شهد الاسبوع المنقضي عديد الاحداث الساخنة والمحورية سواء على الساحة السياسية التونسية او العالمية منها ما يدور في جبل الشعانبي من مواجهة مع اطراف ارهابية اصيب فيها عدد من عناصر القوات المسلحة كما شهدنا اعلان رئيس حزب نداء تونس نيته الترشح للرئاسة. من هو العجمي الوريمي؟ - من مواليد سنة 1961 بشط مريم من ولاية سوسة ، التحق بالجامعة التونسية سنة 1981 طالبا بشعبة الفلسفة في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتونس العاصمة. - عرف بنباهته وتفوقه في المجال الدراسي، كما عرفته ساحات الجامعة التونسية مناضلا وخطيبا مميزا ، قاد مع زملائه في قيادة الاتجاه الإسلامي بالجامعة التونسية معركة الصراع الفكري والايديولوجي ضد مجموعات اليسار الماركسي الستاليني ومعركة التنظيم الطلابي ضد هيمنة السلطة حتى استهدف بالاغتيال في مجزرة كلية الآداب بمنوبة في شهر مارس 1982. - إثر توفق الاتجاه الإسلامي بالجامعة وحلفائه في شهر أفريل 1984 إلى تأسيس الاتحاد العام التونسي للطلبة الذي كان ل"هيثم" (وهو الاسم الذي عرف به العجمي الوريمي في الجامعة) دور بارز فيه تعرض هذا الوريمي إلى الطرد من الجامعة فالتحق سنة 1985 بكلية الآداب بالرباط في المغرب حيث واصل دراسته حتى حصوله على الإجازة في الفلسفة بتقدير جيد جدا. - عاد سنة 1988 ليستأنف دوره في قيادة الاتجاه الإسلامي بالجامعة رئيسا لمكتبه السياسي وناطقا باسمه، مسؤولا عن تحرير جريدته الأسبوعية "الحدث الطلابي"وعضوا في المكتب السياسي لحركة النهضة وعند صدور جريدة "الفجر" التحق بهيئة تحريرها مسؤولا عن القسم الجامعي الشبابي والشؤون الدولية. - إثر اعتقال المهندس علي لعريض الناطق باسم الحركة، والمهندس حمادي الجبالي المدير المسؤول عن جريدة "الفجر" انتدب هيثم في فيفري 1991 لعضوية المكتب التنفيذي لحركة النهضة ورئيسا لمكتبها السياسي. اعتقل في مارس 1991 ومورس عليه تعذيب شديد حتى فقد الوعي والذاكرة وظل على ذلك الحال عدة أشهر دون علاج ، وحوكم ضمن قيادة النهضة في جويلية 1992 أمام القضاء العسكري وقد صدر في حقه حكم بالسجن مدى الحياة وغادره سنة 2007. - عضو الهئية التاسيسة لحركة النهضة التي باشرت العمل بعد الثورة بصفة علنية وعضو المكتب التنفيذي الحالي للحركة رئيساً للمركب الثقافي والشبابي والتربوي. تونس- الشروق: شهدنا خلال هذا الاسبوع تقديم ضيفنا اليوم لمبادرة لوقف الاضرابات خلال ما تبقى من السنة الحالية وعلى الصعيد الدولي كان الحدث البارز هو اقدام قوات الاحتلال الصهيوني على قصف الأراضي السورية، كل تلك الاحداث يعلق عليها اليوم الاستاذ العجمي الوريمي: - احداث الشعانبي بالنسبة للمتابع الدقيق للأوضاع في بلادنا والمطلع لا يفاجأ بأحداث الشعانبي فمنذ شهر ديسمبر الفارط اثر مواجهة مع مسلحين بدأت عملية تمشيط دورية وروتينية للمنطقة وبالتالي يمكن اعتبارها منذ ذلك الحين في دائرة الضوء والاهتمام البالغ للأجهزة الامنية ولجيشنا الوطني. هذا بالطبع