عبوس وشرود يلف وجوه البشر الموجودين حولك في الشارع يدل على ضيق وقلق يخنق الأفراد ويسيطر على حياتهم. هذه الدلائل والملامح تدل على ان الحياة تبدّلت وتغيّرت وبرزت بشكل جديد فمنذ زمن ليس بعيدا كان هناك تفاصيل ودّ وحبّ وغنج بين الزوجين وساعات من الصفاء وراحة البال كان خلالها مجرد لقاء الزوجين وجلوسهما معا لتبادل اطراف الحديث سويا وسرد ما جرى معهما طيلةيوم كامل يعتبر حضنا دافئا ومرفأ امان لكليهما. هذه الساعات والحوارات الودية اختفت من حياتنا وحلّت محلها النقاشات الحادة التي تسببت في تصدّع حائط الاحترام ودعّمت حالة الجفاء بين الزوجين. لكن لنتساءل عن الاسباب التي ادّت الى غياب الكلام الجميل وعبارات الغزل بين الازواج؟ «الشروق» طرحت السؤال على عدد من الازواج والزوجات فخرجت بالشهادات التالية: بدأت حديثها بتنهيدة تدل على عمق معاناتها وفقدانها لأشياء جميلة كانت تنعم بها سابقا بالرغم من مظهرها الذي يوحي بأنها تحيى حياة مرفّهة فقد كشفت هذه السيدة عن معاناتها مع زوجها الذي هجر الكلام الحلو شفتيه بعد سنوات قليلة من زواجه بها وتشرح هذه السيدة البرود الذي يلفّ حياتها الزوجية بانهماك زوجها بجمع الاموال وإثراء رصيده البنكي اعتقادا منه ان المال هو كل ما يحتاجه الفرد الى درجة ان اصبح كل حديثه ونقاشاته حول المال والعمل وشؤونه، ونسي تماما اللحظات الحميمية واقتصرت العلاقة الزوجية بينهما على ممارسة بعض تفاصيلها بشكل باهت وخال من اي روح. *التغزّل أمر مخجل لقد وصلت بعض العلاقات الزوجية الى منتهى الجفاء والروتينية حيث اصبح عددا هاما من الرجال يتحرّجون من قول كلام الغزل لزوجاتهم ويعترف السيد «م» كهل في الخمسين من عمره ان معظم الرجال ينسون الكلام المعسول والتغزل بالنساء بمجرد انجاب الأبناء ويرى ان التونسي يتسم بالجفاء ويميل الى الحياة العملية لذلك فإنه من النادر جدا ان تصادف رجلا مازال يردد كلام الغزل على مسامع زوجته بل ان البعض يتحرّج من فعل ذلك ويعتبره مرحلة تجاوزها الفرد بحكم تقدمه في السن. السيدة «ز» تؤكد ان المرأة التونسية اصبحت متعطشة لسماع كلمة اطراء من قبل زوجها لكن مشاغل الحياة وصعوبتها وغلاء المعيشة تجعل الفرد يعيش حالات نفسية صعبة يفقد خلالها القدرة على التمتع بلحظات رومانسية. وتضيف «ز» قائلة: ان كمية الفواتير والتهاب الاسعار الذي نعيش سحب الكلام الرومانسي حتى من حجرات النوم، واصبح حضوره يكاد يكون منعدما وبعد تبادل كلمتين يصبح موضوع الساعة الذي يفرض شبحه علينا هو «المصروف» اليومي وتتسرب الاسئلة السؤال تلو السؤال كم صرفت؟ وكم صرفوا؟ نريد شراء كذا بكذا وما هي المدرسة التي اريدها لإبني وماذا عن ملابسه ومختلف حاجياته؟ لنجد انفسنا مجبرين على الغوص في المشاغل اليومية دون ان نلتفت الى انفسنا. وتردف السيدة «ز» قائلة لا يمكن ان نتجاهل طبيعة الرجل التونسي التي تتسم بالجدية والعقلية العملية فهو بطبعه لا يعترف كثيرا بجدوى الكلام الحلو وقد يصل الامر في بعض الاحيان الى اعتباره امرا لا يليق بمواصفات الرجولة وهذا الشأن سهل اختفاء الرومانسية والكلام الحلو من حياتنا بصفة تدريجية. *أزمة نفسية لعلّ من اهم الاسباب التي تقف وراء اختفاء وتطليق الكلام الحلو من حياة الزوجين هي الضغوطات النفسية التي تنعكس على العلاقة الزوجية في غرفة النوم. ويرى الطب النفسي ان هذه المشكلات التي يتعرض اليها الفرد يوميا تنعكس على شكل عدم الرغبة في الاستمتاع، ولعل خروج المرأة للعمل واهتمامها بالبيت والعمل يجعلانها تشعر بالارهاق وحتى الاحباط خاصة اذا كانت لديها أحلام يقظة تعجز عن تحقيقها فيزيد من رغبتها في التواصل الروحي مع زوجها فقد يحدث ان يجد الزوجان نفسيهما مضغوطين ومحبطين لكن الزوج قد يلجأ رغبة منه في تعويض الاحباط الذي يعانيه الى ممارسة الجنس فتزيد رغبته في الحياة الجنسية مع زوجته لشعوره بتحقيق ذاته وحين ترفض الزوجة مجاراته يكون ذلك دليلا، ان احتياجات المرأة عاطفية وليست جنسية كما عند الرجل.