أخبار تونس – لا يزال الدين الأساس الأول لكل ثقافة اجتماعية إنسانية كما أنه يمثل المصدر الأول لمنظومة القيم الإنسانية والأخلاق الفردية والاجتماعية علاوة على أنه المحرك الأكبر في بناء المجتمعات وتأسيس الحضارات وفي ظل تطور وسائل الاتصال وعولمة الثقافة وظهور معايير جديدة أصبح من الضروري إيلاء التعليم الديني عناية خاصة من خلال تطوير مناهجه حتى يكون فاعلا في الحوار بين الأديان. وفي هذا الإطار تتنزل أشغال الندوة الدولية التي تنظمها جامعة الزيتونة بالتعاون مع المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة “الايسيسكو” حول “تدريس العلوم الدينية في مؤسسات التعليم العالي” وتناولت أشغال اليوم الأول للندوة بالبحث جملة من المحاور على غرار التعليم الديني بالبلدان العربية والإسلامية في عصر العولمة حيث أبرز الأستاذ إدريس مقبول من المغرب في محاضرته التي جاءت بعنوان “الدراسات الإسلامية : نحو تنسيب للمعرفة الدينية في أفق الانفتاح التداولي” أن الدراسات الإسلامية جزء من الدراسات الدينية مؤكدا أن علاقة المعرفة الدينية في الدراسات الإسلامية بالواقع علاقة جدلية فأي تحول في الواقع يستدعي تحولات في فهم النصوص وطريقة التعامل معها وأوضح أن الأديان لم تقدم صيغا نهائية لأنماط العيش وأشكال ممارسة الحياة أما الأشكال التطبيقية للممارسة الدينية فتظل أمرا تداوليا . وأشار إلى انه يجب التذكير بأن أحد أهم مداخل مواجهة ظواهر تطرف الفكر في العالم العربي الإسلامي هي مراجعة طبيعة الأنساق المعرفية الدينية التي تلقن بالمؤسسات التعليمية ومنها المؤسسات الجامعية. وفي مداخلته لاحظ الأستاذ محمد أبو الروايح من الجزائر أن بعض الباحثين يعتقدون أن العولمة فكرة مناهضة للدين ولكل ما يرمز إليه أو يعبر عنه معللين ذلك بان العولمة لا تضم في منظومتها المادية أية قيمة دينية. واستعرض المحاضر أهم معوقات التعليم الديني بالبلدان العربية والإسلامية في عصر العولمة والتي لخصها في قلة الوعي بحقيقة الدين وقدرته على التكيف مع الأوضاع الجديدة ومنها العولمة وغلبة المنطق المادي على التفكير الديني وعلى مختلف العلاقات والمعاملات الإنسانية في عصر العولمة بالإضافة إلى غياب المرجعية التعليمية والمراجعة المستمرة لبرامج التعليم الديني بحيث تكون أكثر انفتاحا على الحياة واشد تقبلا لها في ضوء مراعاة الخصوصية الدينية. ومن جهته تناول المطران مارون لحام أسقف الكنيسة الكاثوليكية بتونس نقاط الالتقاء التي يمكن أن تؤسس لحوار أكثر نجاعة وموضوعية في تحقيق المشترك الإنساني مؤكدا على أهمية احترام كرامة الإنسان والانفتاح على الآخر وتعزيز الحوار بين الأديان والثقافات . وفي ختام أشغال اليوم الأول من الندوة الدولية حول”تدريس العلوم الدينية في مؤسسات التعليم العالي” قدّم الأستاذ جمال حواوسة من الجزائر محاضرة حول “واقع وآفاق تدريس علم الاجتماع الديني بالجزائر” وأشار إلى أن تدريس علم الاجتماع الديني في الجزائر حديث النشأة وهو بالتالي يواجه عدة مشكلات معرفية وعلمية.