لا يعني ان الموضوع بسيط او سهل او لا يدفع الى الانشغال فالأحداث الاخيرة اولا بينت اجماعا وطنيا على التصدي لكل ما يمثل تهديدا وخطرا على الامن والاستقرار ووحدة البلاد والمجتمع. حصل اجماع على هذا الامر وبينت ايضا انه ينبغي ايلاء اجهزتنا الامنية كل الاهتمام والعناية حتى تحقق النجاح الكامل في مهماتها ويبدو ان المشكل ليس في المعلومات لأنه هناك مكمن الخطر فأحيانا يكون هناك مشكل في الاطلاع على الاوضاع لكن المشكل في الامكانيات من تجهيزات وتدريب وخطط وتنسيق كذلك مع دول الجوار وهذه المشكلة ليست مشكلة قطرية فحسب بل هي مشكلة اقليمية وجهوية. انا متفائل من ان المعركة بين الدولة والجريمة وبين الدولة والعنف ستنتصر فيها الدولة في النهاية، نبهتنا احداث الشعانبي من جهة اخرى الى انه من المهم اعتماد الجهات الرسمية كمصدر للمعلومات امام فوضى الروايات والتفسيرات والتأويلات شريطة ان تكون المعطيات الرسمية صادرة من الجهات المختصة ومتسمة بالمصداقية والدقة. - اطلاق مبادرة وقف الاضرابات هي مباردة اسميتها مبادرة مواطنية وليست مبادرة حزبية وهي حملة اخلاقية قبل ان تكون حملة سياسية، هي موجهة للضمائر وليست موجهة ضد اي طرف فهي صادرة عن من يكن المحبة للاتحاد العام التونسي للشغل ومقتنع بدوره الوطني ومقتنع به كشريك كامل في انجاح عملية الانتقال الديمقراطي ولكنها تقدر بانه هناك خطورة في تواصل الحركة الاضرابية واتساعها وحدتها يعني خطرها على الانتاج والاستثمار وخطرها على الاقتصاد بصفة عامة وكذلك على المناخات الاجتماعية والسياسية وعلى العلاقات بين الاطراف الاجتماعية والوطنية بصفة عامة. شعار المبادرة "مع الاتحاد وضد الاضراب" بالطبع ضد الاضراب ليس في المطلق وانما مع تعليق وتوقف الاضرابات حتى سنة 2014 حتى يتم انجاح استحقاقات المرحلة القادمة في اسرع الاوقات وبأقل التكاليف. الغاية ليست المصلحة الشخصية ولا تحقيق اهداف سياسية ضيقة بقدر ما كان المنطلق وطني واخلاقي ولتجنب انزلاقات قد تضر بالاتحاد العام التونسي للشغل وبدوره وتضر بالعملية السياسية ومستقبلها لأنني لاحظت في احتفالات اليوم العالمي للشغالين ان الصف النقابي كان منقسما والاستقطاب السياسي يتسع ويتعمق كما لا حظت على الصفحات الاجتماعية حملات على الاتحاد وعلى قيادته التي اعتبرها منتخبة وشرعية ومع انقسام الصف النقابي هناك حركة مناهضة للمركزية النقابية ولخياراتها على مستوى التعاطي مع الملفات الاقتصادية والسياسية مع وجود دعوات للانسلاخ والانسحاب وتكوين هياكل موازية الى جانب ما هو قائم من تعددية نقابية منذ الاشهر الاولى بعد الثورة وهذا رأينا فيه خطورة بالطبع والحال انه هناك حوار وطني قائم بين الاحزاب وهو مواصلة لحوار اتحاد الشغل ومساند للدورة المقبلة من حوار الاتحاد وقد توصل الى نتائج طيبة ومطمئنة وتوافقات مهمة في ما يتعلق بالدستور وما يخص النظام السياسي تحديدا طبيعة النظام وصلاحيات السلطة داخله وخاصة السلطة التنفيذية بقسميها رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة الى جانب التقدم في القانون الانتخابي والانتخابات القادمة ومن ناحية موعدها هناك تقدم كذلك. نلاحظ ان الاضرابات المرتفعة والمتصاعدة التي تدعو لها القيادة النقابية او تجر اليها هي على عكس الاتجاه العام الذي تذهب فيه البلاد ويمكن ان تمثل تهديدا للعملية السياسية ومن هنا جاءت هذه المبادرة وهي صدى لما لاحظناه من انشغال لدى المواطنين تجاه التوتر الاجتماعي ومثلما وقفنا معا في الماضي وقفة جادة ضد العنف السياسي والاجتماعي وضد الاغتيالات يمكن ان نكون اليوم متفقين على كلمة سواء في ما يتعلق بموضوع الاضرابات. وللتذكير فان الميثاق الاجتماعي الذي تم ابرامه بين اتحاد الشغل ومنظمة الاعراف بإشراف الحكومة كان عنده اقتضاء منطقي وهو ان يخف التوتر الاجتماعي وان تتوقف الحركة الاحتجاجية عن طريق الاضرابات لكن لم يتم احترام مقتضيات ذلك الاتفاق. مازلنا نعيش تداعيات التوتر السابق لإبرام ذلك الميثاق وفصول جديدة من التجاذب السياسي والايديولوجي والتدافع الاجتماعي الذي يتخذ وجهة تمثل خطورة وقد تهدد لا قدر الله الاقتصاد وعملية الانتقال الديمقراطي وحتى المؤسسات بالشلل والانهيار والسؤال كيف نعطي الآن انطلاقة جديدة للاقتصاد وكيف نرمم الوفاق وكيف نختصر المسافات الى المستقبل حتى يمر ما تبقى من المرحلة الانتقالية في افضل الظروف لفائدة تونس والثورة ومن ساهم في الثورة وعلى راسهم الاتحاد العام التونسي للشغل. - اعلان نية ترشح السبسي اولا هذا حق لكل مواطن تتوفر فيه الشروط فهو قرار شخصي وربما حزبي والغاية منه دون شك تأكيد التصميم على انتزاع دور في الحياة الوطنية والتأكيد على الحضور والمشاركة في الاستحقاقات القادمة ومن اهمها الانتخابات الرئاسية. من دون شك المقصود ليس اعلان الترشح في حد ذاته وانما الاثر المتوقع من وراء الاعلان من ذلك ابراز دور الباجي قائد السبسي وابراز وجود بديل احتياطي في حال تطور الاوضاع نحو ما يمكن ان يصيب المؤسسات من ارباك او ما يجعل هناك مخاوف من المجهول فهو محاولة لابراز انه لا خوف على المستقبل أومن المستقبل اي انه هناك استعداد لتحمل المسؤولية في كل الظروف وان هذا الاستعداد متقاسم ما بين الاغلبية وبصفة خاصة حركة النهضة وبين المعارضة وبصفة خاصة نداء تونس وهو بهذا الاعلان ربما يريد ان يكيف المشهد السياسي ليتخذ طابع ثنائية تكاملية وليس ثنائية اقصائية. هو نوع من الرد الضمني على قانون تحصين الثورة لأنه لا خيار لتونس الا مشاركة الجميع كما يقول هو ان تونس لا يمكن ان تحكم بنا او من دوننا فقط. وقد يكون هذا الاعلان مؤشر على صعوبات داخلية او تجاذبات يعيشها حزب نداء تونس او استباق لمبادرات اخرى كان هو يعلمها وبدأت الآن تظهر في الساحة منها الجبهات المتشكلة والتحالفات التي يتم الاعداد لها في الافق والتي يمكن ان تنتزع المبادرة من النداء وتجعل هناك تعددية قطبية وليس ثنائية قطبية. لنداء تونس مصلحة في الثنائية لأنه