على غرار الاديب العروسي المطوي والاستاذ أبو القاسم كرو، خيّر المرحوم سليمان مصطفى زبيس أن يسير على نهجهما ويهب مكتبته للعموم وهي وصيته قبل أن يفارقنا السنة الماضية، أكيد أن في فلسفة هؤلاء الاساتذة الاجلاء العلم لا يورّث... والكتاب لمن يطلبه من طلبة العلم والمعرفة. وحتى نضع الموضوع في الاطار المناسب، نشير الى أن الاستاذ سليمان مصطفى زبيس عالم آثار تعامل مع مختلف الحضارات التي نشأت في بلادنا منذ العصور الحجرية الى أدنى العصور... وقد كان بالاساس رائدا مختصا في العصور العربية والاسلامية... وهو مؤسس المعهد القومي للآثار وأول ميدير له وصاحب مشروع صيانة المدينة زيادة على تدريسه بالجامعة. بعد وفاته وتنفيذا لرغبته ووصيته بادر أبناؤه بالاتصال بوزارة الثقافة وإعلامها بالامر المتعلق بهبة مكتبة المرحوم لكل التونسيين وقد طلب أبناؤه فقط أن يتم ذلك مع مراعاة الحق المعنوي للمرحوم... أي أن توضع هذه التركة العلمية في جناح أو في رواق أو مكتبة صغيرة باسمه وما تركه الاستاذ زبيس ليس هينا أو قليلا، ترك حوالي 1500 كتاب من بينها مايزال مسودّة ومن بينها مخطوطات لم تحقق... وبين دفاتها وبين الحجارة الميدانية أفنى المرحوم حياته على حساب العائلة والابناء الى درجة أن ابنته السيدة سليمة زبيس التي عاشت الى آخر يوم في حياته علقت على حبه لمهنته قائلة: «لقد كان يحب الحجر أكثر من أبنائه». وبما أن هذه الكنوز العلمية أفنى فيها صاحبها عمره وخيّر أن ينتفع بها الجميع... فقد ناشدتنا عائلته بأن نوجه نداء الى وزارة الثقافة لتتولى بنفسها الامر، كما توجه العائلة دعوتها الى أصدقاء المرحوم أو الذين سلمهم مخطوطات أو مراجع أن يعيدوها حتى لا يلتجؤوا الى تتبعهم عدليا... وصيحة الفزع هذه يطلقها أبناء المرحوم مع تفطنهم الى أن محتويات المكتبة بدأت تتلف شيئا فشيئا.