ما أن تمرّ السنة الأولى بعد الزواج وربما أقل من ذلك حتى تبدأ جذوة الرومانسية في الانطفاء، والغياب عن حياة الزوجين. ومع مرور الوقت تتحول الحياة الزوجية الى واقع يومي تغلب عليه المعاملات شبه الرسمية، حقوق وواجبات يقوم بها كل طرف راضيا أو مكرها، وتغيب كلمات الحب والهدايا والمفاجآت التي كانت حاضرة بقوة في فترة الخطوبة أو في الأشهر الأولى للزواج. وربما تمضي سنوات طويلة على هذه الشاكلة الى أن يبدأ الأزواج خاصة الزوجات في مرحلة ما من التشكي بسبب اقتصادهن للرومانسية في الحياة الزوجية، وأول من توجه له أصابع الاتهام في هذه الحالة هو الزوج.. فهل صحيح أن الزوج هو المسؤول الأول عن غياب الرومانسية عن الحياة الزوجية أم أن المسؤولية مشتركة بينهما وربما ظروف أخرى هي السبب؟.. وهل صحيح كما يقال أن المرأة رومانسية بالفطرة والرجل رومانسي بالإكراه؟.. وهل الرومانسية هي المقياس الحقيقي للحب ونجاح الرابطة الزوجية؟.. وهل من سبيل إلى إعادة الرومانسية إلى حياتنا؟ «الشروق» طرحت هذه الأسئلة على مجموعة من الأزواج والزوجات.. البعض منهم من أهل الاختصاص فماذا قالوا؟ الظروف هي السبب السيد منذر متزوج منذ 10 سنوات بدأ حديثه معنا بالتساؤل عن سير توجيه الاتهام للرجل وحده دون المرأة، مؤكدا أن الكثير من النساء يتفوقن على الرجال في الخشونة والابتعاد عن الرومانسية. ويواصل قائلا : «ان الرومانسية صفة انسانية تولد مع الانسان لكن الظروف هي التي تمنعه من التعبير عنها في الكثير من الأحيان بسبب مشاغل الحياة، لكن الزوجة لا تتفهم ذلك وتطلب من الزوج أن يفتعل الرومانسية وإذا لم ينجح تتهمه بأنه لم يعد يحبّها». توفيق هو الآخر يعترف بأنه رومانسي بطبيعته لكن الحياة غيّرته وجعلته لا يتصرّف في الكثير من الأحيان بشكل لا يدل على طبيعته الحقيقية.. ومع ذلك يقول أنه يحاول الاجتهاد أحيانا وربما افتعال الرومانسية مع زوجته حتى لا يثير غضبها وانفعالها. «منير» يقول أن أفضل طريقة لتفادي المشاكل مع زوجته هو افتعال الرومانسية خاصة في فترات معينة.. ويضيف «ان المرأة بصفة عامة بحاجة الى جرعة من الرومانسية من حين لآخر حتى تخرج من ضغوط الحياة، ولتشعر باستمرار حب الزوج واهتمامه بها». لذلك يعمد «منير» بمناسبة أو بدونها الى اهداء زوجته قارورة عطر أو وردة حمراء، وقد لاحظ أن ذلك الأسلوب مفيد جدا في إخراج زوجته من حالة التوتر وجعلها أكثر مرحا وعطاء معه.. لذلك فهو ينصح الأزواج بعدم تجاهل مسحة الرومانسية وأهميتها في حياتهم، ولو بالتعبير عن الحب بكلمة حلوة. أشياء أخرى «هشام» كان له أي آخر إذ يؤكد أن الحياة الزوجية غير مرهونة بالرومانسية بقدر ما هي بحاجة الى أشياء أكثر عمقا واتزانا، ويتساءل «هل يعقل وأنا في سن الخمسين أن أقف أمام زوجتي وبيدي وردة حمراء لأظهر لها حبي»؟ ويواصل : «أنا أحب زوجتي وهي تعرف ذلك جيدا، ولست بحاجة الى اثبات ذلك بتقديم الهدايا والورود بمناسبة أو بدونها». أما الزوجات فكان لهن رأي مغاير.. تقول «نورة» (40 سنة) «لا يجب أن نتهم الأزواج وحدهم بالابتعاد عن الرومانسية، لأن ظروف الحياة أ ثرت على الجميع وجعلتنا رجالا ونساء نبتعد عن الرومانسية مضطرّين في الكثير من الأحيان». وتضيف «نورة» «أنه يجب على الزوجة أن لا تطلب من زوجها فوق طاقته وأن تتصرّف بشكل تلقائي دون ردود فعل عدوانية». وتضيف «ان الاشكال يقع غالبا عندما تعتقد الزوجة أن الرومانسية مرتبطة بالهدايا والورود وهذا خطأ كبير في رأيي يقضي على الرومانسية بشكل نهائي». الآنسة «هندة» مخطوبة تقول أنها لا تتصور حياتها دون رومانسية، لكنها في الوقت نفسه واقعية وتدرك بأن للرومانسية عمر محدّد وظروف معينة، ولا يمكن أن تطالب الزوجة زوجها بأن يتعامل معها برومانسية طول الوقت، وإلا فقدت الأشياء معانيها الجميلة. بائع الورد الصدفة وحدها قادتنا الى الحديث مع «رياض» وقد اكتشفنا أنه يعرف الكثير عن خفايا الأمور لأنه بائع زهور.. إذ يؤكد هذا الأخير بشكل فيه الكثير من الجزم أن المرأة أكثر رومانسية من الرجل بعد الزواج، وقد لمس ذلك من خلال تعامله مع سيدات كثيرات يطلبن باستمرار باقات ورد لأزواجهن خاصة في المناسبات وحتى دونها. وفي المقابل يلاحظ «رياض» أن القليل جدا من الرجال يأتونه طالبين الورد لزوجاتهم، وأن الكثيرين ممن يقصدونه يكونون من المقبلين على الزواج.. أما الأغلبية فيهدون الورود للصديقات، وهذا أكبر دليل على غياب الرومانسية عن حياة الأزواج حسب رياض.