عندما يكون المشهد قائم على الثنائية ان لم يكن هو الوجه الاول للعملة سيكون الوجه الثاني او احتياطي للوجه الآخر في صورة خروجه من الحكم ومنذ تأسيسه النداء يريد ان يقول ان المعادلة فيها طرفان النهضة والنداء طرفان ومشروعان يتنازعان الشرعية سواء كان على اساس مرجعية الهوية او مرجعية المكتسب الحداثي. طبعا هي صورة لا نرى انفسنا فيها ولا نتبناها ولا ندفع باتجاهها باعتبار اننا نرى ان العملية السياسية في بلادنا قائمة على ثمار التوافق ونتائج الانتخابات وان تونس تستأنف مسيرتها في بناء مشروع وطني مستقبلي يضم الجميع ولكل فيه مكان. بعد مضي اسبوع على المبادرة لم يكن لها الاثر المرجو منها وحتى في المجلس الوطني لنداء تونس هناك محاولة لتنسيب هذه الخطوة واعتبارها انها ليست قرار المؤسسات وليست الخيار النهائي من خلال ابراز طابعها الشخصي والظرفي وابراز انها ليست الخيار النهائي او الوحيد ولهذا يمكن ان نتوقع ان فصول السباق الرئاسي سيكون مسرحها ما بين الاحزاب وداخل الاحزاب نفسها. - قصف سوريا على كل دون شك الملف السوري هو ملف شائك ويشغل دول المنطقة والقوى السياسية والتيارات الفكرية في كل المنطقة وان الكيان الصهيوني موجود منذ اللحظة الاولى في تفاصيل هذا الملف باعتبار ان موضوع سوريا اصعب عنصر فيه هو ما بعد نظام الاسد. رغم ان الانظار تتجه الى الجانب الانساني وحجم الاضرار في عدد الضحايا والاضرار المادية والاضرار التي اصابت مؤسسات الدولة والتراث العمراني والحضاري لسوريا لكن من الظاهر ان ما يشغل كل الاطراف هو ما بعد النظام وانعكاساته على وجود اي طرف من الاطراف وتأثيرها على العلاقات بين هذه الاطراف فان كان في السابق الشعار المعروف "لا سلم دون مصر ولا حرب دون سوريا" اليوم الحرب والسلم في المنطقة مرتبطة بمستقبل النظام السوري ويمكن ان يحجب دور طرف من الاطراف دور البقية لكنها مثل رقعة الشطرنج كلما قدم طرف قطعة يقدم آخر قطعة جديدة لكنها لعبة دامية وفيها مسالة الوجود والبقاء وليس تقاسم الادوار او توزيعها من جديد وانما من يبقى ومن سيزول. بالتأكيد ان القصف الاسرائيلي مدان في كل الاحوال وهو عدوان مهما كانت طبيعة النظام القائم ومهما كانت طبيعة المعارضين ومهما كانت التبريرات للقيام به وتجاه العدوان الخارجي من دون شك لا ينبغي ان تكون هناك خلافات او ان يزايد طرف على الآخر والجميع في خندق واحد والاوضاع في سوريا رغم ان هناك من يرشحها لمزيد التعقيد لا يمكن ان تحسم الا عسكريا فان الاطراف المتصارعة ومن يظاهرهم من القوى الاقليمية والدولية لا تستثني المخرج السياسي، اي على مستوى الخطاب هذا ليس دائما واضح لكن في التحركات والاتصالات السياسية هناك بحث عن مخرج وصعوبته تكمن في ان الجواب على سؤال المستقبل ليس جوابا واحدا وينبغي العمل على ان يكون هناك ما يحقق انتقال سوريا الى الديمقراطية والتعايش وليس انتقالها الى فصول جديدة من الحرب الاهلية او الاقتتال الطائفي وهذا من دون شك الخيار الصعب.