تُباع علنا على صفحات الفيسبوك: القهوة المهرّبة تسيطر على السوق التونسي    لسعد الدريدي مدربا للنادي الرياضي القسنطيني    كاس العرب 2025 : الاردن يلتحق بالمغرب في النهائي    عاجل/ منع جولان الشاحنات الثقيلة وسط هذه الولاية..وهذه التفاصيل..    طبيب بيطري للتوانسة: هاو كيفاش تربّي العصفور    سحابة من الدخّان بمطار صفاقس: ماتخافوش...عملية بيضاء    أول تعليق لأحمد الأحمد بطل عملية سيدني    تخوّفات من المنخفض الجوّي المقبل من المغرب: خبير في المناخ يكشف..#خبر_عاجل    يوم اعلامي للاعلان عن انطلاق تركيز المنظومة المعلوماتية الجديدة الخاصة بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة يوم 20 ديسمبر 2025    شنوّا حكاية المواد المحجوزة وعلاقتها برأس العام؟    بطولة كرة السلة: برنامج مواجهات اليوم من الجولة الرابعة إيابا    أنيس بوجلبان مدربا جديدا لمنتخب تحت 23 سنة    عاجل: تحذير من أمطار قوية يومي الخميس والجمعة    حي هلال: السجن المؤبد لقاتل عطّار    انتخاب القائد وحيد العبيدي رئيسا للاتحاد الإسلامي العالمي للكشافة والشباب    أيام قرطاج السينمائية 2025 "كولونيا" فيلم عن الرفق بالآباء حين يأتي متأخرا    اصطدام وشيك بين "ستارلينك" وقمر صيني.. الازدحام الفضائي يصل إلى مرحلة خطيرة!..    مسؤولون أمريكيون: تسوية نحو 90% من الخلافات بشأن اتفاق سلام في أوكرانيا    رئيس الجمعية التونسية لطبّ الأطفال يحذّر من مداواة الأطفال بطرق تقليدية خطيرة    قريبا: افتتاح وكالتين قنصليتين جديدتين لتونس بأجاكسيو وبوردو    طقس اليوم: أمطار متفرقة ومؤقتا رعدية بهذه المناطق    هام/ تعاونية أعوان الديوانة تنتدب..    موعد تقلّص التّقلّبات الجوّية    العرب قطر 2025: مدرب المنتخب السعودي يعزو الخسارة أمام الأردن لغياب الفاعلية الهجومية    على الهواء مباشرة.. شد شعر واشتباك بين نائبات في كونغرس مدينة مكسيكو    ترامب يعلن تصنيف الفنتانيل المخدر 'سلاح دمار شامل': فما هي هذه المادة؟    الشرطة الأسترالية: منفذا هجوم سيدني سافرا قبل شهر من الحادث إلى الفلبين    بوتين يصدر قانونا لمصادرة منازل "الأوكرانيين الفارين"    لأول مرة: تزويد جزيرة جالطة بنظام للوقاية من الحرائق الناجمة عن الصواعق    المتلوي :انطلاق العمل بجهاز "سكانار" حديث بالمستشفى الجهوي بالجهة    جلسة عمل بوزارة الصحة حول مشروع الشبكة المتوسطية للصحة الواحدة    تنبيه/ انقطاع في توزيع الماء الصالح للشرب بهذه المناطق..#خبر_عاجل    يعرض اليوم على التصويت.....تفاصيل "قانون" انتداب خريجي الجامعات ممن طالت بطالتهم    ترامب: 59 دولة ترغب في المشاركة بقوة الاستقرار بغزة    كأس القارات للأندية قطر 2025:باريس سان جيرمان يواجه فلامنغو البرازيلي في النهائي غدا الاربعاء    هل يمكن أن يؤدي الحرمان من النوم إلى الوفاة..؟    