صورة تتكرر في كل عودة مدرسية... من جملة صور اخرى نلاحظها ونرصدها امام المدارس الابتدائية والاعدادية كذلك... سيما خلال الايام الاولى للعودة المباركة.. والعود الى الفصل.. الى اللوحة والطباشير والطلاسة.. الى باب.. بقر.. سباك.. وهرب طاهر بكرتي.. يا سلام على الزمن الجميل.. يا سلام على المربي الجليل... آه لو عادت بنا الحياة الى الوراء خطوات.. ولكن.. ان يصبح التلميذ في حاجة الى «شريول» او ما شابه ذلك للتنقل بكمية المعدات المدرسية من كتب وكراسات وغيرها.. من البيت الى المدرسة البعيدة عن موطن سكناه خاصة في الريف حيث العذاب والمعاناة.. وهو في صراع مع محفظته التي تحمل مواصفات «الشارية» عفوا الزنبيل في الطريق والحافلة وسط زحام المارة... وسيارات اصحابها لا يعترفون بتلميذ أو مترجل.. فذلك أمر يدعو الى التساؤل حقا... والمحفظة التي كانت بالامس مجرد أداة لحفظ الكتب والاقلام والكراسات.. تحولت اليوم مع جيل الانترنيت والاتصالات الحديثة بما فيها من تكنولوجيات الى مصدر للتعب والارهاق والمرض احيانا على المستويين البدني والنفسي ان لم نقل الفكري ايضا.. لتلميذ مازال عوده طريا، وهو لا يعرف طريق ذهابه وايابه للمدرسة.. وتعرفا بالذات على محيطه المدرسي.. فمن دور الحفظ.. الى دور الشحن.. وفي هذه النقلة التي عرفتها المحفظة (الزنبيل).. ما يترجم ذلك الاحساس والشعور بأنها عبء ثقيل تئن تحت وطأة حمله الأجساد الغضّة الصغيرة.. وهو دون شك شعور الآباء والابناء على حد سواء.. فماذا قال هؤلاء التلاميذ وأولياؤهم عن همّ المحفظة الثقيلة وعن مدى التوتر الذي تلحقه عملية التنقل بها حملا على الظهر وكأنها كيس من الملح... او جرا على الارض بحاملها الطفل التلميذ؟ وهل من اضرار ومخلفات صحية محتملة على المديين القصير والمتوسط ان لم يكن البعيد؟ من وراء تعود تلميذ او تلميذة بالاساس على حمل محفظة تقسم الظهر وتصيب بالاعوجاج؟ من فرط ثقل وزنها.. جراء ما تم حشوه بها من كتب وكراسات مختلفة الاشكال والالوان والاحجام؟ والفايدة بعد... يجيبها ربي..؟ كل شيء في الرأس ولى الزمن الذي كان طالب العلم والمعرفة.. يتأبط الكتاب والكراس ويحمل القلم والقرطاس متجها الى القسم في همة وشموخ وعزم وكثير وخاصة نحن البسطاء ما حملنا لوازمنا المدرسية في كيس بلاستيكي ما يعبر عنها بالقيلية والتي كان سعرها مائة مليم، اما اليوم فنحن في زمن اخر.. زمن بوش.. ورايس.. وبقية من العاربة المستعربة.. نحن اليوم في زمن قلم الحمير وعلبة المارلبورو ولايت و «SMS» محشوة قبلا وغراميات.. نحن في زمن على حد قول محدثنا السيد عبد الرؤوف اب لطفلين يزاولان تعلمهما في المدرسة الابتدائية بالعمران.. وهو الزمن الذي غابت فيه مقولة العلم في الرأس وليس في الكراس... مكان... ومقام... ويقدم هذا الولي الامثلة المستوحاة من الواقع الدراسي لتلاميذ اليوم دون استثناء مؤكدا.. ان العودة المدرسية تحيل التلميذ أولا وبالذات الى كمّ الكتب والكراسات والادوات التي سيحملها معه