تولى السيد محمد الغنوشي الوزير الاول يوم الاربعاء بتونس افتتاح المنتدى الاقتصادى الافريقي في دورته الخامسة التي تنتظم تحت شعار ارساء خطة عمل من اجل تحقيق انتعاشة اقتصادية ودفع النمو على المدى الطويل بافريقيا ببادرة من البنك الافريقي للتنمية واللجنة الاقتصادية الاممية لافريقيا وذلك بحضور عدد من اعضاء الحكومة والمدير العام للمنظمة العالمية للتجارة ورئيس البنك الافريقي للتنمية. وابرز الوزير الاول في مستهل كلمته العلاقات المتميزة القائمة بين تونس والبنك الافريقي للتنمية والتي تتجلى من خلال قائمة المشاريع المنجزة بصفة مشتركة. واشار الى صمود بلدان القارة الافريقية امام تداعيات الازمة الاقتصادية والمالية العالمية اذ توفقت الى تحقيق نمو ايجابي بلغ 5ر2 بالمائة خلال سنة 2009 بفضل الحركية التي ميزت الطلب الداخلي والمساندة التي وجدتها لدى شركائها لا سيما البنك الافريقي للتنمية. واضاف ان افريقيا اثبتت اليوم قدرة فائقة على استرجاع نسق النمو حيث ينتظر ان تحقق نسبة نمو ب5ر4 بالمائة سنة 2010 و2ر5 بالمائة سنة 2011 ملاحظا ان هذه النتائج على اهميتها تبقى دون معدل النمو الذى تحقق قبل سنة 2008 اى 6 بالمائة كمعدل سنوى الى جانب تفاقم حجم البطالة التي شملت 4 ملايين شخص في ما بين 2007 و2009 وانتقال قرابة 10 ملايين شخص الى دائرة الفقر وتزايد حجم التداين الخارجي مما يجعل تحقيق الاهداف الانمائية للالفية امرا عسيرا. وبين ان كل هذه العوامل تدعو الى مضاعفة الجهد لتعزيز بوادر الانتعاشة ودعم النمو الذى تاكدت حاجة الدول الافريقية اليه خاصة وان القارة رغم التقدم التي سجلته خلال الفترة الاخيرة تبقى القارة الاقل تطورا اذ لا تساهم الا بنسبة 5ر2 بالمائة من الثروة العالمية و5ر3 بالمائة في حجم الصادرات الدولية رغم تجاوز عدد سكانها اليوم مليار ساكن اى 15 بالمائة من سكان المعمورة. ولاحظ السيد محمد الغنوشي ان التخلف ليس امرا حتميا ذلك ان التطور الذى سجلته اقتصاديات الدول الاسيوية يؤكد ان القضية هي مسالة روءية شاملة وارادة سياسية واستقرار وتركيز اصلاحات كبرى وناجعة اذ ان نسبة الخصاصة التي كانت تمثل 79 بالمائة في سنة 1981 بالنسبة لمجمل دول جنوبي شرق اسيا اصبحت تقدر ب18 بالمائة سنة 2005. واشار الى ان القارة الافريقية تتوفر على عدة مزايا ومنها حيوية شبابها واهمية الثروات الطبيعية التي تزخر بها ملاحظا ان تدارك التاخير المتراكم قصد تحسين مستوى العيش للسكان بصفة ملحوظة يقتضي تحقيق نسبة نمو سنوى ب10 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي على مدى سنوات عدة. وابرز السيد محمد الغنوشي ان عديد بلدان القارة الافريقية ولا سيما من بين دول شمال افريقيا ومنطقة جنوب الصحراء قد انخرطت بعد في هذا المسار مبينا ان رفع التحدى المطروح يقتضي تكثيف هذه التجارب الايجابية وتحقيق نسق نمو ارفع وتوسيع شبكة الدول الصاعدة من سنة الى اخرى. واضاف الوزير الاول ان هذا المسار يجب ان يستند الى جملة من المقتضيات يتمثل اولها في ارساء نظام حوكمة اقتصادية مجد مشيرا الى ان عدة بلدان افريقية اختارت الانصهار فى هذا التمشي وسجلت نجاحات ملموسة برزت خاصة من خلال احترام القانون والشفافية والاستقرار ووضوح الاجراءات وتوزيع الادوار بين القطاعين العمومي والخاص. واكد ضرورة ان تكون الشفافية في التصرف في الاموال العمومية وفي الموءسسات الخاصة هاجسا متواصلا مبينا ان الالتزام بقواعد السوق يعد احد الاساليب الاكثر نجاعة. ودعا الوزير الاول الى النهوض بالاسواق المالية التي تعد محركا اساسيا على ذمة السلطات بهدف دفع الاستثمار. واضاف ان ثاني المقتضيات يهم المراهنة على الشباب والتعليم وهو ما يتجلى من خلال كل التجارب الدولية ملاحظا ان تونس تعتبر انموذجا في هذا الصدد فقد كانت الاستثمارات في هذا المجال ذات مردودية كبيرة اذ فضلا