القاهرة (خاص الشروق): عبد الرسول الزرقاني: وقع وفد الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان التي يقودها جون جارانج 3 بروتوكولات الاربعاء الماضي في نيفاشا بكينيا... تشتمل هذه البروتوكولات على اقتسام السلطة المركزية والاقليمية، مسألة تطبيق الشرعية الاسلامية في العاصمة القومية الخرطوم على المسلمين فقط... وتحديد وضع منطقتي جبال النوبة والنيل الازرق ومنطقة آبيي وهي المناطق الثلاثة المتنازع عليها... تُرى هل سيساهم توقيع هذه البروتوكولات الثلاثة واتفاق السلام الشامل المرتقب في توحيد السودان وحل مشاكله... أم أن ذلك سيخلق سيناريوهات اخرى، وخاصة في حال فشل الفترة الانتقالية تؤثر على اوضاع السودان الداخلية والاقليمية؟! «الشروق» طرحت هذه القضية على عدد من خبراء الشأن السوداني في مصر بحكم العلاقات الاستراتيجية بين البلدين واجمعوا في اجاباتهم على أن» السودان مازال في دائرة الخطر». يوضح د. حسن ابو طالب الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالاهرام في ورقة بحثية حول سيناريوهات مستقبل السودان: ان مستقبل السودان مرهون بالفترة الانتقالية ومدتها 6 سنوات، حيث يمكن ان تشهد هذه الفترة تطبيقا سليما لكافة الاتفاقيات المبرمة بين الجانبين او تشهد اخفاقات وازمات جديدة تخلفها الاوضاع الانتقالية. السيناريوهات المتوقعة وأوضح انه بناء على حجم النجاح والاخفاق المرهون بالفترة الانتقالية سيكون هناك اربعة سيناريوهات: الاول: في حالة نجاح المرحلة الانتقالية، سيكون هناك سودان جديد متسامح يقبل الاخر، تعددي، وسينعكس ذلك بشكل ايجابي على الاوضاع الداخلية ودول الجوار. الثاني: في حال اخفاق المرحلة الانتقالية، سنعود للمجهول... لصراعات وازمات وحروب لا حدود لها. الثالث: افتراق بين الشمال والجنوب بشكل حضاري. الرابع: افتراق بمشاكل، حيث يمكن ان يكون الانفصال بين الشمال والجنوب مقدمة لوجود كيانين متصارعين. ويوضح الصورة أكثر «للشروق» الدكتور طلعت بيومي الخبير الاقتصادي وأحد المهتمين بالشأن السوداني ويسير الى ان هذه الاتفاقيات مليئة بالثغرات وذلك لأن اتفاق تقاسم الثروة على سبيل المثال اهتم بمعالجة قضية النفط التي تمثل القضية الاهم من وجهة نظر الجنوبيين وتجاهل قضايا اخرى مثل توزيع عوائد الارض الزراعية والموارد الطبيعية الاخرى كما ان القضية تم حصرها في طرفين اساسيين هما الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان، وتجاهلت القوى الجنوبية الاخرى، حيث من المعروف ان قبائل الدينكا التي ينتمي اليها جون جارانج لا تمثل سوى 18 من سكان الجنوب. ويرى الدكتور بيومي: أن كل هذه الثغرات في الاتفاقيات يمكن ان تخلق مشكلات وذلك على الرغم من ان وضع النفط القائم حاليا يمكن ان يلعب لصالح الحكومة السودانية لأنها الطرف المتحكم الان في عملية الاستخراج والنقل والتصدير الا انه يمكن لقادة القبائل والمليشيات الاخرى في الجنوب ان تسبب مشاكل عديدة للشركات النفطية مما قد يعني في نهاية المطاف بدء دوران عجلة الصراع من جديد في الجنوب. **أخطر المراحل ومن جانبه يؤكد الخبير الاقتصادي محمد عبد الغني «للشروق» أن مرحلة تطبيق اتفاقية تقاسم الثروة في الجنوب ستشهد فترة من عدم الاستقرار لأنه طبقا لما جاء في نصوص الاتفاق فإن أصحاب الحقوق في الاراضي الموجودة بها النفط سيتم استشارتهم في بنود عقود استخراج النفط من أراضيهم وفي شأن تنمية هذا النشاط بخلاف التعويضات لاصحاب هذه الاراضي وكلّها أمور يمكن ان تكون بذور خلاف قد تهدد الاستقرار في الجنوب وتعوق الاتفاق. ومن جانبه يقول هاني رسلان خبير الشؤون السودانية بمركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام ان الامور تسير حاليا على خطى مشكلة الجنوب، بعد الخطوات المتسارعة التي نقلت الازمة من دار فور من أزمة داخلية الى حيز التدويل... مما يعني أنها ستساهم ايضا في تحديد سيناريوهات المستقبل السوداني ويشير الى أن مسار المفاوضات الآن لا يجري تحديده بواسطة الاطراف السودانية بل بواسطة الاطراف الدولية الراعية وعلى رأسها الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي. ويرشح ذلك السودان لمواجهة مرحلة في غاية الخطورة قد تصل به في حالة تأزم الأمور في الفترة الانتقالية الى التفكيك الى كيانات هشة متصارعة احدها في الجنوب والثاني في الوسط والشمال والثالث في اقليم دار فور الذي يتحدث زعماوه حاليا بلغة قريبة من لغة جون جارانج، حيث يطالبون بتوزيع عادل للسلطة وبحكم ذاتي موسع... وبناء السودان على أسس جديدة. **احتمالات الانفصال وردّا على تساؤل مهم مفاده هل يمكن ان يحدث الانفصال بين الشمال والجنوب بسهولة بعد فشل الفترة الانتقالية؟ الخبراء المصريون يحذرون من ذلك. وذلك على خلفية ما أعلنه الصادق المهدي رئيس حزب الأمة السوداني بأن ذلك مازال واردا بالرغم من كل الاتفاقيات التي تم ابرامها وذلك بسبب الاثار التي تركها نظام الانقاذ الذي كان يهدف لتطبيق الشريعة الاسلامية وحسم الهوية السودانية رغم وجود سكان آخرين ليسوا عرباولا مسلمين... لكنه يرى ان هناك عقبات ستواجه هذا الانفصال وذلك على التالي: 1 البترول السوداني يقع في منطقة شمال الجنوب، وجنوب الشمال والبنية التحتية اللازمة لنقله وتصديره تقع بأكملها في الشمال ومن ثم فإن البترول يمثل عامل توحيد وليس انفصال. 2 إن الجنوبيين الموجودين في الشمال اكثر من أولئك الموجودين في الجنوب وهؤلاء اندمجوا في نسيج الاقتصاد الشمالي، وبالتالي لا يمكن اعادتهم للجنوب الا بعملية تطهير عرقي. 3 إن النزاعات ليست شمالية جنوبية فقط، بل هي أيضا نزاعات جنوبية جنوبية ومن ثم فإن انفصال الجنوب لن يعني استقرار الاوضاع.