القرارات التي اتخذها المجلس الوزاري بأحداث كليات طب وصيدلة وطب أسنان لم تثر ردود فعل في الجهات فقط بل اثارت رد فعل في الوسط الجامعي وقد اصدر عدد من رؤساء الجامعات امس بيانا نددوا فيه بقرارات وزير التعليم العالي منصف بن سالم الذي اتخذ القرارات دون رجوع الى رؤساء الجامعات والى الهياكل المهنية المنتخبة . هذا البيان حاد اللهجة وقع عليه اربع رؤساء جامعات هم شكري المبخوت (جامعة منوبة) وحسن باشا رئيس جامعة جندوبة وحميد عزيزة رئيس جامعة تونس ولسعد العاصمي رئيس جامعة قرطاج . وجاء في البيان "نحن مجموعة من رؤساء الجامعات التونسيّة نعبّر عن تفاجؤنا بجملة من القرارات الأخيرة التي اتّخذتها وزارة التعليم العالي والبحث العلميّ وآخرها إحداث عدد من كلّيات الطبّ والأسنان والصيدلة والتصرّف الاستشفائيّ لم نسمع بها إلاّ من خلال وسائل الإعلام مثل جميع المواطنين. وبقطع النظر عمّا أثارته هذه القرارات من ردود فعل في مختلف الجهات فإنّ موقعنا الأكاديميّ والوظيفيّ باعتبارنا منتخبين يجعلنا نعبّر لزملائنا الأساتذة وللهياكل العلميّة والبيداغوجيّة التي نشرف عليها ولسلطة الإشراف وللرأي العام عن انشغالنا بما تتّخذه وزارة التعليم العالي والبحث العلميّ من قرارات غير شفّافة لا تحترم التقاليد الجامعيّة في العلاقة بينها وبين الجامعات والمؤسّسات. وهي، إضافة إلى ذلك، قرارات تضرب عرض الحائط برأي رؤساء الجامعات الذين تهمّشهم الوزارة وتقصيهم مثلما تقصي الهياكل العلميّة والبيداغوجيّة المنتخبة (مجلس علميّ ومجلس الجامعة ومجلس الجامعات بالخصوص). ولئن كانت الوزارة تتعلّل دائما بعدم نضج الظروف لتمكين الجامعات من استقلاليّتها فإنّها مازالت تمارس نفس أساليب العهد البائد في اعتماد مركزيّة مفرطة تنعدم فيها الشفافيّة والاستشارة وتتجاهل ما تنكبّ عليه حاليّا لجان الاستشارة الوطنيّة لإصلاح التعليم العالي. وهذا ما يبرز في تنقيح النصوص القانونيّة المتعلّقة بالأنظمة الأساسيّة الخاصّة بالمدرّسين المبرّزين والتكنولوجيّين والباحثين بمراكز البحث دون العودة إلى الهياكل البيداغوجيّة المنتخبة وإلى رؤساء الجامعات ويبرز كذلك في إمضاء اتفاق مع النقابة العامّة لعملة التعليم العالي لا يراعي الهيكلة الأكاديميّة والبيداغوجيّة الموجودة الآن ورغم وجود لجنة مازالت تدرس مسألة الحوكمة والتسيير الإداري ويمكنها أن تجد الصيغة المناسبة للحفاظ على استقلاليّة المجالس العلميّة بخصوصيّاتها وتقاليدها المعروفة وتمكين العملة والموظّفين والطلبة في الآن نفسه من المشاركة في صنع القرار الجامعيّ والتسيير التشاركيّ للجامعة. ويندرج الإجراء المتسرّع بإحداث مؤسّسات لتدريس الطب والصيدلة وطبّ الأسنان والاختصاصات شبة الطبيّة في بعض الولايات ضمن هذا التمشّي الفوقي غير المدروس بما أنّه يمسّ الخارطة الجامعيّة وهي، بمشاكلها وعلاّتها، محلّ نظر ودرس ضمن الاستشارة الوطنيّة لإصلاح المنظومة الجامعيّة. وقد سبق في أحد مجالس الجامعات التي تنعقد بإشراف السيّد الوزير أن قرّر هذا المجلس بإجماع أعضائه ربط إحداث أيّ مؤسّسة جديدة للتكوين بما سيتمخّض عنه إصلاح الخارطة الجامعيّة الحاليّة وإعادة النظر فيها ضمن تمشّ عقلاني يقطع مع السياسات المرتجلة التي لا تراعي المعطيات الموضوعيّة في الجهات ومتطلّبات التنمية فيها بقدر ما تعتمد منطقا شعبويّا وأسلوبا في الاسترضاء عانت منهما الجامعات التونسيّة طويلا. إنّنا بصفتنا الأكاديميّة وانطلاقا من موقعنا الوطنيّ واعتبارا لخطورة عدد من القرارات التي تتّخذها الوزارة بصفة منفردة دون استشارة أيّ كان أو تشريك الفاعلين في الفضاء الجامعيّ ندعو وزارة التعليم العالي إلى الكفّ عن هذه الممارسات غير المسؤولة في فترة حسّاسة من واقع بلادنا لا يمكن فيها اتّخاذ قرارات مستقبليّة مصيريّة بمثل هذه الخطورة دون أن تحظى بالدعم الكافي من مختلف الأطراف الجامعيّة" ويذكر ان جامعة التعليم العالي التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل أدان بدورها هذه القرارات المتسرعة والمسقطة.