يوميا.. الى قاعات الدرس والى الطريقة الممكنة نحو التخلص مما يزيد في ثقل حجم المحفظة.. اما العودة المدرسية بالنسبة للولي فهي تعني الانفاق ثم الانفاق لتسديد قائمة طويلة ومطوّلة مثل «قبل سيسوان» من المستلزمات والادوات المدرسية وانتظار تجديد الطلبات.. هات.. هات.. في كل الاوقات حسب ما يصدر عن بعض المربين والمربيات من طلعات وقفزات تحيل الفقير على اقسام الوفيات.. وامام كثرة الكتب والكراسات وعدد الساعات تتحول وجهة اهتمام التلميذ نحو الكمّ.. مما يشتت ذهنه الذي يفترض ان يركز اكثر على الكيف في علاقته مع العلم والمعرفة.. والمعرفة نور وهي عملية تربوية تنقش في العقول والاذهان.. أو لا تكون.. كما أفاد احد المربين وهو الطاهر بن الحاج علي معلم تطبيق بمدرسة بالجم... البرنامج الدراسي في قفص الاتهام تدعيما لمقولة العلم في الرأس وليس في الكراس يوضح محدثنا الطاهر ان الفائدة ليست في كثرة الكتب او الكراسات بل الفائدة في كيفية تقسيم البرنامج الدراسي التقسيم الملائم الذي يجعل توزيع الساعات والمواد مريحا للتمليذ والمربي معا.. وبهذه الكيفية لن يضطر التليمذ الى حمل المحفظة الثقيلة التي تجعله يدخل القسم في حالة من التعب والارهاق والملل في غالب الاحيان... ومثل هذه النتيجة تقود حتما الى الفشل من جوانبه المختلفة... ومن موقعه كرجل تربية رأى المستجوب ان كثرة عدد الكتب والكراسات بالنسبة للتلاميذ اليوم سببها كثرة النصوص والدروس التي يزاولونها.. بفعل تحول اللغة من أداة للمعرفة يستعمل فيها الحذق لتركيب الجملة للنطق وللتواصل الشفوي.. حيرة وانشغال مروى (طالبة) بكلية الآداب بمنوبة لم تفهم ولم تستوعب فكرة كيف لتلميذ صغير «قد الكمشة» يحمل محفظة يفوق وزنها وزنه، فهو اشبه «بكاشور الخرفان» ويكون حجمها اكبر من حجمه وشاطرتها الرأي السيدة هندة الناشلي (ربة بيت) ملاحظة انه بدافع الحنان والاشفاق على فلذة كبدها الذي تتصف بنيته الجسدية بالهشاشة والرقة وجدت نفسها مضطرة لمساعدته على حمل المحفظة في عدوه ورواحه الى المدرسة التي تبعد عنها زهاء النصف كلم.. الى جانب ذلك فالأم التي يكون لديها علم ببقاء ابنها في المدرسة كامل النهار ولن يسمح جدول أوقاته في ذلك اليوم بعودته الى المنزل يدفعها قلبها المحتار بالتحول الى لمدرسة قصد اخذ الكتب والكراسات االزائدة التي لا يكون ابنها في حاجة اليها عساها تخفف عنه عبئا ثقيلا ألم ظهره ومفاصله واصابه بكثير من التعب اللاارادي. وبهذه اللمسة الحنونة تكون الام قد ساهمت بدرجة او بأخرى في تغيير الصورة والمنظومة الجديدة للتربية والتعليم.. واذا كان البعض من الاولياء يرون في تحويل المحفظة (المشومة» من أداة تحمل على الظهر كالبردعة الى وسيلة نقل مجرورة «شريول كان او برويطة» حلا لمشكلة العذاب والحمل والاتعاب فان البعض الاخر منهم (سيدة نجوي فلوس) اصيلة مدينة تازركة وكانت مصحوبة بابنتها تلميذة انتقلت الى السنة السادسة اساسي والتي التقيناها باحدى المكتبات بنهج جمال عبد الناصر