كرة القدم العالمية : برنامج أبرز مباريات الأحد و النقل التلفزي    تمتيع 120 ألف تلميذ من العائلات المعوزة ببرنامج المساعدات المدرسية    إيقاف تمديد هذه العقود    الشركة التونسية للملاحة .. إلغاء سفرة تونس مرسيليا المبرمجة اليوم على متن السفينة «قرطاج»    بن ريانة: وضعية السدود أفضل    بنزرت .. تأجّل انطلاقه أكثرمن مرّة .. أسطول الصمود يبحر نحو غزّة    رئيس الجمهورية في اجتماع مجلس الوزراء .. تونس ماضية بخطى ثابتة نحو الأمام    الرابطة الاولى.. نتائج الدفعة الاولى من مواجهات الجولة 5 للبطولة    أخبار النادي الصفاقسي .. الكوكي أمام امتحان صعب    بنقص عددي.. ريال مدريد ينتصر بصعوبة على مضيفه أمام ريال سوسييداد    طقس الليلة    مصر.. رجل اعمال فرنسي يسرق كمية من الذهب من مصنع مجوهرات    "مواسم الريح" للأمين السعيدي رواية الإعترافات والبحث في أعماق الذات البشرية    «صوت هند رجب» لكوثر بن هنية في قاعاتنا ..صوت الطفلة الغزّاوية الذي فضح صمت العالم    في اختتام المهرجان الجهوي لنوادي المسرح بولاية المنستير .. ترشح شباب المكنين ، سيدي عامر والمنستير للمسابقة الإقليمية    عاجل: نشرة خاصة لأسطول الصمود...رياح قوية وأمواج عالبة    وقفة احتجاجية قرب السفارة الأمريكية بدعوة من الشبكة التونسية للتصدي لمنظومة التطبيع    بطولة النخبة لكرة اليد: الإفريقي في الصدارة وساقية الزيت يظفر بدربي الحمامات    ليلة منعشة بانتظار التونسيين    السينما التونسية تسجل حضورها في المهرجان الدولي للفيلم الفرنكوفوني بنامور    الإنفلونزا ليست موسمية فقط.. قد تدمّر رئتيك من الداخل!    محمد الشويخي يتولى رئاسة الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري لفترة انتقالية الى غاية اتخاب رئيس جديد    عاجل: هذا ما قرره القضاء في حق صاحب مؤسسة أنستالينغو    جسر بنزرت الجديد...جاهز للاستغلال في سبتمبر 2027    8 دول عربية تتأثر بالأمطار الرعدية والبَرَد هذا الأسبوع    الكاف: موت مستراب لشاب    بنزرت: إعادة ضخ 21 طنا من الخضر والغلال في المسالك القانونية اثر حملة رقابية مشتركة    الشركة التونسية للكهرباء والغاز: انقطاع التيار الكهربائي ببعض المناطق بإقليم الكاف اليوم السبت وغدا الأحد    بطولة العالم لألعاب القوى: المنتخب الامريكي يفوز بذهبية 4 × 400 متر تتابع مختلط    كاس ديفيس للتنس (المجموعة الاولى) تونس تنهزم امام السويد 2-0 في مباراة الزوجي    محمد الجبالي يوضح: لم أتهم فضل شاكر بالسرقة والتشابه موجود    عاجل/ وزارة النّقل تكشف آخر الاستعدادات للعودة المدرسية والجامعيّة والتّكوينيّة 2025-2026..    عند سوء الاستخدام.. بعض الأدوية قد تصبح قاتلة...شنيا هي؟    "أسطول الصمود" يطرد صحفية إيطالية من على متنها    كيفاش البصل يحميك من الأمراض والبرد؟    أبراج باش يضرب معاها الحظ بعد نص سبتمبر 2025... إنت منهم؟    عاجل/ استشهاد اربعة فلسطينيين برصاص الاحتلال أثناء إنتظار المساعدات..    العربي الباجي: "القرار الأممي حول حلّ الدولتين إلغاء للحق وتكريس للباطل"    عاجل/ الحوثيون يعلنون استهداف نقاط صهيونية حساسة..    