ذبح العجول في جربة بمناسبة عيد الاضحى المبارك هي عادة توارثتها الاجيال المتعاقبة مند عقود طويلة، ولا تزال هذه العادة راسخة إلى اليوم في الجزيرة رغم الارتفاع الكبير المسجل، خلال السنوات الاخيرة، في أسعار العجول، وكذلك رغم ما يتم تداوله، عند اقتراب عيد الاضحى من كل عام، من تحذيرات صحية بخصوص أمراض قد تصيب هذا القطيع، ف" القديد" بالنسبة لربة البيت الجربية لا يمكن التتنازل عنه بأي حال من الاحوال وتحت أي ظرف . وبالفعل، فقد تعامل أهل جربة بكثير من الهدوء والرصانة مع ما تم تداوله بخصوص داء السل الذي يصيب العجول بمنطقة الجنوب، فهذا المرض معروف لديهم منذ سنوات عديدة، وهم على بينة من كيفية التعامل معه إذا تم التفطن إليه في إضحياتهم، ولذلك لم يسجل أي عزوف عن الاقبال على شراء على العجول. السيدة حياة هي واحدة ممن لا تتنازل، حسب تعبيرها، على ذبح العجل، وعلى توفير عولتها من القديد مهما كانت الاسباب، مؤكدة أنه لا مخاوف لديها مما يروج حول الاصابات بمرض السل، فهي تراقب العجول التي تمتلكها عن كثب، ولم تلحظ أي تغيير على صحتهم. وقالت حياة إنها مستعدة إلى الالتجاء إلى الطبيب البيطري إذا ما ساورتها أي شكوك حول صحة قطيعها ، وهو نفس موقف التيجاني الذي أكد لمراسلة (وات) أنه على قناعة كاملة بضرورة توخي الحذر واليقظة، وأنه لن يتردد في استشارة طبيب بيطري في صورة رصده أي تغير في صحة عجله أو خروفه، إلا أنه أشار، في المقابل، إلى أن هذا المرض ليس جديدا، إذ تم في السنة الماضية بمنطقة أجيم التي يقطن بها اكتشاف حالتين ، واضطرت العائلتان إلى إتلاف العجلين بالكامل بعد استشارة البيطري. كلام التيجاني أكده الطبيب البيطري في المنطقة، صابر بن بوزيد، الذي أشار إلى أن ثقافة الطب البيطري مترسخة لدى الاهالي، حتى أن الكثير منهم يبالغ في الامر أحيانا، وفق قوله، موضحا أن العائلات تقبل كثيرا على الطب البيطري، فكلما لاحظت تغيرا على صحة عجل أو خروف تستدعي الطبيب البيطري للاطمئنان والاخذ بنصائحه. وأضاف الدكتور بوزيد أن داء سل الابقار ليس بجديد أو طارئ فهو موجود منذ سنوات، مؤكدا أن الامر هذا العام، وعلى غرار الاعوام السابقة، لا يدعو إلى القلق، داعيا، رغم ذلك، إلى الحيطة والانتباه، ومشيرا إلى تفطنه إلى حالتين في عيد الاضحى المنقضي تم اتلافهما بالكامل، بعد ذبحهما. وقال إن الاطباء البياطرة يظلون على الذمة كامل يوم العيد للتدخل عند الحاجة وهو ما تعود به الاهالي الذين لا يتوانون عن استشارتهم ليس يوم العيد فقط بل حتى في بقية الايام وخاصة مربو الابقار الصغار الذين يقتنون أبقارا لتسمينها وبيعها بمناسبة عيد الاضحى فقط. ومن جهته قال الطبيب البيطري ورئيس قسم الارشاد والنهوض بالانتاج الحيواني بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بولاية مدنين، عمار الجامعي، أن قطيع الابقار في ولاية مدنين سليم إذ لم تسجل اية حالة لسل الابقار به، مضيفا أن الولاية تعد نحو ألفي راس تخضع جميعها للمراقبة من قبل البياطرة الموجودين بالجهة. وأشار إلى أن قطيع الجهة لا يطرح إشكالات، والتخوف قد يأتي من الرؤوس الوافدة من خارجها، وخاصة بمناسبة عيد الاضحى، حيث يكثر الاقبال على الابقار وخاصة بجزيرة جربة، لذلك تم وضع فريق من البياطرة على الذمة للتدخل عند الضرورة، إضافة إلى مراقبة الاسواق ونقاط البيع من المنتج الى المستهلك . ومن جانبها، وفي تصريح ل (وات)، اليوم السبت، أكدت المختصة في سلامة وجودة الاغذية ورئيسة قسم بالمعهد الوطني للتغذية والتقنية الغذائية، رنا غيلوفي، أن مرض السل الرئوي موجود عند الابقار من عقود في البلاد التونسية وأنه يوجد برنامج وطني لمقاومته انطلق تنفيذه منذ سنة 1959 واوضحت أن حالات السل المسجلة لدى قطيع الابقار لم تشهد ارتفاعا وأن خطر السل يكمن، بالخصوص، في الحليب ومشتقاته بنسبة 80 بالمائة اما بالنسبة للحوم فهو يصيب بالخصوص الغدد اللمفاوية ويؤدي الى انتفاخها مما يشكل خطرا على مستهلكي هذه اللحوم والحليب. وأفادت أن المعهد الوطني للتغذية والتقنية الغذائية سينظم يومي 12 و13 سبتمبر الجاري يومين مفتوحين للعموم سيخصصان لمراقبة الاضاحي صحيا، داعية المواطنين الذي يستهلكون الابقار ويلاحظون وجود بقع مريبة على لحم الذبيحة الى التوجه الى المعهد أو إلى إحدى فروعه بالجمهورية من أجل إجراء فحوصات سيؤمنها 350 طبيبا بيطريا جندهم المعهد كمتطوعين طيلة أيام عيد الاضحى لتقديم الارشادات الضرورية للمواطنين والحفاظ على سلامتهم وسلامة البيئة. وقد وضع المعهد الوطني للتغذية والتقنية الغذائية أرقام الهاتف التالية للمواطنين لمزيد الاستفسار على كل مايتعلق بوضع الاضاحي من الاغنام او الابقار وهي : 71150513 و71150534 و71150505 و71150509