“محطات وأسماء في تاريخ المسرح التونسي” هو محور لقاء نظمته مساء الخميس دار الثقافة المغاربية ابن خلدون بالعاصمة في إطار الاحتفاء بمائوية المسرح التونسي.وشارك في هذا اللقاء نخبة من أهل الفن الرابع والنقاد حيث قدم الأستاذ محمود الماجري مداخلة تحدث فيها عن اهم المحطات التي طبعت الحركة المسرحية في تونس منذ السنوات الأولى للاستقلال إذ تم الحرص على تقريب الفعل المسرحي من الجمهور التونسي فكانت الدعوة سنة 1964 إلى إنشاء جمعيات مسرحية بالمعاهد الثانوية كانت بمثابة المدارس التكوينية في هذا المجال. وأشار المحاضر إلى أن هذه الجمعيات ساهمت بصفة فعالة في صقل مواهب شباب الستينيات الذي كان يتوق إلى تفجير طاقاته الإبداعية ورسم الخطوط العريضة الأولى للمسرح التونسي ومن بين هؤلاء الشباب علي بن عياد والمنصف السويسي وحمادي الجزيري وعلي اللواتي وفرج شوشان وتوفيق عبد الهادي. ولاحظ أن الانطلاقة الفعلية للحركة المسرحية في النصف الثاني من القرن العشرين ظهرت مع انتشار الفرق الجهوية منذ سنة 1967 والداعية إلى إيجاد مسرح جوال يعمل على كسب الجمهور وتعويده على متابعة الأعمال المسرحية التي كان اغلبها مقتبسا من الأعمال العالمية ومن بين هذه الفرق فرقتا قفصة والكاف. وأكد من جهة أخرى أن إشكالية المسرح اليوم لا تكمن في الإبداعية وإنما في كيفية توزيع الأعمال مبرزا أن نجاح أي مسرحية يقوم على توفير ثلاثة عناصر وهي المبدع والناقد والجمهور. وبالرجوع إلى تاريخ المسرح التونسي يؤكد المختصون أن سنة 1908 شهدت تكوين أول جمعية مسرحية أطلق عليها اسم “النجمة” وذلك من قبل نخبة من المسرحيين على غرار أحمد بوليمان ومحمد بن تركية والبشير الخنقي والهادي الارناؤوط المختص في التمثيل الصامت. وبقدوم الجوق المصري العربي إلى تونس برئاسة سليمان قرداحي في أواخر نفس السنة وتقديمه عديد الأعمال المسرحية جرى الاتفاق بين أعضائه وأعضاء النجمة على تكوين الجوق التونسي المصري في 2 جوان 1909. ويعتبر هذا التاريخ نقطة انطلاق المسرح التونسي حيث قدم هذا الجوق مسرحية “نديم أو صدق الإخاء” وقام بادوار البطولة فيها تونسيون وهم محمود بوليمان وسليمان بن جمعة ومحمد بن سعيدان والحبيب المانع واحمد بوليمان الذي يجمع بين التمثيل والإخراج والاقتباس وهو يعد من رواد المسرح التونسي الذين بعثت على أيديهم جل الفرق. وفي سنة 1910 تم تأسيس جمعية تونسية بحتة أطلق عليها اسم “الشهامة الأدبية” وترأسها علي عبد الوهاب وقدمت مسرحية “صلاح الدين الأيوبي”. وتبعا لهذه الحركة المسرحية التي شهدتها تونس تكونت جمعيتا الآداب العربية والشهامة العربية حيث أشرف على مجلس إدارتهما ثلة من رجال الثقافة والفكر في بلادنا من بينهم الشيخ عبد العزيز الثعالبي وعلي عبد الوهاب ورشيد بن مصطفى. وفي العشرينات اتحدت الجمعيتان لتشكيل جمعية التمثيل العربي التي نشط فيها عدد من الممثلين التونسيين تحت الإدارة الفنية لرجل المسرح المصري جورج ابيض مع الإشارة إلى أن جل الأزياء المستعملة في عروض هذه الجمعية مصدرها الرصيد الذي يمتلكه أحمد بوليمان. وببروز العديد من الأسماء والفرق المسرحية في الثلاثينات والأربعينات وخاصة في الخمسينات حيث حرص حسن الزمرلي على تكوين الممثل وأسس المعهد الوطني للتمثيل شهدت الحركة المسرحية في تونس نقلة نوعية بظهور أسماء ساهمت في إضفاء مسحة تجديدية أمثال محمد الحبيب ومحمد عبد العزيز العقربي وعلي بن عياد الذي يعتبر علامة مضيئة في المشهد المسرحي التونسي.