صادق مجلس المستشارين خلال جلسة عامة عقدها صباح اليوم الثلاثاء بمقر المجلس برئاسة السيد عبد الله القلال رئيس المجلس على أربعة مشاريع قوانين. واستهل المجلس أعماله بالاعلان عن تسديد الشغور على اثر وفاة المستشار الطيب السحباني بتعيين السيد الصحبي البصلي خلفا له. وأدى المستشار الجديد اليمين الدستورية أمام رئيس المجلس وأعضائه. وأعرب بالمناسبة عن مشاعر فائق التقدير والامتنان لرئيس الدولة للثقة التي وضعها في شخصه بتعيينه عضوا بمجلس المستشارين مؤكدا التزامه بالعمل بكل تفان من اجل مصلحة الوطن. وقد ندد أعضاء المجلس في بداية أعمالهم بالتعاطي المغلوط لعدد من وسائل الاعلام الاجنبية خاصة قناة /الجزيرة/ مع أحداث سيدى بوزيد وتوظيفها لأغراض سياسية مبينين ان الجهات التي اعتمدت عليها هذه القناة في تغطية الأحداث جهات فاقدة للمصداقية. وأكدوا ضرورة تضافر جهود كل القوى الفاعلة فى تونس من أحزاب وطنية ومكونات المجتمع المدني من اجل التصدي للحملات التى تستهدف الاساءة للبلاد والتشكيك فى المسيرة التنموية الناجحة التي تشهدها مختلف الجهات. كما نوهوا بالاجراءات والمشاريع الرئاسية المعلنة مؤخرا بهدف مزيد دعم مسيرة التنمية بالجهات داعين الى الحرص على تنفيذ هذه المشاريع ومتابعتها وعلى الاستجابة لحاجيات المواطنين والارتقاء بظروف عيشهم وتوفير فرص التشغيل للشباب. وأكد المستشارون على ان منطق الحوار يظل السبيل لإيجاد الحلول الملائمة لكل الاشكاليات معبرين عن رفضهم العنف والاضرار بالممتلكات العامة والخاصة. وأشادوا في هذا السياق بالدور الذي تقوم به الأجهزة الأمنية لدعم الأمن والاستقرار وبالحرفية العالية التي تتميز بها والتي برزت من خلال قدرتها على تطويق الأحداث. ونظر مجلس المستشارين اثر ذلك في مشروع قانون يتعلق بإتمام أحكام الفصل 243 من مجلة الشغل وذلك بضبط عقوبات تتمثل في خطايا مالية لكل مؤجر مخالف لأحكام مجلة الشغل فى مجال الصحة والسلامة المهنية. وأشاد المستشارون بمشروع القانون الذي جاء تنفيذا لما اقره رئيس الدولة في برنامجه المستقبلي/معا لرفع التحديات/ من إرساء منظومة تشريعية متطورة في مجال الصحة والسلامة المهنية بهدف تعزيز الوقاية من المخاطر المهنية تفاديا لما ينجم عنها من أضرار بالموارد البشرية وضياع لايام العمل وخسائر مادية تتحملها المجموعة الوطنية. وفى مستهل كلمته أكد السيد الناصر الغربي وزير الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج على مواصلة العمل والجهد من اجل تحقيق الأهداف التنموية الوطنية وتجسيد ما جاء في البرنامج الرئاسي من أهداف. وبين ان مشروع هذا القانون جاء لسد فراغ قانوني ولإلزام المؤجر باتخاذ التدابير الضرورية لحماية العمال ووقايتهم من أخطار حوادث الشغل والامراض المهنية مشيرا الى ما سجلته الحوداث المهنية القاتلة من تقلص بنسبة 30 بالمائة بفضل الجهود المبذولة في مجال مراقبة اجراءات السلامة المهنية بالمؤسسات وتطوير أداء طب الشغل. وأفاد ان الوزارة تؤمن للشباب حديثي العهد بالعمل برامج تكوين في مجال السلامة المهنية وذلك حسب القطاعات والفئات، على غرار قطاع البناء . ثم نظر المجلس في مشروع قانون أساسي يتعلق بتركيبة المجالس الجهوية ويندرج في إطار تجسيم ما أذن به رئيس الدولة في الذكرى الثالثة والخمسين لاعلان الجمهورية لتمثيل أحزاب المعارضة ضمن المجالس البلدية بنسبة 25 بالمائة من مجموع أعضائها المنصوص عليهم بالفصل 6 من القانون الاساسي عدد 11 لسنة 1989 المتعلق بالمجالس الجهوية وذلك عند توفر ممثلين لهذه الاحزاب بالمجالس البلدية بالجهة وفقا لنتائج الانتخابات البلدية التي أجريت في 9 ماي 2010. ويهدف مشروع هذا القانون الى إضافة أعضاء من بين المستشارين البلديين المنتمين الى قائمات غير التي حصلت على العدد الأقصى من المقاعد بالمجالس البلدية بما يسمح لأحزاب المعارضة من تدعيم حضورها على المستوى الجهوي. وأكد المستشارون لدى مناقشتهم لمشروع هذا القانون الأساسي الحرص منذ التحول على التوزيع العادل والمتكافئ لثمار التنمية بين مختلف الجهات مشيرين الى ان مشروع