سُعدت أيما سعادة هذه الايام وأنا ألحظ هذا التطوّر العظيم الذي يحياه اغلب تلاميذ المعاهد والمدارس والذي جعلهم يستغنون مرّة واحدة عن «الكراسات» و»الكتب» و»الدفاتر» تمزيقا وتقطيعا مماجعلني افهم ربما أنهم ما عادوا في حاجة اليها لأنهم قد استوعبوا «الدروس» جميعا في رؤوسهم مطبقين ذلك المثل المشهور... «العلم في الرأس وليس في الكراس». وفي الحقيقة فإن مثل هذا المشهد «المأسوف عليه» أضحى ميزة طاغية على سلوك جل التلاميذ الذين قطعوا اية صلة احترام وتقدير مع «اللوازم المدرسية» ولم يكن من باب الغريب ان نشاهد مظاهر استهتار كبيرة من الناشئة تجاه «الكراسات» و»الكتب» على نحو غريب وعجيب: رمي على الارصفة وتمزيق وتقاذف ب «المحافظ» او ركلها مرّة واحدة كالكرة(!) نعم يحدث ذلك في كم من مكان وكم من زمان. وتزداد «الهستيريا» مع اقتراب نهاية العام الدراسي حيث يتجرّد التلاميذ من كل حياء وينقطعون عن كل الضوابط ويفعلون بمجاميع العلم والمعرفة ما طاب وعنّ لهم حتى تخال وكأن «المسألة» في غاية التنظيم والتدقيق... لتزداد متاعب أعوان التنظيف وهم يُجمّعون ما تناثر من الاوراق والدفاتر فوق الارصفة وفي الممرات وفي الشوارع وفي الساحات العامة... وكأنهم ناقصون «همّا» لينضاف لهم هم. إن ظاهرة انعدام العلاقة الحميمية بين الناشئة و»لوازمهم الدراسية» في حاجة أكيدة الى دراسة وبحث معمّق من شأنه لو أنجز على قدر من العلمية التربوية والنفسية والبسيكولوجية أن يُفضي الى علاجات ممكنة لاعادة المودة بين الطرفين وأذكر في ما أذكر كم كانت الكتب والكراسات تُحظى باجلال وتقديس من تلامذة «أيام زمان» الى حد أنها تكون آخر العام محل مضاربات ومزايدات من أجل امتلاكها والفوز بقسط منها استعدادا للسنة الدراسية الموالية كما ان عددا كبيرا كان يحرص على الاحتفاظ بنماذج من دفاتره المدرسية كتذكار عن سنوات الحصاد الجيد او التألق في بعض المواد.