* السؤال: كثيرا ما يطلب زوجي معاشرتي فأعزف عن ذلك لعدم استعدادي نفسيا أو لشعوري بالارهاق وعدم الرغبة... فهل أنا آثمة بسبب ذلك؟ العلاقة الطبيعية بين الزوجين امر له خطره واثره في الحياة الزوجية، وقد يؤدي عدم الاهتمام بها، او وضعها في غير موضعها الى تكدير هذه الحياة وإصابتها بالاضطرابات والتعاسة، وقد يفضي تراكم الاخطاء فيها الى تدمير الحياة الزوجية والاتيان عليها من القواعد. وربما ظن بعض الناس ان الدين أهمل هذه الناحية برغم أهميتها، وربما توهم آخرون ان الدين اسمى واطهر من ان يتدخل في هذه الناحية بالتربية والتوجيه، أو بالتشريع والتنظيم، بناء على نظر بعض الاديان الى الجنس «على انه قذارة وهبوط حيواني». والواقع ان الاسلام لم يغفل هذا الجانب الحساس من حياة الانسان، وحياة الاسرة، وكان له في ذلك أوامره ونواهيه، سواء منها ما كان له طبيعة الوصايا الاخلاقية، أو كان له طبيعة القوانين الالزامية. وأول ما قرره الاسلام في هذا الجانب هو الاعتراف بفطرية الدافع الجنسي وأصالته، وادانة الاتجاهات المتطرفة التي تميل الى مصادرته، أو اعتباره قذرا... ولهذا منع الذين ارادوا قطع الشهوة الجنسية نهائيا بالاختصاء من اصحابه وقال النبي ص لآخرين ارادوا اعتزال النساء وترك الزواج: «أنا أعلمكم بالله وأخشاكم له، ولكنني أقوم وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء... فمن رغب عن سنتي فليس مني». كما قرر بعد الزواج حق كل من الزوجين في الاستجابة لهذا الدافع، ورغّب في العمل الجنسي الى حد اعتباره عبادة وقربة الى الله تعالى، حيث جاء في الحديث الصحيح: «وفي بضع احدكم (أي فرجه) صدقة»، قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: نعم أليس اذا وضعها في حرام كان عليه وزر... كذلك اذا وضعها في حلال كان له أجر، أتحتسبون الشر ولا تحتسبون الخير» (رواه مسلم). ولكن الاسلام راعى ان الزوج بمقتضى الفطرة والعادة هو الطالب لهذه الناحية والمرأة هي المطلوبة وانه أشد شوقا اليها، وأقل صبرا عنها على خلاف ما يشيع بعض الناس، أن شهوة المرأة أقوى من الرجل... فقد اثبت الواقع خلاف ذلك... وهو عين ما أثبته الشرع. ولهذا أوجب على الزوجة ان تستجيب للزوج اذا دعاها الى فراشه ولا تتخلف عنه كما في الحديث: «اذا دعا الرجل زوجته لحاجته، فلتأته وان كانت على التنور» (رواه الترمذي وحسنه). وحذرها ان ترفض طلبه بغير عذر، فيبيت وهو ساخط عليها وقد يكون مفرطا في شهوته وشبقه، فتدفعه دفعا الى سلوك منحرف او التفكير فيه، او القلق والتوتر على الأقل... «اذا دعا الرجل امرأته الى فراشه، فأبت ان تجيء فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح» (متفق عليه). وهذا كله ما لم يكن لديها عذر معتبر من مرض او ارهاق، او مانع شرعي او غير ذلك. وعلى الزوج ان يراعي ذلك... فان الله سبحانه وهو خالق العباد ورازقهم وهاديهم أسقط حقوقه عليهم الى بدل أو الى غير بدل عند العذر، فعلى عباده ان يقتدوا به في ذلك.