا وتونس منذ سنوات طويلة ، منذ مولد الجمهورية التونسية عام 1956، في إحداث تنمية إيجابية للعلاقات الثنائية، التي زادت قوة لاحقا بعد انتخاب رئيس الجمهورية الحالي زين العابدين بن علي عام 1987. وقد تُرجمت علاقة الصداقة الكبيرة والتعاون المثمر بين البلدين على أرض الواقع في شكل عدد كبير من الزيارات الرسمية. وبدعوة من الرئيس زين العابدين بن علي يؤدي السيد سيلفيو برلسكوني رئيس الحكومة الايطالية يوم الثلاثاء 18 أوت زيارة صداقة وعمل لتونس. إذ تبدي إيطاليا وتونس رغبة مشتركة في التعامل مع أهم القضايا الدولية، وقد اعتُمد هذا التوجه عبر توقيع اتفاقية حسن الجوار والصداقة والتعاون بين البلدين عام 2003، حيث تنص الاتفاقية على دعم اللقاءات والمشاورات السياسية حول المواضيع الرئيسية الثنائية والدولية. ويقوم بين البلدين بحكم موقعهما الاستراتيجي في الفضاء المتوسطي تعاون اقتصادي، حيث تعد إيطاليا الشريك التجاري الثاني لتونس التي تعد بين أهم الأسواق للصادرات الإيطالية في المتوسط، إذ تحتل المركز الثاني في هذا الصدد بعد السوق التركية. وقد بلغ إجمالي حجم التبادل سنة 2007 نحو 5381 مليون يورو. ويشار إلى أن عدد المؤسسات ذات المساهمة الايطالية العاملة في تونس بلغ 700 مؤسسة صناعية منها 253 في قطاع النسيج و112 في الصناعات الميكانيكية والكهربائية و75 في الجلود والأحذية، تشغل ما يقرب من 50 ألف شخص، وباستثمارات إجمالية تبلغ نحو 103 مليون يورو. وتتوزع الاستثمارات الإيطالية في تونس على قطاعات الكيمياء والمطاط والكهرباء والالكترونيات والبناء والنقل والسياحة والميكانيكا والتعدين والصناعات الغذائية والزراعة والجلود وصناعة الأحذية. كما تنشط 21 مؤسسة مشتركة تونسية ايطالية في مجال الصيد البحري والفلاحة باستثمارات قيمتها 59 مليون دينار، توفر زهاء 50 ألف موطن شغل. ورغم صلابة الشراكة الاقتصادية القائمة، ثمة اهتمام كبير من قبل الشركات الإيطالية بدعم حضورها في تونس ومشاركتها في أعمال البنية التحتية المقرر تنفيذها من الجانب التونسي خلال السنوات القادمة في قطاعات متنوعة، مثل قطاع النقل البحري وخدمات المرافئ والطاقة والسياحة. إذ فازت شركات إيطالية عديدة في عطاءات هامة طرحتها السلطات التونسية في قطاع أعمال البنية التحتية مع توفر فرص جديرة بالاهتمام للشركات الإيطالية عقب اعتماد الحكومة التونسية للمخطط الحادي عشر للتنمية 2007- 2011، التي تتضمن استثمارات ضخمة في مشاريع عامة. ويعد قطاع الطاقة أحد أهم مجالات التعاون الاقتصادي المشترك. وقد أبرمت تونس وايطاليا في هذا الإطار اتفاقا يتعلق بالربط الكهربائي بين البلدين بقيمة أربعة مليار دينار تتكفل بانجازه كل من الشركة التونسية للكهرباء والغاز والشركة الايطالية لنقل الكهرباء. وفي قطاع المحروقات شكل وجود الهيئة الوطنية للمحروقات “ايني” أهمية كبيرة حيث تدير، عبر الشركة التابعة TTPC، خط أنابيب الغاز “ترانزميد” الذي يربط الجزائر بصقلية عبر تونس والذي يشهد في المرحلة الحالية أعمال دعم طاقته التي تنفذها شركة “سنام” SNAM . كما يعمل البلدان على تعزيز الشراكة في ما يتصل بمعالجة مسالة الهجرة في المنطقة. حيث انطلق الجانبان منذ عام 2000 في خوض تجربة مثمرة في تنظيم تدفقات الهجرة ومكافحة الهجرة السرية تخصص ايطاليا بموجبها حصة سنوية لدخول العمال التونسيين إلى أراضيها. ويمتد التعاون التونسي الايطالي إلى مجالات الثقافة والمحافظة على التراث والتعليم العالي حيث تعد المدرسة المتوسطية للدراسات المتقدمة في علوم تكنولوجيا الاتصال نموذجا للتعاون العلمي ومثالا يحتذى في الفضاء المتوسطي.