أخبار تونس- على امتداد ثلاثة عشر فصلا، عدد فصول “اعترافات” القديس أغسطين، أحد الكتب المفضّلة لياسين بطل الرواية، يتنقّل بنا حسونة المصباحي بين الأزمنة والأمكنة ، ومن دون أن يشعرنا بالدّوار الذي يمكن أن يسبّبه لنا مثل هذا التنقل... لقد اختار ياسين، الكاتب المغترب، أن يستقرّ في مدينة ميونيخ بألمانيا. وبعد سنوات طويلة، وجد نفسه أمام المجهول من جديد، فلم يعد قادرًا على التركيز والكتابة، بل أحسّ أنه يمكن أن يفقد لغته الأم التي كانت «وطنه السرّي» في الاغتراب. وبنصيحة من زوجته الألمانية التي انفصل عنها، يعود إلى بلاده ساعيًا إلى استعادة توازنه الروحي والنّفسي، وإلى بعث الحياة مجدّدا في اللغة التي تجمّدت، وأضحت عصيّة... هكذا اختار الناشر الشاب وليد سليمان تقديم الرواية الجديدة “رماد الحياة”، للكاتب والصحفي التونسي حسونة المصباحي التي صدرت مؤخرا عن منشورات “وليدوف” بتونس العاصمة في 182 صفحة من الحجم المتوسط وفي إخراج أنيق . في “رماد الحياة”، كتب المصباحي جانباً من سيرة ياسين الكاتب، الذي بدأ وعيه في قرية العلا غرب تونس، ثم قادته الموهبة إلى العاصمة، التي سرعان ما ضاق مشهدها الثقافي به، فيمَّم وجهه شطر الشمال الأوروبي. تسير الرواية وفق خطين سرديين، الأول تاريخي تُستعاد فيه محطات من تاريخ تونس وتُربط بمحطات تخص قبيلة البطل وعائلته. والثاني راهن ومعاصر يتتبع تفاصيل حياة البطل خارج أرض الوطن. ينفصل ياسين عن زوجته الألمانية التي تنصحه بالعثور على نفسه مجدداً في المكان الأول، البطل يعاني من عسرٍ في الكتابة، الكتابة نفسها هي البطل الخفي للرواية، يفتش ياسين عن الدعة والطمأنينة لعله يعثر على المعادلة التي ستفجِّر إلهامه من جديد، الهجرة إلى أوروبا كانت بحثاً عن اللغة، والعودة هي بحث معاكس للعثور عليها ف”الأوطان مهما قست على الفنان فهي دائماً مصدر إبداعه” تقول له زوجته ماريان. حسونة المصباحي كاتب وصحفي تونسي أقام في المانيا من 1985 الى 2004. صدرت له عديد الروايات منها “هلوسات ترشيش” و”وداعا روزالي” و”حكاية تونسية” إلى جانب مجموعات قصصية منها “حكاية جنون ابنة عمي هنية” التي أشهرت اسمه في الوسط الأدبية و “ليلة الغرباء” وقد ترجمت بعض أعماله إلى الألمانية والفرنسية والانقليزية والاسبانية. تحصل على جائزة “توكان” لأفضل كتاب بمدينة مونيخ 2000عن روايته “هلوسات ترشيش” واختيرت قصته “السلحفاة” كواحدة من أفضل خمس قصص قصيرة في القارة الإفريقية عام 2000 ونالت روايته “نوارة الدفلى” جائزة “كومار” التقديرية سنة 2004.