رئيس الجمهورية يوصي بضرورة تذليل كافة الصعوبات امام صغار الفلاحين    ندوة «الشروق الفكرية» .. الشّباب والدّين    د. الصحبي بن منصور أستاذ الحضارة الإسلامية/جامعة الزيتونة.. السّؤال خارج الخطاب التقليدي خطوة لفهم الدّين لا ابتعادا عنه    الدكتور محسن حمزة/طبيب ... شباب القرن الحادي والعشرين يريد خطابًا يُحاوره لا يُلقّنه    كأس العرب.. الأردن تقصي السعودية وتضرب موعدا مع المغرب في النهائي    ذكرى ثورة 17 ديسمبر: برنامج احتفالي متنوّع في سيدي بوزيد    في يوم واحد: إجراء 13 عمليّة زرع وصلة شريانيّة لمرضى القصور الكلوي بهذا المستشفى الجهوي    زغوان: إسناد دفعة ثانية من القروض الموسمية لدعم قطاعي الزراعات الكبرى والزياتين (فرع البنك التونسي للتضامن)    قسم العربيّة بكليّة الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة ينظم لقاء علميا يوم 18 ديسمبر الجاري احتفاء باليوم العالمي للغة العربية    يوم دراسي برلماني لمناقشة مقترح قانون متعلق بالفنان والمهن الفنية    هند صبري تكشف حقيقة خلافها مع هذه الممثلة    اتحاد الفلاحين: سعر خروف العيد سيتجاوز الألفي دينار.. لهذه الاسباب #خبر_عاجل    عاجل/ من بينها تونس: موجة تقلبات جوية تضرب هذه الدول..    عاجل/ احباط تهريب رجلي أعمال ممنوعين من السفر عبر الحدود البرية..    خبر سارّ للتوانسة: إنخفاض سوم الدجاج في رأس العام    مسؤول بوزارة الصحة للتونسيات: ''ما تشريش الكحُل'' من السواق    من بينهم تونسيون: "ملتقى الفنانين" بالفجيرة يحتضن 90 فنانا من العالم    أيام قرطاج السينمائية 2025: فيلم "كان يا مكان في غزة" يركز على الهشاشة الاجتماعية لشباب القطاع المحاصر ويضع الاحتلال خارج الكادر    القيروان: الدورة الثالثة ل"مهرجان الزيتون الجبلي وسياحة زيت الزيتون التونسي"    حجز 1400 قطعة مرطبات مجمّدة غير صالحة للإستهلاك..#خبر_عاجل    8 أبراج تحصل على فرصة العمر في عام 2026    شنوّا حكاية ''البلّوطة'' للرجال؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشابي شاعر الأسئلة و الإرادة
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005


حاتم النقاطي enter enter إنّ الشعر هو السؤال الملازم للإنسان إذ في عمقه لغة الوجدان التي هي استدعاء لاستفهامات باطنية أرهقت هذا الكائن فراح يصوّر مشهد العالم قبل أن تدنّسه لغة الحضارة وآثامها فكان الانعتاق من كلّ شاهد متناهي في هذا الوجود فليتخفّف الإنسان من الجسد والزمن والحدود الجغرافية والتاريخية. enter وقد يكون للشعر أسئلته تلك التي كانت على حدّ عبارة هيدار الفيلسوف الألماني «الشعر مفتاح انفتاحنا على الوجود» إنها أسئلة ليس من غرضها جواب بل من غرضها ذاك الانفتاح العظيم على وجود عميق. enter فلماذا استطاع شعر «الشابي» أن يكون خالدا وأن يظلّ هذا الرمز مدخلا ضروريا للشعر التونسي؟ enter إن «الشابي» قد عاش بلسان واحد ولكنه استطاع أن يطرح أسئلة عميقة حول الانسان فتجاوز «الخيال» في شعره كل مباشر وتخطّى كل حدود وكلّ تناه. enter لقد استطاع هذا الشاعر الشاب أن يخلّص الخيال من كل ذهنية أسطورية تمسك بتلابيب البلاغة وتجرّد الشعرية العربية من كل اعتقادات خاوية المرامي والدلالات وهو ما عبّر عنه في كتابه «الخيال الشعري عند العرب» بقوله : «إن الانسان الأول حينما كان يستعمل الخيال في جمله وتركيبه لم يكن يفهم منه هاته المعاني الثانوية التي نفهمها منه نحن ونسميها (المجاز) ولكنه كان يستعمله وهو على ثقة تامة لا يخالجها الرّيب في أنه قال كلاما