أخبار تونس مثل المعرض الوثائقي الذي انتظم تحت عنوان ” وفاء للرواد و التزام بدعم المجددين” و الذي سيمتد من 13 إلى 26 نوفمبر بقصر خير الدين، نافذة يندلف من خلالها الزائر للإطلالة على مائة سنة من المسرح التونسي من طور الفكرة إلى النشأة إلى زمن التجديد. أشرف على افتتاح هذا المعرض مساء أمس الجمعة 13 نوفمبر، السيد عبد الرؤف الباسطي وزير الثقافة و المحافظة على التراث بحضور الدكتور محمد المديوني رئيس اللجنة الوطنية لمائوية المسرح و السيد محمد إدريس مدير أيام قرطاج المسرحية وثلة من الرواد و النجوم المبدعين في العمل المسرحي في التمثيل و التأليف و الإخراج على غرار: المنصف السويسي و منى نور الدين وزهيرة بن عمار و أحمد السنوسي و علي الخميري و حليمة داود و ليلى الشابي و جمال ساسي و كوثر الباردي... وعدد من المبدعين من ضيوف الدورة و ممثلي وسائل الإعلام... وقد لبس المعرض حلة احتفالية استثنائية لتزامنه مع بدء فعاليات أيام قرطاج المسرحية في دورتها 14 تحت عنوان ” مسرح بلا حدود” و التي استقطبت عدة أسماء عربية و افريقية و غربية و الذين يشاركون تونس احتفالها بمرور مائة سنة على ميلاد أبي الفنون فيها و اكتست أجواء الافتتاح ثوبا احتفاليا خاصا إذ كانت مصحوبة بحفل تنشيطي صاحبه عرض بعنوان “فرسان المدينة” وموسيقى شعبية تونسية. و احتفى المعرض بذكرى صعود أول مجموعة من الممثلين التونسيين على خشبة مسرح روسيني في فعل تأسيسي رائد، إذ ذكر بجذور انبعاث أول خلية للمسرح في تونس و بجهود ظلت تتنامى على مدى قرن من الزمن عكست بقوة انخراط جيل التنوير و التحرير في مسار الحداثة و أيدت أهمية هذا الفن و رمزيته بمخلف أبعاده في إذكاء صحوة النهضة و الإصلاح. و قد عكس المعرض الذي انتشرت معالمه على عدة أجنحة في قصر خير الدين لتذكر بإسهامات الرواد و تضحياتهم من مراحل التأسيس إلى نضج التجربة المسرحية إلى حدود تطوير الفعل المسرحي مستعرضا دور كل الفرق من فرقة بلدية تونس و ما تلاها و مختلف الفرق الجهوية( الكاف/ قفصة/ المهدية/ القيروان...) و المسرح الوطني ومراكز الفنون الدرامية و المسرح الجامعي و المدرسي و مسرح الهواة... و قد تصفح مختلف رواد المعرض الذاكرة الوطنية المسرحية من خلال معرض يغطي مائة سنة جاء محملا بحيثيات انطلاق و تأسيس فرقة ” النجمة” من خلال رموزها و هم أساسا علي بن تركية و الأخوين محمود و أحمد بوليمان ومحمد بورقيبة و علي الخانقي و الهادي الأرناؤوط و سليمان الصحراوي و ذكر بأهمية المدارس الشرقية التي نهل منها المسرح التونسي في بداياته إذ هناك من الرواد من تتلمذ على سليمان القرداحي و نجيب الريحاني و يوسف وهبي...و من ذلك كان تأسيس “الجوق المصري التونسي” و فرق “الشهامة” و “الآداب” و “الاتحاد” و “الكوكب التمثيلي والمستقبل” و من ساندهم في ذلك مثل خليفة السطنبولي و حسن الزمرلي و مصطفى الكعاك... و قد أشع حضور المخضرمين بقوة أيضا في التجربة المسرحية التونسية و قد تجلى ذلك في المعرض، إذ واصلوا مسيرة البناء و أثروا التجربة المسرحية التونسية عبر جيل من الرواد طوروا تجاربهم من خلال الاحتكاك و التكوين بالمدارس والمسارح الفرنسية وهم محمد عبد العزيز العقربي و حمادي الجزيري و علي بن عياد في فرقة مدينة تونس...نوه المعرض بفضل مجموعة من المبدعين المسرحيين واصلوا المسيرة بعد وفاة علي بن عياد مثل محسن بن عبد الله و البشير الدريسي و عبد المجيد الأكحل و محمد كوكة و منى نور الدين. كما يدرك الزائر للمعرض سعي تونس إلى ترسيخ لا مركزية النشاط المسرحي و لعل من أبرز الأسماء في هذا المجال نذكر أهمية مجهودات المبدع المنصف السويسي الذي كان حاضرا بالمعرض و الذي تقاسم مع الحضور نشوة التأسيس لتجربة لامركزية الفرق المسرحية الجهوية. إذ كان لهذا الأخير و لازال دور كبير في إنشاء ركائز مؤسسة المسرح الوطني. كما تتجلى في المعرض أهمية تجربة محمد ادريس من المجددين و هو صاحب تجارب متعددة في المسرح الجامعي، فالمسرح الخاص، فالمسرح الوطني.br وقد حل البعض منهم بفضاء قصر خير الدين للإطلاع على التجربة المسرحية التونسية و الرواد المؤسسين و الجيل الجديد من المخضرمين و الذين لا يزالون في أوج العطاء و تجلت إبداعاتهم في تجارب المسرح الجديد على غرار فاضل الجعايبي و جليلة بكار و فاضل الجزيري. و لا ننسى في هذا السياق أهمية التجارب الأخرى و التي كانت حاضرة بالمعرض على غرار مسرح فو و المسرح العضوي و المسرح المثلث و مسرح الأرض و مسرح الديدحانة و التياترو و سندباد و مسرح الشراع و مسرح أرتيس و شركات إنتاج لكل من منى نور الدين وخديجة السويسي و ليلى الشابي و وجيهة الجندوبي و لكل من نسج على منوالهم و هم كثيرون و أثروا تجربة المسرح الخاص التي توسعت في تونس لتشمل ما بتاهز 150 شركة إنتاج مسرحي خاص. و الزائر للمعرض يستمتع بمختلف المعروضات من وثائق ( نص و صورة ) و ملابس لعدة ممثلين مثل: حمدة بن التيجاني و علي بن عياد و منى نور الدين... كما نجد بالمعرض جناحا للمسرح الإذاعي فضلا عما تم تخصيصه للمسرح الفرجوي و ذلك تحت عنوان ” رحلة الإبداع و الإمتاع”، إذ تم تخصيص جناح يستعرض أبرز الرواد في مجال التمثيلية الإذاعية ( مختلف الفرق التمثيلية للإذاعة التونسية من سنة 1963 إلى سنة 2009) من هواة و محترفين استحوذوا على اهتمام المستمعين أمثال حمودة معالي و البشير الرحال و الزهرة الفائزة و جميلة العرابي و عبد السلام البش و محمد بن علي و محمد الأكحل و دلندة عبدو و عز الدين بريكة و حسن الخلصي و نجيبة بن عامر و سلوى محمد... كما كان اللقاء مناسبة التقى فيها السيد الوزير كل من المخضرمين من المبدعين و الجيل الجديد و ثمن مجهود مختلف الرواد من المؤسسين لهذا الفن العريق الذي ساهم في رفع راية تونس في المحافل الدولية و أعطى لإسمها إشعاعا على المسارح العالمية.