تونس 2 نوفمبر 2010 (وات/ تحرير منذر بالضيافي) - احتل البعد الاجتماعي الإنساني بمكوناته المتعددة المتنوعة مكانة رفيعة ضمن خيارات الرئيس زين العابدين بن علي الذى ثابر منذ تحول السابع من نوفمبر على تفعيل الحوار الاجتماعي وتكريس مقومات التنمية العادلة المتوازنة مستندا في ذلك إلى سياسات طوعية سخية تراهن على الانسان غاية أولى للتنمية وتراهن أيضا على تفعيل القيم المرجعية النبيلة الراسخة لدى الشعب التونسي وفي طليعتها قيمة التضامن التي أضحت في عهد التغيير وبامتياز احدى دعامات الاستقرار الاجتماعي وأداة تنموية ناجعة على طريق بناء مجتمع العدل والتوازن. فقد اختارت قيادة التغيير التأسيس لمقاربة أو أنموذج جديد للتنمية الاجتماعية يستمد سنده المتين من القيم التي تميز الموروث الحضارى للشعب التونسي وذلك بالخصوص عبر ما طرحه من رؤى ومقاربات وما بادر باحداثه من برامج واليات جعلت من التضامن رافعة قوية لتحقيق التنمية العادلة وترسيخ شعور المواطن بالامان وحفز ثقته بالحاضر والمستقبل. فالرئيس زين العابدين بن علي الذى يؤمن بأنه "لا معنى للتنمية بدون توفير الكرامة للجميع" مثلما أكد على ذلك في خطاب خمسينية الاتحاد العام التونسي للشغل في 20 جانفي 1996 عمل بمثابرة منذ التحول وفضلا عن المخططات التنموية والبرامج الخصوصية لفائدة بعض الفئات المحتاجة للسند عمل على مصالحة التونسيين مع قيمهم وتقاليدهم الضاربة جذورها في تاريخهم الاجتماعي والحضارى. ومن بين هذه القيم التي أعات اليها قيادة البلاد الاعتبار وشحنتها بمدلولات رمزية مكثفة قيمة التضامن التي شكلت العنوان الابرز للسياسة الاجتماعية في تونس التحول. وبالفعل فقد أسس الرئيس بن علي عبر جهد سخي استهدف الارتقاء بأوضاع كل التونسيين وفي طليعتهم الاكثر احتياجا لمقاربة تنموية ذات وجه انساني لها مكانتها البارزة في وجدان التونسيين وفكرهم كما لها منزلتها البارزة في برامج السلطات العمومية ومكونات المجتمع المدني. الى ذلك فقد تطور مفهوم التضامن في تونس ليصبح قيمة دستورية اثر الاستفتاء التاريخي /26 ماى 2002 / حول الاصلاح الدستورى الجوهرى لسنة 2002 حيث تم ادراج التضامن ضمن الفقرة الثالثة من الفصل الخامس للدستور وذلك على النحو التالي //تعمل الدولة والمجتمع على ترسيخ قيم التضامن والتازر والتسامح بين الافراد والفئات والاجيال/. وبذلك تحول مفهوم التضامن في تونس من مجرد عمل خيرى في الاغلب نابع من مبادرات فردية محمودة الى قيمة دستورية ثابتة وسياسة تضامنية شاملة ومندمجة تستند الى منظومة متناسقة من البرامج والمؤسسات والاليات أهمها صندوق التضامن الوطني 26/26 والبنك التونسي للتضامن ونظام القروض الصغرى والصندوق الوطني للتشغيل 21/21 فضلا عن الاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي الذى عرف خلال سنوات التحول تطورا هاما في موارده وأساليب عمله وصيغ تدخله. ومكنت هذه الاليات الوطنية من الارتقاء بالعمل التضامني الى مستوى /التنمية المتضامنة/ التي تهدف الى توفير مقومات التنمية الذاتية للمواطن من خلال مساعدة الافراد والفئات الهشة على الخروج من دائرة المساعدة الى دائرة الادماج عبر العمل والانتاج. وبالاضافة الى هذه المكانة الجوهرية للتضامن وطنيا فان هذه القيمة الرفيعة كان لها بفضل مبادرة تونسية الحضور والاشعاع على الساحة الكونية عبر الية دولية مبتكرة هي الصندوق العالمي للتضامن ومكافحة الفقر وهو هيكل رائد أتى احداثه منسجما مع روية الرئيس بن علي الداعية الى تنزيل التنمية في بعدها الاجتماعي الانساني مكانة بارزة على الصعيد الكوني. ومن هذا المعين تبرز مقولة سيادته في الكلمة التي توجه بها للقمة العالمية للتنمية الاجتماعية بكوبنهاجن في 12 مارس 1995 والتي دعا فيها الى وضع برنامج عملي شامل على المستوى الدولي //يولي التنمية الاجتماعية المكانة التي هي بها جديرة من خلال ميثاق يكون المرجع والاطار بالنسبة الى الهيئات الاممية والمؤسسات الدولية الكبرى مثل البنك العالمي وصندوق النقد الدولي والمنظمات والمؤسسات الاقليمية والجهوية//. وتستند هذه الرؤية الى قناعة بأن الاصلاحات الاقتصادية مهما عظمت والتعديلات الهيكلية مهما استوفت من مقومات الفعالية تبقي قاصرة عن تحقيق التنمية المستديمة وتوفير الامن والاستقرار وضمان التوازن الاجتماعي ونشر العدالة بين الناس.