تونس – الشروق اون لاين – فاضل طياشي: قال النائب بالبرلمان ورئيس حركة "نداء التونسيين بالخارج" رياض جعيدان ان زيارة الرئيس الفرنسي الاسبق نيكولا ساركوزي الى تونس لم تمر دون ان تخلّف وراءها حالة من الاستياء وجملة من التساؤلات لدى الراي العام حول مغزاها والغاية منها وظروف تنظيمها. وذكر جعيدان في تصريح خص به" الشروق اون لاين" ان هذه الزيارة احدثت تململا وارتباكا لتونس وللتونسيين من حيث الشكل ومن حيث المضمون على الصعيدين الداخلي والخارجي. وفي بداية حديثه عبّر جعيدان عن استغرابه من شكل الزيارة بالقول انه لم يتّضح ان كانت زيارة رسمية للدولة التونسية باعتبار ان رئيس الجمهورية استقبله بقصر قرطاج كما ان بعض اعضاء الحكومة رافقوه في جولته باسوا المدينة العتيقة، ام هي زيارة خاصة بدعوة من حزب نداء تونس باعتبار ان المضيف الرسمي لساركوزي كان محسن مرزوق امين عام الحزب.. فعلى الصعيد الداخلي اعتبر ان هذه الزيارة اثارت ولا تزال موجة من الغضب لدى ابناء الجالية التونسية بالخارج وهو ما تم ابلاغه به باعتبار تواصله باستمرار مع التونسيين بالخارج في اوروبا لا سيما بفرنسا الذين يبلغ عددهم حوالي 800 الف تقريبا. ففترة تولي ساركوزي رئاسة الجمهورية في فرنسا شهدت على حد قوله اتخاذ اجراءات تضييقية ضد المهاجرين وادخلت صعوبات على معيشتهم هناك وعلى الحريات والحقوق. وأضاف ان ساركوزي كان مرفوقا في هذه الزيارة برموز اليمين المتطرف في فرنسا المعروف بعدائه للمهاجرين. واكد ان كل ما في الامر هو تحضير ساركوزي وحزبه للانتخابات الجهوية القادمة وكذلك للانتخابات الرئاسية لسنة 2017 التي سيترشح لها وذلك عبر السعي الى تغيير الصورة التي يحملها عنه المهاجرين التونسيين والمغاربة والعرب والمسلمين في فرنسا بشكل عام والسعي الى استمالة ودهم لأنه يعلم جيدا مدى ثقلهم الانتخابي في فرنسا. وعلى الصعيد الخارجي قال رياض جعيدان ان زيارة ساركوزي لتونس اعادت الى الاذهان تسبّبه عندما كان رئيسا لفرنسا في سقوط نظام الرئيس الليبي الاسبق معمر القذافي وما تبعها الى اليوم من خراب في ليبيا تنامي خطر الارهاب الذي عاد بالوبال على تونس. ومن ناحية اخرى ذكر جعيدان بآثار هذه الزيارة على علاقة تونس بالشقيقة الجزائر بسبب ما صرّح به ساركوزي في هذا المجال دون ان يحرك أي من الحضور ساكنا، وهو ما كاد ان تتسبب في افساد العلاقة مع الجزائر التي تمثل حليفنا الابرز اقتصاديا وامنيا وماليا خاصة في مجال مكافحة الارهاب. وأضاف من ناحية ثالثة ان حزب نداء تونس بوصفه الحزب الحاكم لم يأخذ بعين الاعتبار في هذه الزيارة الحياد المطلوب من الدولة ومن الحزب الحاكم تجاه التوازنات السياسية وتجاه الشأن الداخلي في الدول الاخرى، وهو ما دأبت عليه تونس في عهدي بورقيبة وبن علي. لكن هذه الزيارة مست بهذا المبدأ واظهرت ان الدولة ( رئيس الجمهورية) ومن ورائها الحزب الحاكم نداء تونس مست بهذا المبدا عندما وقع الميل الى طرف ( اليمين الفرنسي) على حساب طرف آخر ( اليسار). وختم جعيدان بالقول ان مثل هذه الاحداث تؤكد ان الطبقة السياسية سواء كانت في السلطة او في المعارضة يجب ان ترتقي الى مرحلة النضج السياسي الذي يقتضي التصرف بحكمة وتروّ عندما يتعلق الامر بالمسائل الحساسة الداخلية والخارجية.