إحياء أربعينية فاضل الجزيري الأسبوع القادم    أضواء على الجهات:جمعية صيانة مدينة بنزرت أفضل مثال على تكاتف الجهود بين المجتمع المدني و مؤسسات الدولة    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    تصريح / مشروع جسر بنزرت الجديد لم يواجه أي مشكل عقاري ،وقيمة تعويض أصحاب المنازل المزالة بلغت 45 مليون دينار    وزارة الصحة تطلق خطة وطنية للتكفل بمرضى الجلطة الدماغية    البرلمان العربي يثمّن اعتماد الأمم المتحدة "إعلان نيويورك" ويؤكد دعمه لحل الدولتين    ارتفاع عجز ميزان الطاقة الأوّلية بنسبة 16% مع نهاية جويلية 2025    زلزال بقوة 7.4 درجة قرب ساحل كامتشاتكا ولا خطر من تسونامي    الديوانة: حجز بضائع مهرّبة تفوق قيمتها 19 مليون دينار خلال الأسابيع الفارطة    وزارة الصحة تحذر    عاجل/ فرنسا تمنح تونس 3 قروض وهبتين.. وهذه قيمتها    عاجل/ "فيتش رايتينغ" ترفع تصنيف تونس    تحت شعار "نعدو من أجل تونس أكثر خضرة ": هذا موعد الدورة 38 لماراطون كومار تونس قرطاج الدولي..    تونس: حجز أكثر من 15 ألف كرّاس مدرسي    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    مع الشروق : الحقد السياسيّ الأعمى ووطنية الدّراويش    خطبة الجمعة .. مكانة العلم في الإسلام    أبراج 12 سبتمبر: يوم يحمل فرصًا جديدة لكل برج    مهرجان المناطيد الدولي يرجع لتونس في التاريخ هذا...وهذه تفاصيله والأماكن المخصصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة مفتوحة إلى أسد رام الله مروان البرغوثي
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005

محمد المحسن الادارة الجهوية للتعليم تطاوين
اقتادتك فلسطين من يد روحك إلى فردوس الطمأنينة بل ربما الى النقيض... أنت الآن وحدك في عراء الخليقة الدامي، تقذفه الرياح الكونية من زنزانة... الى معتقل... الى هواء، يتهدم... إلى أرض تباع... الى عدالة عمياء.. الى ضمير أعزل وكفيف... والى أمل يضيق ولا يتهدم... وعلى شاشة الملأ الكوني، تترقرق الدمعة الأكثر ايلاما وسطوعا في تاريخ صناعة العذاب، وتعلو صيحة الضمير المعطوب، دون أن تسمع!
ودائما : ثمة شهداء يسقطون... ودائما خلف القاتل، ثمة حلفاء وقضاة وجيوش... وخلف الضحية... العماء والصمت.. وخلف العماء والصمت شعب يقيم أعراسه على حواف المقابر : أعراس مجللة بالسواد ومبللة بالنحيب، أعراس دم.
لكن...
ثمة أمل ينبثق من دفقات الدم ووضوح الموت... أمل يتمطى عبر التخوم... وإذن؟
إذن، وحدك بامكانك أن تحمل بين ضلوعك أملا وضّاء ينير عتمات الدروب.. أمامك... ووحدك بامكانك أن تقايض سخط الجلاد الحاقد بكلمة الأمل الغاضب... فقد علمنا التاريخ يا مروان أنه في أحيان كثيرة يمكن للأمل الأعزل أن ينتصر على جنون القوة المدرعة، كما علمنا كذلك، أن السفاح بما يريقه من دم يحدد الثمن النهائي لدمه، لهذا يمكنك أن تذهب بأحلامك من حافة الموت الى حافة الحياة حيث سترى خلف دخان الجنون وجلبة القوة. علم فلسطين وشمسها وأشجارها وحقولها وسمائها... وتحت سمائها تتلألأ الرنة السخية لفرح الإنسان... هناك، وعلى التخوم الفاصلة بين البسمة والدمعة ستعثر على فلسطين الحميمة وقد هيأت لك مقعدا مريحا ونافذة مفتوحة وسماء صافية وظلا ظليلا... ورغيفا لذيذا... وأنشودة عيد بهية... لتنزل ضيفا جليلا على مائدتها... مائدة الشهداء... والشهداء الأحياء : مائدة التاريخ...
ونحن!
نحن الذين نخبيء في عيوننا عتمات الأحزان، نحن من المحيط الى الخليج أمام البحر المتوسط، تنتصب أمامنا حاجبات الوميض، نقرأ أوجاعنا ونردد كلمات لم نعد نعرف أن نكتبها...
