أخبار تونس في إطار الاحتفال باليوم الوطني و العالمي للمسن و الذي يتزامن مع غرة أكتوبر، انتظم صباح اليوم بتونس ندوة وطنية تحمل عنوان ” مكانة المسن في المجتمع التونسي” من تنظيم جمعية رعاية المسنين بتونس و ذلك تحت إشراف السيدة سارة كانون الجراية وزيرة شؤون المرأة و الأسرة و الطفولة و المسنين. وقد حضر هذه الندوة عدد من ممثلي الهياكل و المنظمات و الجمعيات التونسية. وتأتي مثل هذه التظاهرات و التي كانت قع سبقتها عدة أنشطة أخرى، في إطار الاحتفال بالمسن و إبراز مكانته في تونس حسب ما أشارت إليه السيدة الوزيرة عند افتتاحها للندوة . إذ عبرت في هذا السياق على أن هذه الشريحة العمرية في تونس، محل عناية متواصلة من لدن سيادة رئيس الجمهورية الذي حرص منذ فجر التحول على إيلائها المكانة التي تستحقها و أقر في هذا السياق مجموعة من الإجراءات و الحوافز التي تهدف إلى حماية المسن. إذ أن العناية بالمسن تمثل إحدى المقومات الهامة في مجتمع العدالة و تكافئ الفرص، أي مجتمع تسوده الشراكة و التسامح و الحوار و الترابط القوي بين أجياله. و كان اللقاء مناسبة بينت خلاله الوزيرة ارتفاع عدد المسنين في تونس. إذ بعد أن كانت نسبة المسنين تمثل 4.1 بالمائة سنة 1956، أصبحت اليوم تمثل 9.6 بالمائة و من المتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 11 بالمائة سنة 2014. و قد قامت تونس بالاستعدادات اللازمة للتصدي لهذه الظاهرة في ظل هذه النقلة في الناشئة منها الميدان الصحي والسكن والنقل... وبينت السيدة سارة كانون الجراية أن العناية بالمسن متواصلة و دائمة و ليست مقتصرة على يوم واحد. ولعل الإجراءات التي تم اتخاذها لضمان راحة هذه الفئة الاجتماعية تعتبر دليلا قاطعا على ذلك، من ذلك مثلا: العناية بالمراكز المخصصة لإيواء المسنين و توفير التغطية الصحية و الاجتماعية المتواصلة،إسناد منح للمسنين المعوزين و فاقدي السند و الذين يحملون إعاقة، تخصيص نوادي ترفيهية لهم... كما عرجت في كلمة توجهت بها للحاضرين على أن الدعم لا يزال متواصلا في مجال توفير الخدمات للمسنين و الدولة تشجع المتخرجين الشبان على الاستثمار لفائدتهم. و أحالت بعد ذلك الكلمة إلى السيد محمد العروسي الفهري رئيس جمعية رعاية المسنين بتونس و الذي ترأس جلسات الندوة. و تناول المختصون الذين شاركوا في تأثيث ورقاتها الخمس عدة جوانب هامة متعلقة بالمسن و وضعيته الاجتماعية في تونس. ذلك ما بينته السيدة نجاة ابراهمي في مداخلة أولى بعنوان ” مكانة المسن في التشريع التونسي” حيث تحدثت عما قام به المشرع لفائدة المسنين في تونس و تناولت أساسا مجموعة من النقاط الواردة بالقانون الصادر يوم 31 أكتوبر 1994 و الذي كرس مجموعة من التشريعات لا يمكن للمسن إلا تثمينها. و عرجت على حساسية حياة المسن و المخاطر المادية و المعنوية التي يمكن أن يتعرض لها. كما نبهت إلى أنه مع التقدم في السن يصبح هؤلاء الأفراد عرضة للعنف و النيل من كرامتهم و عرضة أكثر لأشكال التمييزمبينة أن المشرع وضع هذه التشريعات لحمايته و هو لا يقبل إيواء مسن في المركز دون موافقته الشخصية. أما المداخلة الثانية بعنوان ” منزلة المسن في المجتمع التونسي” فقدمها الأستاذ مصطفى النصراوي و تناولت أساسا جوانب أخرى مميزة. إذ حاول أستاذ علم النفس أن يبين أن المسن في تونس لا زال يحظى بمكانة لائقة وهو محل عناية موصولة. وهو لا يزال يمثل في المجتمعات التونسية و رغم مواكبتها و انفتاحها على مظاهر التطور، مصدر حكمة و رمز وقار. فهو حاضر في المناسبات العائلية و هو محل تحكيم في النزاعات و هو يساعد على رعاية الأبناء لتفرغه. و ذكر بأن المسن هو ” متحف” حامل لعدة رموز.. وأكد في ختام قوله أن المجتمع التونسي ليس مجتمع تقليديا و لا تحديثيا و يعطي للمسن مكانته. أما الأستاذ بلعيد أولاد عبد الله فتناول حياة المسن من جانب آخر مرتبط ب ” تعاقب الأجيال في المجتمع التونسي: بين الجذب و النفور”. و أهمية السعي في هذا الإطار لإقامة حوار متواصل بين مختلف الفئات العمرية. ولم تغيب الندوة دورالمجتمع المدني في النهوض بواقع المسن و الفرص المتاحة. و كان ذلك موضوع ورقة تم تقديمها في المداخلة الرابعة التي عرجت على سياسة حماية المسنين من قبل الدولة و توفير كل الظروف الملائمة ليعيشوا في وسطهم الطبيعي. و اختتمت المداخلات بورقة علمية تتناول أساسا الحياة الصحية والتي تشمل الجانب المادي و المعنوي للمسن. وقدم هذه الورقة العلمية الدكتور حاتم البريكي الذي أكد بالمناسبة أن الجميع يجب أن يساهم في هذه العناية. كما بين أنه يوجد بالمركز أطباء متطوعون بإمكانهم تقديم العون. ثم أكد على أهمية الالتفاف العائلي حولهم لتجنب العزلة و الإقصاء و التهميش و أي حوادث أخرى. و اختتم اللقاء بتكريم لبعض المناضلين من المسنين ومن أبناء الجمعية الشبان الذين قدموا خدمات جليلة للمسن نذكر من بينهم: رجاء بن ابراهيم و دلندة عبدو ومحمد الردادين و لمياء لزهر و سمير مرزوق موجهين الدعوة للحضور لمواكبة و حضور اليوم الترفيهي التثقيفي المفتوح الذي تنظمه الوزارة في إطار الاحتفال باليوم الوطني و العالمي للمسن. و عقب مختلف المداخلات وفي تصريح ل”أخبار تونس” بين السيد محمد العروسي الفهري أن” الجمعية منذ انبعاثها في أوت 2004 تقوم بمجهودات مكثفة للاهتمام بالمسن. وذلك من خلال العناية بمختلف جوانب حياته الاجتماعية و الصحية. إذ نهتم في هذا السياق بمختلف مشاكله الاجتماعية في إطار العائلة و نتدخل لفذ النزاع من خلال إقامة أيام تحسيسية في الغرض لدى الأطفال و الشباب خاصة، هذا فضلا عن رحلات ترفيهية. و لدى الجمعية 7 أطباء متطوعون و فريقين في تونس يتنقلون لتغطية مختلف حاجيات المسنين على مستوى تونس الكبرى خاصة.”