بالعاصمة لشراء ما يلزم ابنتها من معدات مدرسية وكتب وكراسات.. ترى ان هذا التحول في طريقة حمل المحفظة قد يزيد الطين بلتين.. وفي هذا السياق تقول نجوى انه عند نزول المطر تسبب عملية جر المحفظة من قبل التلميذ الصغير في «تمرميد» هو في واقع الامر في غنى عنه حتى انه قد يدخل الفصل وهو في حالة حليلة يرثى لها.. سيما وهذه حقيقة ان طرقاتنا وأرصفتنا «ينجيك الخالق» وبارك الله في البلديات على اهتمامها الكبير بالاهمال... هذه السيدة ألحت على ايجاد حلول للتخفيف من وزر المحفظة حتى لا ترى مظاهر وعلامات الظهور المحدودبة.. لدى الابناء والبنات، كما اقترح بعض ممن استجوبناهم والذين لهم فكرة عامة وشاملة عن هذا الموضوع الحيوي والحساس ان تتم دراسة جدول الاوقات بطريقة تسمح بتوزيع المواد المدرسية بشكل منتظم.. كي لا تتراكم هذه المواد وتجتمع في يوم واحد.. فلا يعثر التلميذ على مساحة للراحة.. وعلى المتنفس من العبء الذي يرزح تحت وطأة المحفظة الثقيلة من جهة وساعات الدروس المملة والطويلة من جهة اخرى التي بحق هي مشكلة كبيرة لم تأخذ بخاطر التلميذ، واعتمدت على ارضاء هذه المربية او تلك وفي النهاية يدفع التلميذ الثمن.. اما الرسوب او الانهيار النفسي والعصبي، مثلما حدث الموسم الفارط بمدرسة ابن سينا بالجم ارضاء لمعملة.. ثم حشد المواد والساعات في قمقم واحد.. لتكون الجائزة شكرا على التفاني.. لكن... الرسوب أولا.. ثم ثانيا.. ثم ثالثا.. الحذر من الحقيبة الثقيلة أكد عديد الدراسات المجراة حديثا ان اكثر من 61 من اطفال المدارس يعانون من آلام اسفل الظهر بسبب الحقيبة المدرسية الثقيلة حيث ثبت ان زيادة وزنها عن 15 في المائة من وزن الطفل تؤثر في وقوفه بصورة مستقيمة، كما تسبب له اضطرابات في التنفس.. وهنا نتساءل كيف نحمي اطفالنا من اضرار الحقيبة الثقيلة؟ هذا السؤال يجيبنا عنه احد الدكاترة المختصين في جراحة العظام والعمود الفقري حيث قال: ان اليوم الدراسي يتكون من حصص لمواد مختلفة مما يتطلب ان يحمل التلميذ أيا كان مستواه الى المدرسة يوميا على الاقل كتابا واحدا وكراسات لكل مادة.. فضلا عن اصطحابه لوجبته الغذائية وملابس الرياضة.. مما يؤدي الى حمله حقيبة مدرسية ثقيلة للغاية فيتعرض الى الانحناء.. للأمام، وبالتالي توزيع الحمل الثقيل بصورة غير متساوية على العمود الفقري مما يتسبب في آلام اسفل الظهر والاكتاف.. واضاف ان الحقيبة المدرسية التي تحمل على كتف واحدة من نوع «Je mon Fou» تكون اكثر ايذاء من تلك التي تحمل على الظهر بواسطة الكتفين.. لأنها حسب ذات المختص تؤدي الى انحناء جانبي للعمود الفقري مما يؤدي الى آلام ظهرية واثار سيئة طويلة المدى وهو ما يتضح بأن لا يتعدى وزن الحقيبة المدرسية 10 من وزن التلميذ.. فمثلا التلميذ الذي يكون وزنه 40 كلغ يجب ان لا يتعدى وزن محفظته بين 4 و 5 كلغرامات .. وان تكون ذات حمالتين مبطنتين وعريضتين حتى يكون حملها مريحا بالنسبة للتمليذ وخاصة التلميذة لعدة عوامل جسدية وبيولوجية...