كيف يقيّم النواب التونسيون موقف كل من الرئيس الأمريكي بوش والبريطاني بلير اللذين اكتفيا بالاعتذار حيال الاعتداءات والانتهاكات الكبيرة التي مارسها جنود الاحتلال ضدّ المعتقلين العراقيين في سجن «أبو غريب»؟ وكيف ينظرون إلى تداعيات هذه القضية بعد نشر صور العار أمام العالم وتأثيراتها على الساحتين العربية والعالمية بشكل عام؟ «الشروق» تناولت هذه المسائل مع عدد من النواب. يقول النائب صالح السويسي (حزب الوحدة الشعبية) إن اعتذار الأمريكان والانقليز يعكس في الحقيقة موقف كل «جلاد متحضر» من ضحيته البريئة ويضيف «هكذا وبكل بساطة وبرودة دم تأتي اعتذارات جبابرة الديمقراطية في العالم مستخفة بالمشاعر وحقوق الانسان وإن تلك الممارسات الوحشية التي مورست ومازالت تمارس ليس ضد العراقيين فقط بل ضدّ كل أحرار العالم إنما هي دليل على الهمجية والغطرسة التي تحكم عالمنا اليوم ضاربة عرض الحائط بكل القوانين والأعراف الدولية، إنه موقف الخارج عن القانون وضعيف الايمان الذي حتى عندما يعتذر، يعتذر بوحشية أخذا بخاطر 200 مليون عربي يندبون الشرف المذبوح. وتابع النائب قائلا إنه لو كانت للمحتل الأمريكي والبريطاني ذرّة كرامة لغادر العراق في الحال بعد كشف تلك الممارسات الشاذة التي لا تصدر إلا عن غير المتحضر مرجحا أن الانتهاكات في حق سجناء «أبو غريب» ستزيد في تأجيج نار المقاومة الباسلة في العراق وفي الحقد الذي يكنه العرب لقوى الاحتلال كما ستزيد للأسف في تقوية الارهاب وفي تردّي أوضاع حقوق الانسان والكبت والحرمان وضرب حرية التعبير بكلّ الوسائل في عصر الانتهاك المسكوت عنه. كشف الحقيقة وأبرز النائب محسن التميمي (التجمع) ان الممارسات ضد المعتقلين العراقيين كشفت حقيقة الأمريكان والانقليز القائمة على دوس القيم وانتهاك الحرمات التي مورست على مستوى دولي ثم جسمت من خلال الاعتداءات على مستوى الأفراد. وأضاف إننا كنا ننتظر أن تثير هذه المشاهد غيرة العربي والمسلم على الأقل على غرار ما اثار حفيظة الغرب والعالم لكن اكتفى العرب بالفرجة. وقال النائب ان الاعتذار غير كاف وان كان الأمريكان والانقليز التزموا بمتابعة الموضوع وفتح تحقيقات في شأن الجنود المعتدين فإن ثناء الرئيس الأمريكي مؤخرا على وزير الدفاع «رامسفيلد» ومساندته له رغم تورطه واعترافه أمام لجنة الكونغرس ورغم إدانة بعض الحاضرين له والمطالبة باقالته يؤكد ان مسألة الاعتذار ليست سوى مجرد مادة للاستهلاك الانتخابي الداخلي ولو على حساب كرامة العراقيين والعرب. وقال أيضا ان الاعتداءات على المعتقلين والصور على بشاعتها ليست أفدح وأشد من مشاهد تناثر أشلاء العراقيين والفلسطينيين التي تنقلها لنا الفضائيات كل يوم. وجود احتلالي وأفاد النائب العروسي النالوتي (حركة الديمقراطيين الاشتراكيين) ان الصور التي شاهدناها والممارسات التي قام بها جنود الاحتلال الأمريكي والبريطاني أثبتت ان وجود الأمريكان والبريطانيين ومن يواليهم في العراق هو وجود احتلالي يبيح استعمال كل الوسائل لاخماد أي انتفاضة أو أي تحرك من الشعب العراقي يرمي للدفاع عن الأرض والعرض. وإن المقصود من تلك الاعتداءات وكشفها للعالم هو اذلال المواطن العربي أينما كان وليس في العراق فحسب وهي أيضا رسالة موجهة لكافة العرب لضرب معاني الشهامة والرجولة التي يختزنها المواطن العربي بالفطرة. وعن الاعتذار تساءل النائب لمن يعتذر الأمريكان والبريطانيون؟ ومن منَ العرب يمكن أن يقبل الاعتذار على اهانة بالشكل والفحش الذي رأينا؟ وقال ان الاعتذار في حد ذاته اعتراف بالجرم. اما الاعتذار الحقيقي والعملي فلا يمكن قبوله إلا في حالة وحيدة وهي خروج المحتلين من العراق. وبغير هذا لا يقبل أي اعتذار. النائب عادل الشاوش (حركة التجديد) يرى أيضا ان الاعتذار على انتهاكات حقوق الانسان والاعتداء على السجناء في العراق لا يجزي حاليا وليس هو المطلوب ولكن يمكن اعتباره بداية وخطوة أولى نحو الاعتذار الأكبر وهو الاعتذار على الاستعمار وان هذا لن يتحقق إلا بدعم الشق الرافض للحرب ولاحتلال العراق داخل الرأي العام الأمريكي والبريطاني والعالمي الذي يلعب دورا كبيرا في التأثير على مجريات الأمور هناك وعلى تشكيل القرار السياسي فمسألة الاعتداءات على المعتقلين والصور التي رأيناها يجب على العرب توظيفها في الاتجاه المذكور. توجيه الرأي العام ويساند النائب ثامر ادريس (التجديد) هذا الرأي بالقول إن على وسائل الاعلام العربية أساسا أن تلعب دورها في تعبئة الرأي العام العالمي ودفعه إلى التصدي للانتهاكات والضغط على حكومتي أمريكا وبريطانيا ليس فقط من أجل ايقاف تعذيب المعتقلين وإنما من أجل انهاء احتلال العراق. أما النائب نجيب الحلواني فأوضح أن الاعتذار خطير جدا لأنه يبطّن التشريع للاحتلال فهو يرمي إلى صرف الأنظار عن القضية الأساسية والأم التي هي الاحتلال وحصرها في مجرد التعاطي مع مسائل جانبية مثل مسألة الاعتداء على المعتقلين ومسألة حقوق الانسان وغير ذلك من العناوين. وذهب النائب ابراهيم حفايظية إلى حدّ وصف من يقبل مجرّد كلمة الاعتذار من أمريكا وبريطانيا بأنه ساذج فهل يجوز الاعتذار ويكفي لردم الجرائم والبشاعات التي تجاوزت في حالة العراق القتل والدمار وهدم البيوت على أصحابها ووصلت إلى درجة العبث بأجساد الناس وبأعراضهم ومقدساتهم. وبين النائب أنه لا دواء للجرائم والانتهاكات التي ارتكبت في حق الانسان العراقي والعربي إلا باتخاذ موقف عربي موحد وعملي يتجاوز التنديد على الورق لأن المسألة خطيرة للغاية وتداعياتها أخطر فجرائم المحتلين والمعتدين ضد العرب كانت في السابق تقف عند القتل والخطف واليوم دخلت السجون وتطورت إلى درجة ممارسة الاذلال والحط من الكرامة بمختلف الأشكال. وقال النائب أيضا ان اعتداءات واغتصابات سجن «أبو غريب» في العراق تؤشر إلى ذوبان العرب وإنها لا تؤخذ كسابقة وإنما كتواصل لتصعيد الاعتداءات ومن يدري ربما سنرى ما هو أفظع في المستقبل.