وأنت... أنت أيها الليث الجريح هل بوسعك منحنا قليلا من صبرك الرباني، فالروح محض عذاب؟ لكن من أين سيجد الصبر طريقه الى قلوب الحزانى والمعطوبين؟! ومن أين سيسلك المريد دربه إلى محراب فلسطين؟!
مروان الصابر : في غفلة من الزمن، أوقعتك القافلة سهوا عنك... سهوا عنهم... وها أنت ترنو بصمت الى وجه فلسطين، هذه التي اتخذت منها قضية حياتك وموتك لا لأنها كانت بعد عام 48 احدى المشكلات السياسية التي تتناقل أخبارها صحف وطنك بين الحين والآخر، بل لأنها أصبحت أردت ذلك أو رغبت عنه مصيرك الشخصي دون زيادة أو مزايدة ودون نقص أو مناقصة... أصبحت هذه القضية المقدسة قضية وجودك كفرد ينتمي الى ما يدعي بالنوع البشري، لا كوطن فقط أو كأمة هي سبب حزنك أكثر من نصف قرن لا بسبب أن وطنك هرم في أربع أو خمس حروب بل لأنك مضطر كل يوم يمضي أن تجدد لها البيعة ثانية علها تخان...
مروان الرابض على تخوم الجرح لا تخف، فالمعركة ستجيء، لكن قبل الموعد أو بعده، لذلك تستمر، ولأنها مستمرة فأنت مطالب بأن تكون حاضرا متى تُطلب وأينما طُلبت : الى السجن، المعتقل، القبو الجهنمي، المستشفى الأكثر بياضا من العدم، المنافي المتحركة الأرصفة الى المجهول. وعليك الاستشهار أردت ذلك أو رغبت عنه، لأن فلسطين قضية مقدسة، من أجلها تؤمم الديمقراطية فلا صوت يعلو فوق صوت المعركة وفلسطين هي المعركة. لذلك عليك أن تجيد سماع الصوت وأن تبدع في صداه.
مروان، لقد تعبت قليلا ولم تشخ. الزمن شاخ ولم يتعب. لكنك ظللت ترفض وترفض عقودا من الزمن، كان حزنك أثناءها يتلون أحيانا بألوان الطيف أو ألوان الورد. قاومت و هزمت لكنك انتصرت، كنت في المرآة عملاقا. لقد قلت لا بملء الفم والعقل والقلب والدم، ظلت فلسطين قضيتك المقدسة. فلسطين العربية كلها... رأسك يدور، ولكن لا تتعب، قد تنسى قليلا ما يجري أمام عينيك لكنك لن تهزم بعد قليل سوف سوف يوقفك الجلاد عند الحاجز بسؤال : حريتك أم حرية فلسطين؟ وسيوقفك ثانية عند الأسلاك ويسألك : العدل لك أم لفلسطين؟ أجبه بجسارة من لا يهاب الموت : فلسطين. وها هي فلسطين العربية كلها تقول لك : لم يفقد بعض البشر ايمانهم بالمسيح منذ ألفي عام فهل تفقد أنت ايمانك بالقدس في نصف قرن فقط؟! قطعا لا...
أسد رام الله : أنا كاتب هذه السطور المقيم في الشمال الافريقي، أنا الملتحف بمخمل الليل الجريح... أنا المتورط بوجودي في زمن ملتهب... أعرف أن الوجع في فلسطين رباني. كما أعرف أيضا أن الفعل هناك رسولي، لكني لا أملك سوى الحبر، وما من حبر يرقى إلى منصة الدم، وحتى حين يمور الدم في جسدي باحثا عن مخرج فاني لا أجد سوى الكتابة الكتابة عن الشيء تعادل حضوره في الزمن، ووجوده واستمراره في الحياة. ولأن الأمر كذلك فإني أصوغ لك هذه الكلمات علها تصلك عبر شيفرات الحرية، أو لعلها تصل الى كل زنزانة محكمة الاغلاق وإلى كل معتقل عالي الأسوار وإلى كل منفى داخل الوطن أو وراء البحار. وما عليك أيها الشامخ في قبوك إلا أن تحيي الكلمة العربية التي ذبحت وجنت وجاءت ولم تنتحر بعد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.