القانون يعكس حقيقة الوفاق الديمقراطي الذي تعيشه تونس بفضل المقاربة التنموية الشاملة للرئيس زين العابدين بن علي ويبرز الارادة الثابتة في تشريك مختلف القوى الحية في العملية التنموية. وبينوا أن هذا المشروع يعكس كذلك ما تضمنه البرنامج الرئاسي //معا لرفع التحديات //من دعم لدور الجهات في العمل التنموي وتوسيع لمساحة التنوع السياسي بها وتساءل احد المستشارين عن أسباب عدم تشريك ممثلي المنظمات المهنية في المجالس الجهوية. وثمن السيد رفيق بلحاج قاسم وزير الداخلية والتنمية المحلية ما تضمنته تدخلات المستشارين من تنويه بابعاد مشروع القانون المتعلق بتعديل تركيبة المجالس الجهوية باعتباره لبنة هامة في مجال ترسيخ التعددية بهذه المجالس وتكريس الخيار الثابت الذي رسمه الرئيس زين العابدين بن علي منذ التحول من اجل دعم مقومات الديمقراطية المحلية. واستحضر الوزير في هذا الإطار الاصلاحات العديدة التي اذن بها رئيس الدولة بهدف التقدم بمسيرة التنمية الشاملة بكافة أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية مبرزا المكاسب والانجازات التي شهدتها بفضل هذه الاصلاحات مختلف الجهات بدون استثناء او تمييز بما يجعل منها أقطابا تنموية نشيطة ومنوها بالمكانة البارزة التي تحظى بها الجهة في البرنامج الرئاسي //معا لرفع التحديات// في اطار الرؤية المتجددة للتنمية الجهوية على درب إحكام إدماج مختلف الجهات ودعم تكاملها . كما ابرز الوزير مختلف القرارات والاجراءات الرائدة الواردة في بيان سيادة الرئيس بمناسبة الذكرى 23 للتحول المبارك وكذلك الخطة التي اقرها سيادته في المجلس الوزاري المضيق يوم 15 ديسمبر الجاري والمتعلقة بالتنمية الجهوية للولايات الداخلية والمقدرة كلفة مختلف عناصرها ب6500 مليون دينار. وبين ان هذه الخطة تهدف الى بعث حركية اقتصادية في هذه الولايات ودعم التشغيل وتحسين نوعية الحياة وتوفير مصادر الدخل وتنمية التجمعات الريفية المحيطة بالمدن في إطار دعم مسيرة التنمية الشاملة بالبلاد . كما نظر مجلس المستشارين في مشروع قانون يتعلق بتنقيح وإتمام القانون عدد 40 لسنة 1972 المؤرخ في أول جوان 1972 والمتعلق بالمحكمة الادارية. ويمثل هذا المشروع مرحلة هامة في مجال إصلاح القضاء الاداري حيث يكرس حق الطعن بالتعقيب في الاحكام الصادرة في مادة تجاوز السلطة. كما يشتمل على أحكام تتعلق بتقليص آجال البت في القضايا إضافة الى تحديد الآجال المرتبطة بتقديم مطالب الإعانة القضائية لدى المحكمة الادارية ونظر المجلس في ذات السياق في مشروع قانون يتعلق بالاعانة القضائية لدى المحكمة الادارية التي ترمي أحكامه الى تعزيز حق التقاضي في مادة النزاعات الادارية. ولدى مناقشتهم لمشروعي هذين القانونين اكد المستشارون أنهما يتضمنان عديد المقتضيات الجديدة الرامية الى تكريس حق المواطن في التقاضي امام المحكمة الادارية وتمكينه من الانتفاع بالاعانة القضائية بما يقيم الدليل على ما تشهده حقوق الانسان في تونس من تطوير مستمر وحرص على الإحاطة بالفئات الضعيفة. وأشاروا الى ان مشروع قانون الاعانة القضائية ينص على عديد الاجراءات التنظيمية المتصلة أساسا بتسجيل المطالب وتركيبة مكتب الاعانة القضائية والضمانات المخولة لطالب الإعانة عند البت في مطلبه بالإضافة الى التنصيص على مبدأ حرية اختيار المتقاضي المنتفع بهذه الاعانة لمحاميه. وفي تعقيبه على تدخلات المستشارين ابرز السيد عبد الحكيم بوراوي الكاتب العام للحكومة المكلف بالعلاقات مع مجلس النواب ومجلس المستشارين ان البت في القضايا الادارية يشهد بعض البطء في الطور الابتدائي بسبب ارتفاع عدد القضايا وهو ما لذلك فقد تم إحداث 7 دوائر ابتدائية تابعة للمحكمة الادارية. وبعد ان بين ان آجال البت في قضايا الاستئناف والتعقيب هو اقل من سنة وهو ما يعتبر مقبولا قياسا بالمعايير الدولية في المجال أوضح السيد عبد الحكيم البوراوي ان مشروعي القانونين يمثلان إضافة في صرح منظومة حقوق الإنسان باعتبارهما يدعمان الحق في التقاضي أمام المحكمة الادارية ويعززان الأخذ بيد ضعاف الحال تكريسا لهذا الحق.