أخبار تونس تعتبر الغابات إحدى أهم روافد تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، إذ تغطي الغابات و المراعي الطبيعية ثلث مساحة البلاد التونسية أي ما يعادل مليونا و230 هكتارا وهو ما يعطي نسبة غطاء غابي بقرابة 12.3٪ ولذلك تسعى تونس إلى إدخال ديناميكية على قطاع الغابات من خلال مجموعة من المجهودات الهامة للحفاظ على هذه الثروة الطبيعية. وقد مثلت الندوة الوطنية المنعقدة يومي 21 و22 ديسمبر بمدينة الحمامات مناسبة لإبراز آخر التطورات والحوافز التي أقرتها السياسة الوطنية في مجال تنمية هذه الثروة والاستفادة منها وذلك في إطار مشروع التعاون الفني مع منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة الفاو. وقد أكد السيد عبد السلام منصور وزير الفلاحة والموارد المائية عند اختتامه لأشغال الندوة أن الوزارة وضعت خطة استراتيجية وطنية لتنمية القطاع الغابي من خلال تكثيف عمليات التشجير وتشريك سكان الغابات في التصرف في الغابات وترشيد استغلال منتوجاتها وأشار إلى أن ذلك لن يتحقق إلا بمقاربة تشاركية يساهم فيها كل الأفراد وذلك من خلال المحافظة على الكساء الغابي والموارد الغابية. هذا وقد تم خلال الندوة التي استقطبت عددا هاما من ممثلي الوزارات والمستثمرين الخواص والخبراء والمختصين وممثلي جمعيات بيئية، تقديم إطار المشروع وأهدافه. وقد قام هذا المشروع الذي تبلغ تكلفته الجملية 270 ألف دينار وعلى مدار سنتي 2008و2009 بعدة خطوات رائدة في المناطق الغابية بكل من ولاية نابل وباجة وبنزرت وجندوبة وسليانة وزغوان. كما أن القطاع الغابي يوفر فرصا استثمارية هامة يمكن أن تساهم في دفع مسار التنمية الشاملة، إذ يصل عدد متساكني الغابات إلى حوالي مليون نسمة وهي بذلك تساهم في توفير الدخل لمئات الآلاف من السكان. ويساهم المشروع في دفع الاستثمار الخاص وخلق ديناميكية اقتصادية واجتماعية بالفضاء الغابي، وتتمثل خاصة في إعداد دليل حول إسناد اللزمات بملك الدولة الغابي ووضعه على ذمة المستثمرين الخواص ومجامع التنمية وجمعيات الصيادين. وتشمل نتائج المشروع إعداد نماذج من مشاريع تنمية متصلة ب4 مجالات لاسناد عقود اللزمات بملك الدولة للغابات وهي تخص التنمية الغابية الرعوية وتنمية الصيد وتنظيمه وبعث منابت إنتاج المشاتل الغابية وشبه الغابية وبعث المشاريع السياحية البيئية، كما تم استعراض كراسات الشروط الفنية المتصلة بمجالات إسناد اللزمات. هذا وتمت الإشارة إلى مختلف الحملات التحسيسية والدورات التكوينية لفائدة مجامع التنمية الناشطة في قطاع الغابات والجمعيات غير الحكومية والمستثمرين الخواص. وبالإضافة إلى مختلف هذه الجهود تم دعم قدرات المصالح الفنية بالإدارة العامة للغابات على النطاقين المركزي والجهوي في مجال ترسيخ مفهوم التصرف التشاركي في الموارد الغابية ولاسيما من خلال إحداث شبكة خبرات محلية، فضلا عن إرساء منظومة متابعة وتقييم. ولعبت هذه الندوة الوطنية دورا هاما في تفعيل الجهود والتفافها حول مزيد التحسيس والتوعية بأهمية الكساء الغابي في حفظ المنظومة البيئية أساسا والاجتماعية والاقتصادية، وقد تجلى ذلك في توصيات مختلف المشاركين والذين أوصوا بمزيد التشاور والتنسيق مع الشركاء والأطراف المعنية بالتصرف في الملك الغابي. كما مثلت الإحاطة بالمستثمرين الخواص ومراعاة مصلحة المتساكنين إحدى أهم التوصيات والتي نظرت أيضا في أهمية توفير الموارد المالية للمبادرات على ضرورة جعل الغابات عنصرا فعالا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وأضاف أن تحقيق الهدف يتطلب إدخال ديناميكية في قطاع الغابات تنبني على تجسيم التوصيات المنبثقة عن مشروع التعاون الفني لدعم إرساء آليات التصرف بالمشاركة من أجل تنمية مستديمة للغابات التونسية. وأشار إلى أن تنفيذ مشروع التعاون الفني مع منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة ( FAO) يجسد الأهمية التي تكتسيها الغابات في مجال التنمية ودورها في تحقيق التوازن البيئي والمحافظة على التنوع البيولوجي وحماية الموارد المائية. ونوه في نفس السياق بأهمية النتائج التي تم التوصل إليها في إطار المشروع مستعرضا مختلف التوجهات المستقبلية في إطار تحقيق التنمية في المناطق الغابية والجبلية التي سترتكز أساسا على النهوض بقطاع الغابات والعمل على الرفع في نسب الغطاء النباتي ومزيد التعريف بآليات الاستثمار الخاص مع يتلاءم وطبيعة الغابة، فضلا عن إدماج متساكني الغابات في البرامج الغابية من خلال التوعية والإرشاد حول سبل استغلال القطاع الغابي. هذا وأشار السيد عمر آية مزيان ممثل منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة من جهته إلى أن النتائج المنبثقة عن المشروع تمثل منطلقا هاما لتحديد مسار الاستثمار في القطاع الغابي مع مراعاة ضوابط التنمية المستديمة. وبين أهمية رسم سياسات غابية جديدة تمثل مقاربة استشرافية شاملة تعنى بكل الجوانب من تحديث القوانين وآليات التشارك والتوعية والإرشاد والاستثمار...بما يضمن ديمومة الغابات ويدفع التنمية الشاملة والمستديمة.