أخبار تونس - شرعت تونس في تنفيذ استراتيجية لإعادة هيكلة الاقتصاد التونسي والانتقال به من اقتصاد قائم على تصدير المواد المعملية (منتجات صناعات الميكانيك والكهرباء والإلكترونيك والنسيج والملابس والصناعات الغذائية) إلى اقتصاد مصدر للخدمات ذات القيمة المضافة العالية. ومن المنتظر أن يحقق قطاع الخدمات نموا سنويا بمعدل 7 بالمائة في الفترة ما بين 2009-2014 وأن ترتفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى 64 بالمائة سنة 2014 مقابل 5ر61 بالمائة سنة2009 كما ينتظر ان تبلغ نسبة مساهمته في إحداثات الشغل (وخاصة لحاملي الشهادات العليا) 5ر63 بالمائة سنة 2014 مقابل 4ر50 بالمائة حاليا. وأكدت تقارير دولية سلامة القطاع البنكي التونسي الذي تمكن بفضل تطوره من اعتماد القواعد الجديدة لمنظومة "بازل 2" وقد صنف التقرير الأخير لمنتدى دافوس الاقتصادي (2010-2011) القطاع البنكي والمالي التونسي في المرتبة الأولى إفريقيا وال 58 عالميا بعد أن كان في المركز 87 عالميا في تقرير العام السابق. كما انخفضت نسبة الديون المصنفة لدى البنوك التونسية إلى 2ر13 بالمائة سنة 2009 مقابل 5ر15 بالمائة سنة 2008 كما تحسنت تغطية الديون المصنفة بفضل المدخرات بنسبة 5ر1 بالمائة في الفترة مابين 2008-2009 لترتفع إلى 3ر58 بالمائة سنة 2009 بفضل تعزيز البنوك لجهودها في مجال تكوين المدخرات. وكان البرنامج الرئاسي "معا لرفع التحديات" قد أقر جعل تونس ساحة مالية اصلاحات بهدف دعم النظام المالي تتمحور حول اربعة عناصر وبخصوص المحور الاول فان البرنامج الرئاسي يستهدف خفض نسبة الديون المصنفة لدى البنوك التونسية إلى 7 بالمائة مع موفى 2014 والرفع من الرأسمال الأدنى للبنوك إلى 100 مليون دينار ويلزم البرنامج كل البنوك بتوفيٌر منظومة مراقبة داخلية لتقييم المخاطر وقد تعززت "حوكمة" البنوك التونسية بعد إرساء لجان مراقبة تضم أعضاء بمجلس إدارة كل بنك ووضع "مركزية إعلام" توفر للمؤسسات البنكية معلومات مالية ومصرفية دقيقة ومحينة. أما محور الاصلاح الثاني فيهدف الى تعميم الخدمات البنكية والارتقاء بجودتها التي تمثل الرافد الاساسي لتحقيق تنمية متناغمة ومتينة للنشاط البنكي بما في ذلك تطوير كل الاجراءات البنكية المتصلة بالسلامة والكلفة والنجاعة وسرعة العمليات البنكية علاوة عن بلوغ هدف احداث فرع بنكي لكل 7 آلاف ساكن في افق 2014 وذلك من خلال بعث 400 فرع جديد. ويتعلق المحوران الثالث والرابع بالاصلاحات في القطاع البنكي فيتعلقان باعادة هيكلة القطاع وتدويله من اجل بعث اربعة اقطاب مصرفية وسيكون القطب الاول ثمرة العملية الجارية لادماج بنك الاسكان والشركة التونسية للبنك والتي انطلقت بعد الدراسة حول جدوى الاندماج بين المصرفين وسيرى القطب المالي الثاني المتخصص في تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة النور في شكل شركة قابضة تحت تسمية "المبادرة" ويكون ثمرة تكتل الجهات المكلفة بتوفير خدمات التمويل والضمان والاستشارة لهذه المؤسسات ويتكون هذا القطب المالي من بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة والشركة التونسية للضمان علاوة عن حوالي سبع شركات استثمار ذات راس مال تنمية اقليمية او عمومية. واما القطب الثالث فهو "مصرف تونس الخارجي" اى الاتحاد التونسي للبنوك سابقا وسيساهم فى راس ماله الذى ارتفع الى قيمة 50 مليون اورو كل من بنك الاسكان والشركة التونسية للبنوك والبنك التجاري التونسي. وسينبثق القطب الرابع عن تجمع بين بنوك تونسية وليبية منها المقيمة وغير المقيمة بما يعني توحيد جهود بنوك البلدين وبحث افضل سبل ترشيد ماتسديه من خدمات. وهو قطب قابل للتوسع واستقطاب شركاء اخرين. كمكا ستتعزز هذه الجاذبية باحداث المرفأ المالي بتونس الذي سينجزه بيت التمويل الخليجي احد اكبر البنوك الاسلامية بمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا. وسيساهم هذا المركز الاول للنشاط المصرفي غير المقيم بشمال افريقيا بصفة فاعلة في تجسيم الهدف المتمثل في جعل تونس ساحة مالية اقليمية ويتوفر هذا المرفأ الذي ستتم