حقيقيا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. enter فهو حينما يقول مثلا (ماتت الرّيح) أو (أقبل اللّيل) لم يكن يعني منه معنى مجازيا وإنما كان يعتقد أن الريح قد ماتت حقا وأن الليل قد أقبل حقا بألف قدم وبألف جناح». enter إنّه يستفهم عن «خيال» حنّطته الأساطير فاختار أن يحاربه إنه يحمل أسئلة حقّة ومشروع رؤية للعالم تجعل منه منشئا للكون وفق صياغة جديدة إنه يحطّم أساطير التراب وأيّ تراث أعمق من تراثنا العربي ذاك الذي كوّن ذائقتنا وصقلها وقدّم لها مفاتيحها؟ enter إنه شاعر استطاع رغم حداثة سنّه أن يعلنها حربا على نسقيّة ماضوية إنها المجازفة وإرادة الحياة ونضج الرؤية الاستفهامية حول أشياء العالم تتجسّد في قصائد رائعة «إرادة الحياة» و»صلوات في هيكل الحب» و»النبيّ المجهول» و»الطفولة» فتغيّر من ذاٍتنا الجمالية ومن رؤيتنا للإبداع والحياة. enter إنّه يقوم بثورة على الأسس فنتحوّل الى السؤال عن النشأة والجذور إنها رسالة الأنبياء والعظماء والشعراء الأفذاذ الذين اختاروا أن ينخرطوا في مشروع «رؤية» للكتابة تلك المغيّرة لوعينا بالذّات وبمكوناتها وترسّبات إمكانها فكان «للشابي» ضرورة الخلود لأنه آمن بعمق الأسئلة وضرورة الرؤية والإنسان المريد غاية الغايات إنها «روح» نتابعها في ديوانه «أغاني الحياة» فنندهش : enter «خلقت طيلقا كطيف النّسيم enter وحرّا كنور الضّحى في سماه enter تغرّد كالطّير أين اندفعت enter وتشدو بما شاء وحي الإله» enter «أيّها الشعب ليتني كنت حطابا enter فأهوي على الجذوع بفأسي! enter ليتني كنت كالسّيول إذا سالت enter تهدّ القبور رمسا برمس» enter enter «عذبة أنت كالطفولة، كالأحلام enter كاللّحن كالصّباح الجديد enter كالسّماء الضّحوك كاللّيلة القمراء enter كالورد كابتسام الوليد» enter إنّ هذه الثورة على الرومنطيقية ك «روح جديدة» لا تعود للغاب اعتزالا ولا تتعشق الصباح لذاته ولا الطير ذوبانا في أجنحته بل هي تتعشّق «نهضة شعب» و»إمرأة قادمة» و»ذات أنصع» إنها تجربة جديدة في الوعي بالكتابة أفرزت شاعرا تخطّى المحليّة واستقرّ في عالمية جعلته صوت «الإرادة» و»الحرية» و»الإنسان» ذاك الذي آمن أبدا بجدية الأسئلة كقدرة على صياغة الممكن في هذا العالم وفق قصديّة الذات له وتوحدها به. enter إنها شاعرية الكتابة وقد اختارت لنفسها عمق الأسئلة كمدخل لوعيها بذاك الانسان سليل الإرادة والحرية. enter ولعلّ الساحة الشعرية اليوم في تونس وهي تحتفل بذكرى وفاة الشابي قد تكون مطالبة بإعادة الوعي بأسئلة الشعر التي تتجاوز شعر «الشابي» في ذاته إلى مشروع الكتابة الشعرية عند «الأجيال» اللاحقة. enter إنّ النقاد بقدر ما هم أمنة على إبراز خلفية عالمية هذا الشاعر هم أيضا أمنة على نفض الرّكام على تجارب شعرية تونسية جادّة. enter فهل قدر الشعر أن يكون أبدا ذاك الانتظار المقيت على رفوف تناساها الباحث والنقاد؟ أم قدر الشعر يظلّ أبدا المضيّ بأسئلة تقصد كشف المختفي وراء نسيان الإنسان والوجود والعالم؟ enter «ليس من مات فاستراح بميّت enter إنما الميّت ميّت الأحياء enter إنّما الميّت من يعيش كئيبا enter كاسفا باله قليل الرّجاء» enter كعب بن زهير

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.