أخبار تونس– كانت تونس ولا تزال حريصة على تطوير علاقاتها مع بلدان القارتين الإفريقية والأمريكية لقناعتها بالأهمية الإستراتيجية لهذه البلدان على الساحة الدولية سياسيا واقتصاديا، فضلا عن سعيها لتنويع الشركاء ودخول الأسواق الواعدة واستكشاف فرص جديدة للتعاون. وشهدت السنوات الأخيرة انعقاد العديد من اللجان المشتركة بين تونس وهذه البلدان توجت بتوقيع مجموعة هامة من اتفاقيات التعاون في مختلف المجالات، إضافة إلى ارتفاع وتيرة تبادل زيارات كبار المسؤولين ورجال الأعمال والخبراء. كما لا تتخلى تونس عن المشاركة في أي لقاء سياسي إقليمي يجمع الدول الإفريقية أو الأمريكية أو القارتين معا. وتعتبر مشاركة تونس في القمة الإفريقية- الأمريكية الجنوبية الثانية الملتئمة بجزيرة مارغاريتا (فنزويلا) يومي 26 و27 سبتمبر 2009 خير مثال على الرغبة التونسية المتواصلة في تعزيز علاقات التعاون الفني مع هاته الدول ودعم مسار السلام في العالم. وقد أكد الرئيس بن علي أهمية ضمان انتظام الاجتماعات المشتركة بين الدول في مختلف المجالات دعما لجسور التواصل والتعاون المشترك لاسيما في هذه الظروف الدولية الصعبة التي تشهد تحولات عميقة وتحديات جسيمة خصوصا منذ بروز الأزمة المالية والاقتصادية العالمية واستفحال تفاقم التفاوت الاقتصادي والعلمي والتكنولوجي بين البلدان المتقدمة والبلدان النامية. كما دعا رئيس الدولة إلى تكثيف الحوار والتشاور حول مختلف القضايا التي تستأثر باهتمام المجموعتين وإلى إرساء تعاون متعدد الجوانب يعكس الإرادة السياسية في رفع التحديات والانخراط الرشيد في المنظومة الاقتصادية العالمية. كما بين في نفس الاتجاه ، مساندة تونس من أجل الارتقاء بالعلاقات بين دول الجنوب وتعزيز قدراتها على مواجهة تقلبات الأوضاع الدولية والتوقي من تداعياتها. إذ تستأثر الأزمة المالية والاقتصادية باهتمامات المجموعة الدولية اليوم نظرا لتبعاتها الخطيرة على النمو الاقتصادي العالمي والاستقرار الاجتماعي في معظم الدول مما يستوجب اتخاذ التدابير الكفيلة بالحد من تداعيات هذه الأزمة فضلا عن ضرورة إيجاد أفضل السبل للرفع من أداء الاقتصاد ودعم مناعة بلدان المجموعة وتحصينها ضد كل الهزات والتقلبات. وتمثل دعوة الرئيس بن علي إلى العمل على دفع حركة الاستثمار بين المجموعتين في الاتجاهين لاسيما في القطاعات الواعدة علاوة على تكثيف تبادل الخبرات في مختلف المجالات بهدف الاستفادة من الفرص والإمكانيات والكفاءات المتوفرة لدينا، يقينا منه بأهمية العمل المشترك وإيمانا منه بوحدة المصير. واعتبارا إلى أن تحقيق السلم والأمن والاستقرار في العالم شرط جوهري لدفع مسيرة التقدم والتنمية في جميع البلدان، فقد أكد رئيس الدولة حرص تونس على تأكيد موقفها المبدئي الداعي إلى ضرورة إيجاد تسوية سلمية وعادلة للنزاعات القائمة في إطار رؤية واقعية تعتبر أن بقاء هذه القضايا عالقة دون تسوية من شأنه أن يعمق إحساس الشعوب المعنية باليأس والإحباط ويثير لديها نزعات التطرف والإرهاب. وكانت تونس قد حذرت منذ سنة 1993 من خطورة هذه النزعات ودعت إلى الإسراع بمعالجة أسبابها والحد من انتشارها بواسطة مؤتمر دولي يعقد للغرض تحت إشراف الأممالمتحدة وتوضع خلاله “مدونة سلوك” تلتزم بها كل الأطراف. كما اتخذت العديد من المبادرات الرامية إلى إرساء حوار حقيقي بين الحضارات والثقافات يكرس القيم الكونية المشتركة بين الأمم كافة. كما اهتم المشاركون في هذه القمة بمشاغل الشباب وتطلعاته. وأكد الرئيس زين العابدين بن علي، في هذا السياق، ما توليه تونس من أهمية بالغة لمشاغل الشباب وتطلعاته، وهو الذي يمثل نسبة مرتفعة في التركيبة السكانية . كما بين الحرص على الإحاطة بالشباب وحمايته من كل أشكال الإقصاء والتهميش ووقايته من مخاطر الانغلاق والتعصب بما يرسخ لديه ثقافة التفتح والحوار والتسامح، مذكرا بدعوة تونس إلى وضع سنة 2010 تحت شعار “السنة الدولية للشباب” يعقد خلالها مؤتمر دولي للشباب يتوج بإصدار ميثاق مشترك يؤسس لمستقبل أفضل للشباب وللعالم. ويذكر أن أعضاء مجموعة ال 77 والصين الذين عقدوا اجتماعهم الوزاري الثالث والثلاثين بنيويورك قد عبروا عن إعجابهم ومساندتهم لمبادرة الرئيس زين العابدين بن علي الداعية إلى إعلان سنة 2010 “سنة دولية للشباب” وتنظيم ندوة دولية حول الشباب تحت إشراف منظمة الأممالمتحدة وبالتعاون مع المنظمات الدولية المعنية ندوة دولية يشارك فيها شباب العالم أجمع. وتحظى المبادرة الرئاسية علاوة على دعم مجموعة ال 77 والصين بمساندة البلدان العربية وبلدان أمريكا الجنوبية والاتحاد الإفريقي وحركة دول عدم الانحياز وكذلك المجلس الوزاري لمنظمة المؤتمر الإسلامي. وبذلك تؤكد تونس حرصها على إتباع سياسة خارجية مستندة إلى جملة من المبادئ تترجم مبادئها كدولة محبة للسلام ومتعلقة بالشرعية الدولية على تقوية أسباب التفاهم والتسامح والتضامن بين الدول والشعوب وإضفاء مزيد من العدل والديمقراطية والتوازن في العلاقات الدولية وتعميم الأمن والاستقرار والرخاء والتقدم لفائدة الإنسانية قاطبة. كما تعمل تونس على تصحيح الاختلالات القائمة في توازنات العلاقات الدولية وتكريس مبدأ التكامل في المصالح والشراكة المتضامنة وتركيز الجهد الدولي على معالجة القضايا والمشكلات ذات التأثير على استتباب السلم والأمن والاستقرار وتحقيق التنمية في العالم.