أخبار تونس - يشكل شهر رمضان فرصة متجددة للتونسيين لاستحضار المقاصد السامية للدين الإسلامي الحنيف الذي استعادت مناسباته وشعائره في عهد التغيير، وهجها الروحي وأبعادها العميقة دعما لهوية تونس وتجذيرا لانتمائها في محيطها العربي الإسلامي. ويعرف هذا الشهر الفضيل بتنظيم مسابقات لحفظ القرآن أبرزها مسابقة تونس الدولية لحفظ القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره والمسابقة الوطنية لحفظ القرآن الكريم التي أسندت جوائزها في دورتها الحالية إلى عدد من الطلبة والتلاميذ في سنة تحتفي فيها تونس وسائر بلدان العالم بالسنة الدولية للشباب. وتتنزّل الحركية المكثفة التي تشهدها بيوت الله خلال شهر رمضان، وما تتميز به من مسامرات ومحاضرات ودروس دينية وندوات في مختلف جهات البلاد في إطار الحرص على ترسيخ مقومات الدين الحنيف وإحياء مناراته وتكريس قيمه السمحة التي تحث على اقتران العبادة بالعمل، وتدعو إلى الوسطية والاعتدال والتسامح وتنبذ الغلو والتطرف. وفي السياق ذاته أسندت جائزة رئيس الجمهورية العالمية للدراسات الإسلامية هذه السنة إلى الدكتور إلياس بلكا من المغرب عن كتابه الذي يحمل عنوان ” مشكلات اختراق الأمة إلى سنة وشيعة .. الأصول والحلول” وهي جائزة تسند إلى كل شخص مادي أو معنوي تميز على الصعيد العالمي بإبراز ودعم الصورة المشرقة للإسلام. ومن أبرز القرارات التي عجل باتخاذها الرئيس زين العابدين بن علي، فور توليه شؤون البلاد، الانتقال بالكلية الزيتونية للشريعة وأصول الدين إلى جامعة زيتونية متكاملة الاختصاصات والمناهج بموجب قرار مؤرخ في 31 ديسمبر 1987 كما أعيدت إدارة الشعائر الدينية قبل أن ترتقي إلى كتابة دولة للشؤون الدينية سنة 1989 ثم إلى وزارة للشؤون الدينية سنة 1992. ويعتبر إقرار تلاوة القرآن الكريم، ليلا نهارا بجامع الزيتونة المعمور على مدار السنة ودون انقطاع، كذلك من أهم المبادرات التي اتخذها رئيس الجمهورية في هذا المجال والتي كان لها بالغ الأثر في نفوس زائري الجامع من التونسيين والأجانب. وشملت العناية بالشأن الديني في تونس، المجلس الإسلامي الأعلى وذلك من خلال إعادة النظر في تنظيمه وتركيبته فتم بمقتضى أمر مؤرخ في 9 جانفي 1989 الترفيع في عدد أعضائه وتوسيع مجالات اختصاصه ليعنى بالنظر في كل المسائل المتعلقة بالنواحي الفقهية والاجتماعية ويتقدم بمقترحات من شأنها أن تحصّن الأمة في دينها من التفسخ والانغلاق ومن كل ما يؤثر سلبيا في مقوماتها وأصالتها. وقد ازداد عدد المساجد في تونس من 913 سنة 1987 إلى أكثر من 1178 مسجدا اليوم. كما ارتفع عدد الجوامع من 1477 سنة 1987 إلى 3553 جامعا ليفوق عدد المساجد والجوامع التي شيدت في عهد التغيير عدد ما شيد منذ الفتح الإسلامي وفي المقابل تنامى عدد الإطارات المسجدية من 6070 سنة 1987 إلى أكثر من 17225 إطارا مسجديا حاليا. وقد تدعمّت المعالم الدينية ببناء جامع العابدين بقرطاج سنة 2003 وهو يعد من أبرز الانجازات الحضارية الإسلامية التي تحققت لتونس في العصر الحديث، لما يتمّيز به هذا المعلم الديني المقام على ربوة بقرطاج من طابع معماري وخصائص هندسية تجمع بين الأصالة والإبداع وبالتوازي مع رعاية المعالم الدينية، تم الحرص على رفع الآذان ونقل خطب الجمعة وصلاة العيدين، عبر وسائل الإعلام السمعية البصرية. من جهة أخرى تبذل إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم التي أحدثت خلال شهر رمضان من سنة 1428 هجري الموافق لسنة 2007 ميلادي، جهودا محمودة من خلال الحرص على تقديم برامج تعتمد أساسا على القرآن الكريم بنسبة لا تقل عن 80 بالمائة، إلى جانب الأحاديث النبوية الشريفة وقصص الأنبياء والأدعية والابتهالات وتلقين قواعد النطق والتجويد في الترتيل وذلك في إطار الربط التفاعلي مع الجمهور. كما تركز الجهد على النهوض بقطاع الكتاتيب وفق برنامج إصلاحي شامل ارتقى بالخدمات التربوية المسداة وجعلها رافدا من روافد مدرسة الغد لتكوين جيل جديد متشبع بالقيم الإسلامية النبيلة وقد تدعم إطار الكتاتيب بانتدابات جديدة في صفوف حاملي أستاذية العلوم الإسلامية من خريجي جامعة الزيتونة للتدريس بهذه الفضاءات التربوية. يجدر التذكير بإذن رئيس الجمهورية سنة 2001 بإحداث كرسي جامعي لحوار الحضارات والأديان، يساهم في النهوض بهذه الرسالة النبيلة ويتولى مد جسور التعاون والاحترام المتبادل بين الشعوب والمساهمة في غرس فضائل المحبة والتضامن بينها.