أخبار تونس – احتل التضامن بمكوناته المتعددة منزلة رفيعة في تونس في السنوات الأخيرة حيث تم تكريس الحوار الاجتماعي ومقومات التنمية العادلة المتوازنة بالاستناد الى سياسات طوعية سخية تراهن على الإنسان غاية أولى للتنمية وتراهن أيضا على تفعيل القيم المرجعية النبيلة الراسخة لدى الشعب التونسي وفي طليعتها قيمة التضامن التي أضحت في عهد التغيير وبامتياز احدى دعامات الاستقرار الاجتماعي وأداة تنموية ناجعة على طريق بناء مجتمع العدل والتوازن. وانتهجت قيادة التغيير في ذلك مسارا للتأسيس لأنموذج جديد للتنمية الاجتماعية يستمد سنده المتين من القيم التي تميز الموروث الحضاري للشعب التونسي وذلك بالخصوص عبر ما طرحه الرئيس زين العابدين بن علي من رؤى ومقاربات وما بادر باحداثه من برامج واليات جعلت من التضامن رافعة قوية لتحقيق التنمية العادلة وترسيخ شعور المواطن بالامان وحفز ثقته بالحاضر والمستقبل. ويؤمن الرئيس زين العابدين بن علي بأنه "لا معنى للتنمية بدون توفير الكرامة للجميع" مثلما أكد على ذلك في خطاب في ذكرى خمسينية الاتحاد العام التونسي للشغل في 20 جانفي 1996 عمل بمثابرة منذ التحول وفضلا عن المخططات التنموية والبرامج الخصوصية على مصالحة التونسيين مع قيمهم وتقاليدهم الضاربة جذورها في تاريخهم الاجتماعي والحضاري ومن بين هذه القيم التي أعات إليها قيادة البلاد الاعتبار وشحنتها بمدلولات رمزية مكثفة قيمة التضامن التي شكلت العنوان الابرز للسياسة الاجتماعية في تونس التحول. وقد استهدف الرئيس بن علي عبر جهد سخي الارتقاء بأوضاع كل التونسيين وفي طليعتهم الاكثر احتياجا لمقاربة تنموية ذات وجه انساني لها مكانتها البارزة في وجدان التونسيين وفكرهم كما لها منزلتها البارزة في برامج السلطات العمومية ومكونات المجتمع المدني مما مكن من تطور مفهوم التضامن في تونس ليصبح قيمة دستورية اثر الاستفتاء التاريخي 26 ماي 2002 حول الاصلاح الدستوري الجوهري لسنة 2002 حيث تم ادراج التضامن ضمن الفقرة الثالثة من الفصل الخامس للدستور وذلك على النحو التالي "تعمل الدولة والمجتمع على ترسيخ قيم التضامن والتآزر والتسامح بين الافراد والفئات والاجيال". كما تحول مفهوم التضامن في تونس من مجرد عمل خيري في الاغلب نابع من مبادرات فردية محمودة إلى قيمة دستورية ثابتة وسياسة تضامنية شاملة ومندمجة تستند إلى منظومة متناسقة من البرامج والمؤسسات والآليات أهمها صندوق التضامن الوطني 26/26 والبنك التونسي للتضامن ونظام القروض الصغرى والصندوق الوطني للتشغيل 21/21 فضلا عن الاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي . ومكنت هذه الآليات الوطنية من الارتقاء بالعمل التضامني إلى مستوى "التنمية المتضامنة" التي تهدف إلى توفير مقومات التنمية الذاتية للمواطن من خلال مساعدة الافراد والفئات الهشة على الخروج من دائرة المساعدة إلى دائرة الادماج عبر العمل والانتاج. وكان لهذه المكانة الجوهرية للتضامن وطنيا الفضل في الحضور والاشعاع على الساحة الكونية عبر آلية دولية مبتكرة هي الصندوق العالمي للتضامن ومكافحة الفقر وهو هيكل رائد أتى احداثه منسجما مع روية الرئيس بن علي الداعية الى تنزيل التنمية في بعدها الاجتماعي الانساني مكانة بارزة على الصعيد الكوني. وكان الرئيس قد دعا في الكلمة التي توجه بها للقمة العالمية للتنمية الاجتماعية بكوبنهاجن في 12 مارس 1995 إلى وضع برنامج عملي شامل على المستوى الدولي "يولي التنمية الاجتماعية المكانة التي هي بها جديرة من خلال ميثاق يكون المرجع والاطار بالنسبة إلى الهيئات الأممية والمؤسسات الدولية الكبرى مثل البنك العالمي وصندوق النقد الدولي والمنظمات والمؤسسات الاقليمية والجهوية". وتستند هذه الرؤية إلى قناعة بأن الاصلاحات الاقتصادية مهما عظمت والتعديلات الهيكلية مهما استوفت من مقومات الفعالية تبقي قاصرة عن تحقيق التنمية المستديمة وتوفير الأمن والاستقرار وضمان التوازن الاجتماعي ونشر العدالة بين الناس.