عن اكتساب مهارات مهنية فان التعليم أسهم في تنمية روح المواطنة كما شكل التكوين في قطاع تكنولوجيات المعلومات والاتصال رهانا هاما في تونس باعتبار انه يساهم في تيسير نفاذ الشباب الى دورة الانتاج. ولاحظ ان اندماج هؤلاء الشبان في الدورة الاقتصادية النشيطة يتيح الفرص لبلدانهم لمواكبة التطورات التكنولوجية الدقيقة كما تبرهن على ذلك عديد التجارب على غرار تونس والمغرب ومصر وجنوب افريقيا وكينيا. ويعد الاستثمار في البنى التحتية وفق ما اكده السيد محمد الغنوشي من المتطلبات الاساسية اذ ان البنى التحتية من طرقات وموانئ بحرية ومطارات ومناطق لوجستية ومناطق صناعية مهيئة واقطاب تكنولوجية تمكن كلها من تحقيق التناغم والتكامل بين هياكل التربية والبحث والانتاج فيما تشكل شبكات الاتصال عالية الجودة شروطا ضرورية لدفع الاستثمار الاجنبي المباشر وبروز انشطة ذات قيمة مضافة عالية. وخلص الوزير الاول الى ان توفر بنية اساسية ملائمة يمكن ان يحقق زيادة بنقطتين في نسق النمو. واكد السيد محمد الغنوشي اهمية الجهود التي يتعين بذلها من اجل تطوير البنى التحتية الاساسية باتجاه ارساء المناخ المنشود الكفيل بافساح مجال الاستثمار للموءسسة وهو ما يعني كذلك اهمية رؤوس الاموال التي يجب تعبئتها لدى مؤسسات تمويل التنمية على غرار البنك الافريقي للتنمية والبنك العالمي وغيرهما بغية التعجيل باعداد وتمويل المشاريع ذات الاولوية في المجال. واضاف ان الشرط الاخر يتمثل فى ضمان الانفتاح التجارى واندماج الاقتصاديات الافريقية في الاقتصاد العالمي باعتبار ان امكانيات التجارة والاستثمار ما بين البلدان الافريقية غير مستغلة بالكامل الى حد الان اذ لا يتجاوز حجم المبادلات التجارية بين هذه البلدان 10 بالمائة بينما يصل بين الدول الاسيوية الى حدود 40 بالمائة اضافة الى ان الاستثمار بين الدول الافريقية لا يمثل سوى 13 بالمائة في حين يقدر ب30 بالمائة بين دول اسيا. واعتبر الوزير الاول ان الاندماج الاقليمي يعد مصدر نمو اضافي ملاحظا ان التجربة التونسية في المجال ذات دلالة باعتبار ان تونس احدثت منذ بداية سنة 2008 منطقة تبادل حر تام مع الاتحاد الاوروبي في مجال المنتوجات الصناعية وهي بصدد التفاوض لتوسيع الاتفاقات المبرمة الى انشطة الخدمات علاوة عن كونها طرفا في المنطقة العربية الكبرى للتبادل الحر بخصوص المنتوجات الفلاحية والصناعية الى جانب ابرامها اتفاق تبادل حر مع كل من تركيا والمغرب ومصر والاردن ومع عديد البلدان الاعضاء في المجموعة الاوروبية للتبادل الحر. وذكر في هذا الصدد بعديد الاتفاقيات التفاضلية التي تم توقيعها او هي بصدد التفاوض بشانها خاصة مع الجزائر وبلدان الاتحاد الاقتصادى والنقدى لدول غربى افريقيا وبلدان المجموعة الاقتصادية والنقدية لافريقيا الوسطى. وقال في هذا الصدد أن الدرس المهم الذى يمكن استخلاصه من هذا المسار هو أن التفتح كفيل بتحسين القدرة التنافسية. واضاف السيد محمد الغنوشي قائلا ان هذه السياسة قد مكنتنا في كل الاحوال من تنويع اقتصادنا وتعزيز قدرته التنافسية واتاحت للبلاد جعل التصدير رافدا مهما للنمو مضيفا ان بلدانا اخرى نسجت على نفس المنوال وحققت نتائج مماثلة. وأكد ضرورة تسريع نسق فتح الاسواق في اطار اتفاقيات متوازنة ومتكافئة تأخذ بعين الاعتبار تفاوت درجات النمو. ودعا الى دعم تشابك المصالح بين للمؤسسات وتنسيق السياسات والتشريعات وتطوير قنوات التواصل بين البلدان الافريقية وتنميتها بما يعزز موقعها واشعاعها على الصعيد الدولي. واكد اهمية ان يتطلع الجميع الى جعل افريقيا محركا جديدا للنمو في العالم قائلا //ان ذاك هو مطمح تونس وشعار الرئيس زين العابدين بن علي الذى تحدوه ارادة راسخة في ادماج الاقتصاد التونسي في الاقتصاد العالمي وتامين انصهاره في الفضاء الاورومتوسطي وتنمية مسالك ترسيخه في الفضاء الافريقي//.