الجزائري مختار بلمختار، الذي اعلنت الحكومة الليبية المعترف بها مقتله في غارة لطائرة اميركية، قيادي سابق في تنظيم القاعدة والمخطط لعملية احتجاز رهائن ضخمة في منشأة للغاز في الجزائر في 2013. وان صح خبر قتله فان القاعدة والجماعات الجهادية المسلحة في المغرب العربي وجنوب الصحراء تكون قد تلقت ضربة موجعة بوفاة السيد "مارلبورو" كما تسميه بعض الجهات . وبلمختار الملقب ب”الاعور” و”السيد مالبورو” بسبب شهرته في عمليات التهريب، حكم عليه بالاعدام في الجزائر مرتين بتهم “الارهاب الدولي والقتل والخطف”. ويتهم بلمختار بالوقوف وراء اغتيال اربعة فرنسيين في موريتانيا في ديسمبر 2007 واختطاف كنديين اثنين في 2008 وثلاثة اسبان وايطاليين اثنين في 2009. وتناقلت تقارير مرة واحدة على الاقل مقتله في مالي، قبل ان تستهدفه الولاياتالمتحدة في غارة جوية امس الاحد. وقد حددت واشنطن مكافأة بقيمة خمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات مؤكدة عنه. وبالاضافة الى عملية احتجاز الرهائن في منشأة ان اميناس في الجزائر في 2013، اشرف بلمختار بنفسه على خطة تنفيذ الهجوم المزدوج بالسيارات في النيجر العام ذاته حيث قتل 20 شخصا، وفق متحدث باسم كتيبته. ولد خالد ابو العباس المكنى بلمختار في جوان 1972 في غرداية التي تبعد 600 كلم عن العاصمة الجزائرية وشارك رغم صغر سنه في القتال في افغانستان، حيث تواصل للمرة الاولى مع تنظيم القاعدة. وفي مقابلة نادرة في العام 2007، قال انه غادر منزله بعدما جذبته مآثر الجهاديين في قتالهم السوفيات في افغانستان، وقد انضم اليهم في العام 1991 وكان لا يتجاوز ال19 من العمر. واكد انه فقد عينه اثناء القتال هناك، لذلك اصبح يلقب ب”الاعور”. عاد بلمختار الى الجزائر في 1993، بعد عام على اندلاع الحرب الاهلية اثر الغاء نتائج الانتخابات التشريعية . وانضم بلمختار الى الجماعة الاسلامية المسلحة في الجزائر، التي شنت حملة عنف واسعة تخللتها مجازر ضد المدنيين اثناء محاربتها القوات الحكومية، حتى انها دمرت احيانا قرى بكاملها. وبرز بلمختار تحديدا من خلال معرفته بالمنطقة غير الخاضعة للقانون بين جنوبالجزائر وشمال ماليوالنيجر المجاورة. وتعزز هذا النجاح بشبكة تحالفات قبلية توطدت حتى بالزواج. وفي العام 1998، التحق بالجماعة السلفية للدعوة والقتال التي انشقت عن الجماعة الاسلامية، وسيطر على طرق التهريب في الصحراء جنوبالجزائر، وقام بعمليات ارهابية وسرقة وتهريب. وبعد تسع سنوات تبنت الجماعة السلفية للدعوة والقتال الايديولوجية الجهادية لتنظيم القاعدة واطلقت على نفسها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي.وانشأ التنظيم الجديد شبكة علاقات قبلية وتجارية واسعة في منطقة الساحل الافريقي اذ نشط بسهولة في المنطقة الصحراوية واستطاع جمع ملايين الدولارات من خلال الفديات مقابل اطلاق سراح رهائن اوروبيين. ولاحقا تم اخراج بلمختار من دائرة القيادة في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي في شمال مالي بسبب “نشاطاته المتواصلة المسببة للخلاف رغم تحذيرات عدة”، وفق مسؤول امني محلي. ليس هناك تفاصيل حول هذا الامر، الا ان لقبه الثالث “السيد مالبورو” قد يوضح الاسباب. فقد حمل هذا اللقب في اشارة الى نشاطات التهريب التي تولاها في المنطقة، والعلاقات مع القبائل التي كانت تبلغه بتحركات قوات الامن . وشكك بعض عناصر “القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي” بالتزام بلمختار بالتنظيم.وقال مسؤول مالي ان القيادي في تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي عبد المالك درودكال قرر فصل بلمختار بسبب انحرافه عن الطريق الصحيح.وبرزت تلك القضية في العام 2013 بعد العثور على رسالة لاذعة من تنظيم القاعدة الى بلمختار نشرت غداة بدء الحملة العسكرية الفرنسية في مالي.وبعد اخراجه من تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي، انشأ هذا القيادي الجهادي نهاية 2012 كتيبة “الموقعون بالدم”. وبعد اعلان تشاد مقتله في افريل العام 2013، تبنى بلمختار الاعتداءين الانتحاريين في النيجر مهددا باستهداف البلدان المشاركة في العملية العسكرية في مالي. اما جماعة “المرابطون” بزعامته فقد تاسست العام 2013 عبر اندماج تنظيم” الموقعون بالدم” وحركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا، احدى المجموعات الجهادية التي سيطرت على شمال مالي بين خريف 2012 ومطلع 2013. واعلنت جماعة “المرابطون” في ماي 2015 “مبايعتها” لتنظيم الدولة الاسلامية بلسان احد قادتها. الا ان بلمختار نفى مبايعة جماعته ل”الدولة الاسلامية” مؤكدا التزامه ووفاءه ل”بيعة أيمن الظواهري (زعيم القاعدة) على الجهاد”.واعلنت الحكومة الليبية المعترف بها دوليا مساء امس الاحد مقتل بلمختار مع “مجموعة من الليبيين التابعين لاحدى المجموعات الارهابية بشرق ليبيا” في غارة جوية اميركية، هي الاولى منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي في العام 2011. اما وزارة الدفاع الاميركية فقالت ان الغارة كانت تستهدف بلمختار من دون ان تؤكد مقتله مشيرة الى “مواصلة تقييم نتائج العملية، وسنقدم تفاصيل اضافية في الوقت المناسب”