عبرت أحزاب ومنظمات من المجتمع المدني، في بيانات صادرة اليوم الاثنين، عن مساندتها المطلقة للمربية بمدرسة عقبة ابن نافع بحيّ البحري بصفاقس، فائزة السويسي، بعد تعرضها للمنع من مباشرة عملها من قبل عدد من أولياء التلاميذ، واتهامها بالالحاد والكفر، داعين السلط الجهوية والمركزية المعنية إلى تحمل مسؤوليتها كاملة في وقف هذا الاعتداء وتتبع كل المورطين فيه. ونددت الجبهة الشّعبيّة بشدة بمثل هذه الممارسات التي قالت أنها "تمسّ من حرمة المربيات والمربين والمؤسّسة التّربويّة العموميّة"، مطالبة السّلطات المعنيّة، وفي مقدّمتها وزارة التّربية والنّيابة العموميّة، ب"تحمّل مسؤوليّتها في ضمان سلامة المربية فايزة السويسي وتتبّع كلّ المورّطين في هذه القضية". كما طالبت وزارة التّربية بإجراء تّحقيق إداري مع المندوب الجهوي للتّربية على خلفيّة تصريحاته التي وصفتها ب"المهينة"، تجاه هذه المدرسة. ونبّهت الجبهة الشعبية أيضا إلى "خطورة مثل هذه الممارسات الرّامية إلى ملاحقة المناضلات والمناضلين التقدّميّات والتقدّميّين والتحريض عليهم ونصب محاكم التّفتيش لهم في خرق صارخ للدّستور الضّامن لحريّة الضّمير والمجرّم لكافة أشكال التكفير"، وفق نص البيان. وطالبت اللجنة الجهوية بصفاقس لحزب العمال، بمحاسبة المعتدين ومعطلي سير المرفق العام، و"بتحمل السلط الجهوية والمركزية الامنية والتربوية مسؤوليتها كاملة في وقف هذا الاعتداء السافر ووضع حد للانتهاكات التي طالت الأفراد، من ناحية، وتأمين العودة المدرسية، من ناحية ثانية". وأعربت عن اعتقادها أن هذا الاعتداء "ليس اعتباطيا و انما يمثل ردا على نضالات النساء التواقات للحرية وفيه رسالة واضحة مفادها التصدي لمكاسب المرأة"، مشيرة الى ان ما يؤكد ذلك هو استهداف مناضلة نسوية منتمية إلى منظمة النساء الديمقراطيات المدافعة عن مسألة المساواة بين المرأة و الرجل. وطالب حزب "القطب"، من جهته، بالتحقيق بجدية في هذه القضية، واتخاذ كل الاجراءات اللازمة لردع ومحاسبة المذنبين فيها وفي كل ما من شأنه المس من حرمة المؤسسات التربوية، معربا عن تضامنه مع هذه المربية واستنكاره "لما تعرضت له من إهانة وتجريح وهرسلة وتهديد". ودعا الى وضع خطة وطنية من خلال نصوص قانونية لحماية المؤسسات التربوية والمربين من الاعتداءات المتكررة التي يتعرضون اليها، داعيا إلى "تجريم التكفير وكل ما من شأنه المس بحرية الضمير والمعتقد كما نص عليه الفصل 6 من الدستور والشروع في مراجعة كل النصوص القانونية التي تتعارض مع الدستور". ومن جهتها، اعتبرت منظمة "مساواة"، ان "هذه الاعمال الاستفزازية تأتي في اطار محاولة الارتداد على مكاسب المرأة وتضييق الخناق على حريات نشطاء العمل النقابي والسياسي والحقوقي وان استهداف المربية فائزة السويسي فيه رسالة واضحة باعتبارها مناضلة نقابية وحقوقية ونسوية منتمية لجمعية عريقة وعضوة الفرع الجهوي للجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات"، حسب ما جاء في بيان صادر عن مكتبها الجهوي بصفاقس. وحملت منظمة "مساواة" السلط الجهوية مسؤولية تواصل هذا الاعتداء، مطالبة بالتصدي لتعطيل السير العادي للدروس ومقاضاة المعتدين. كما نبهت الى خطورة الاعتداء، مبينة ان منع المربية من مباشرة عملها وتكفيرها يشكل اعتداء على المؤسسة التربوية ويأذن باعتداءات لاحقة اذا لم يتم التصدي لهم.وجدّدت الجمعية التونسية للاولياء والتلاميذ في بيان أصدرته على خلفية هذه الحادثة، رفضها التّام لمثل هذه التصرفات ولكل مظاهر العنف مهما كان مصدره ومهما كانت دوافعه ومبرراته، معربة عن تقديرها غير المشروط لكافة أعضاء الأسرة التربوية بمختلف أسلاكهم ورتبهم. وحثت الأولياء على ضرورة التعامل مع كافة أعضاء الأسرة التربوية في كنف الاحترام والتقدير وعلى أساس الشراكة المسؤولة والإيمان بقدسية المدرسة وهيبة المربي والتقيد بضوابط القانون وبحدود الاختصاص بهدف الرقي بالمدرسة وضمان النجاح والتفوق للتلاميذ.ودعت الجمعية إلى القيام بتحقيق في ملابسات هذا الحادث قصد الوقوف عل حقيقة ما حصل وتحديد المسؤوليات، ولأخذ الإجراءات اللازمة لتفادي تكرار مثل هذه الممارسات. واعتبرت الجمعية أن التكوين القانوني لجمعيات أولياء التلاميذ بالمؤسسات التربوية يبقى من الحلول المثلى والضرورية للمساهمة في الرفع من أداء المدرسة والحدّ من مثل هذه التصرفات من خلال مزيد تاطير الأولياء بهدف الوقوف على حدود حقوقهم وواجباتهم وتقريب وجهات النظر واحتواء الاختلافات والحد من حالات العنف.
يذكر أن وزارة التربية كانت عبرت، في بيان لها، عن استنكارها ورفضها لما حصل للمربية فائزة السويسي، معتبرة ذلك اعتداء غير مقبول، كما قررت فتح تحقيق بالمدرسة الابتدائية حي البحري3 بصفاقس للوقوف على حقيقة الامر لتحديد المسؤوليات ولتجنب تكرر وقوع مثل هذه التصرفات.