تهيئته بمنطقة الحسيان الواقعة بمعتمدية قلعة الاندلس بولاية اريانة على بنية تحتية ولوجيستية عصرية وملائمة لاحتضان البنوك والخدمات المالية. وساعد دخول بنك الزيتونة السوق المالية على تنويع المنتوجات المصرفية على الساحة التونسية بفضل منتوجاته ذات الصبغة الاسلامية وذلك اضافة الى بنك البركة وفرع البنك الاسلامي الاماراتي "نور" وتعززت جاذبية الساحة المالية التونسية بوجود هيئات مالية بارزة مثل البنك الافريقي للتنمية وفروع البنك العالمي والبنك الاوروبي للاستثمار. ومن المنتظر استقطاب المزيد من المصارف الاجنبية من خلال تنمية السوق المالية وتعزيز دورها في تمويل المؤسسة الاقتصادية وتكريس الشفافية واحكام التصرف ولتجسيم هذا التمشي شرعت وزارة التجارة والصناعات التقليدية منذ ماي 2009 في تنفيذ برنامج نموذجي لتأهيل قطاع الخدمات يشمل في مرحلة أولى 100 مؤسسة تنشط في قطاعات الصحة وإسداء الخدمات للمؤسسات وتكنولوجيات الاتصال والمعلومات والنقل. ويمثل البرنامج مرحلة جديدة من الاصلاحات أملتها التحولات الاقتصادية العالمية ومنها بالخصوص المفاوضات الجارية صلب المنظمة العالمية للتجارة لتحرير مبادلات الخدمات ومفاوضات مماثلة تجري حاليا بين تونس والاتحاد الاوروبي. ويهدف البرنامج الذي يركز بالخصوص على الجودة والجوانب اللامادية (التصرٌف الاستراتيجي والتسويق والتجديد..) إلى مساندة ديناميكية التنافس والنمو لدى المؤسسات الخدماتية وتعزيز مردودية القطاع بما يساعد على رفع تحديات الاستثمار والتصدير وخلق الثروة وإحداث فرص شغل خاصة لفائدة خريجي التعليم العالي. ويتطلب تأهيل القطاع ضمان جودة الخدمات والرفع من قيمتها المضافة والنهوض بالموارد البشرية للمؤسسة وتطوير أساليب عملها بما يدعم تنافسيتها داخليا وخارجيا ويتيح لها الاستفادة من عامل القرب من الاتحاد الأوروبي في دفع التصدير وخلق الثروة وإحداث مواطن الشغل وخاصة لفائدة حاملي شهادات التعليم. وقد أعدت وزارة التجارة والصناعات التقليدية بالتعاون مع مركز الدراسات القانونية والقضائية دراسة حول تطوير الإطار القانوني لثمانية قطاعات خدماتية هامة. كما شرعت في تنفيذ دراسة تهدف إلى إرساء منظومة إعلامية توفر أحدث الإحصائيات والبيانات الخاصة بقطاع الخدمات في تونس. ومن أجل الرفع من القيمة المضافة للخدمات أطلقت وزارة التجارة والصناعات التقليدية خلال 2010 المكوٌن الخاص بارساء منهجية "ابتكار" ضمن برنامج التأهيل باعتبار الابتكار من المكونات الاستراتيجية لمساعدة المؤسسات على انجاز مشاريع مجددة وذات قيمة مضافة عالية. وستشمل هذه المنهجية في مرحلة أولى 25 مؤسسة خدماتية وسيتم تنفيذ هذه العملية في إطار التعاون بين وزارة التجارة والصناعات التقليدية و"برنامج دعم انشاء المؤسسات والتجديد" التابع لمكتب الوكالة الالمانية للتعاون الفني "جى تى زاد" بتونس. وينتظر أن يساعد برنامج التأهيل ومختلف الاصلاحات التي تم اقرارها لفائدة قطاع الخدمات على رفع مساهمة القطاع في المجهود التنموي الوطني .إذ من المتوقع ارتفاع الاستثمار في هذا القطاع ليبلغ 54 بالمائة من جملة الاستثمارات المسجلة في البلاد بنهاية 2014 (مقابل 49 بالمائة سنة 2009) وتطور مساهمته في الصادرات الجملية للبلاد إلى 30 بالمائة مقابل 5ر26 بالمائة خلال نفس الفترة. وستشهد الفترة القادمة إنجاز ميناء في المياه العميقة بالنفيضة وتهيئة مناطق لوجستية في التجمعات الحضرية الكبرى بكل من تونس وصفاقس وسوسة وجندوبة وقفصة وجرجيس وثلاث مناطق حول مينائي رادس والنفيضة واخرى بمنطقة جبل الوسط ويكتسي إحداث هذه المناطق أهمية بالغة باعتبار أن خفض كلفة الخدمات اللوجستية وتحسين نوعيتها وتقليص اجال تسليم البضائع وتيسير الاجراءات الجمركية ستكون من الرهانات التي يتعين على الاقتصاد التونسي رفعها خلال مرحلته الانتقالية نحو اقتصاد أكثر تنافسية. وينتظر أن تصبح تونس بعد استكمال تنفيذ مختلف هذه الاصلاحات والمشاريع قطبا متميزا للخدمات في جنوب المتوسط قادرا على الاستفادة من الفرص التي يتيحها الاقتصاد الجديد القائم على التجديد والابتكار.