ركن المواطن منجي الخليفي سيارته مضطرا حيث يمنع الوقوف لأن محركها تعالى دخانه جراء الوقوف لوقت طويل في نهج سعد زغلول الذي شهد أمس اختناقا رهيبا لحركة المرور. يبحث منجي الخليجي صحبة رفيقه منصف لموشي عن الماء وبعد ان اهتدى لإحدى المقاهي المحاذية اشترى قوارير ماء ليطفئ بها نار السيارة المشتعلة. لكن كم يلزمه من الماء ليطفئ نار أعصابه. هي اذا معاناة يعيشها أصحاب السيارات يوميا كما يعيشها أصحاب المحلات المحاذية لهذا النهج وفيما يلي شهادات وانطباعات تنتظر حلولا عاجلة. أين التنظيم؟ أفاد منجي الخليجي ان انتظاره ناهز الساعة داخل سيل السيارات الممتدة من مدخل نهج سعد زغلول حتى ان السيارة كادت تشتعل بسبب طول الوقوف. وذكر ان أعصابه احترقت جراء كثرة الوقوف وجراء التأخير الذي سيجعله في حرج من عدم احترام المواعيد. ورافقه منصف لموشي الذي ساعده على اطفاء نار المحرك بقارورة ماء، معلنا أن أعصابه لم تعد تحتمل ما يحدث في طرقات العاصمة. وانتقد كل منهما ضيق طاقة استيعاب الطرقات لسيل السيارات المتزايد يوما بعد يوم كما تساءلا عن غياب التنظيم الذي ييسر عملية المرور بشكل افضل وانتقدا سلوك المواطن في عدم احترامه للآخرين ولأولوية المرور عند الاختناق. وليس أدل على كلامهما من المشهد الذي صوّر وقوف الميترو من الجانبين باحثا عن أولولية المرور فيما تقاطعه السيارات من الأمام، وهنا يفرض السؤل نفسه أين التنظيم؟ ويبدو ان اختناق المرور بصفة يومية أرهق أصحاب سيارات التاكسي الذين صاروا يعيشون الاحتراق العصبي اليومي وها هو الحاج جيلاني الجلالي سنة عمل على سيارته متجولا بين الطرقات لكنه لم يشهد متاعب كالتي يعرفها اليوم حيث يقضي ساعات طويلة واقفا في الطريق ينتظر الفرج وختم حديثه «تاعب برشة». وذكر المواطن عبد اللطيف حذيري أنه قضى قرابة الساعة في زحمة نهج سعد زغلول. وذكر سائق تاكسي ان العيش داخل العاصمة لم يعد محتملا وان الهروب الى المناطق الداخلية هو أفضل حل لمن يستطيع ذلك؟ ضرر على أطراف نهج سعد زغلول انتصبت عديد المحلات التي تعايش الوضع اليومي لحركة المرور. وتضرر أصحاب هذه المحلات والعاملون فيها حيث أفاد حبيب محمد اخصائي في الاعلامية انه يعيش يوميا حالة ضغط جراء الاختناق لأن النهج هو المدخل الرئيسي للعاصمة. ويستمع يوميا لضجيج السيارات ومنبهاتها المتعالية جراء طوال الانتظار كما يشاهد في عديد الأحيان حوادث اصطدام بين سيارات. وذكر أن اكتظاظ النهج يجعل أصحاب المحلات في حيرة من حيث وقوف سيارات العمل. ويوجد ايضا اشكاليات عديدة في العمل بسبب تأخيره عن المواعيد المحددة حيث يستهلك للذهاب الى باردو مثلا للقيام بالصيانةقرابة الساعة وربع كما يستهلك ساعتين للوصول الى وادي الليل. وأفاد أنه يضطر أحيانا للانتظار قرب الادارة المعنية لأنه لم يستطع الوصول اليهم الا بعد انتهاء الحصة الاولى. وذكر من جهة أخرى ان كثرة تواجد السيارات بصفة يومية في النهج والضجيج المتعالي من المنبهات جعلاه يلازم غلق باب المحل طيلة اليوم ويحرم من التهوئة. وقضى صلاح عون الله 20 سنة في العمل بورشته لكنه لم يشهد توترا وضغطا نفسيا كالذي يعيشه خلال السنوات الاخيرة بسبب اختناق نهج سعد زغلول. وقال زميله سفيان بن عبد الرحمان : «نحمد الله ان حاسة السمع لم تتضرر الى حد الآن ونطالب بحلول عاجلة قبل حدوث ذلك». وتحدث عن بعض الطرائف التي تحدث في النهج كخروج السواق من سياراتهم للشجار فيما بينهم واستعمال سائق الميترو لجهاز المخاطبة لتفسح له السيارات المجال للمرور. أين الحلول ؟ تتوالي السنوات ويتزايد تبعا لذلك عدد السيارات فها هي اليوم اكثر من مليون سيارة تتجول بالبلاد التونسية ويتزايد العدد مع دخول 26 ألف سيارة شعبية حتى بداية السنة القادمة ومع دخول اكثر من ألف سيارة بتسجيل أجنبي لتصبح معضلة اختناق المرور مضاعفة. وأمام هذه الوضعية يفترض التفكير في حلول جذرية تحد من احتراق أعصاب أصحاب السيارات ومستعملي الطرقات التي ظلت على حالها منذ سنوات. ولماذا لا يتم تنفيذ اخراج الوزارات والمؤسسات التي يرتادها المواطن بصفة مكثفة ويكثر بها عدد الموظفين وذلك للحد من دخول العاصمة التي تحتوي على مداخل محدودة. وبناء على افتراض ان يوم الاثنين هو يوم أسود بالنسبة لأصحاب السيارات والتاكسي والحافلات الذي يشهد اختناقا مضاعفا للأيام الاخرى، لماذا لا تلائم الادارات العمومية والمستشفيات العمومية مواعيدها حيث لا يكثر الضغط فقط على يوم الاثنين فهل هذا اليوم فقط مخصص للعمل وبقية الاسبوع لقضاء أغراض شخصية. ولماذا يصر المواطن على قضاء شؤونه والتوجه نحو الادارات يوم الاثنين بصفة خاصة فهل ان بقية الايام لا تفي بالغرض. هي اذن أسئلة تحتاج اجابة وتحتاج دراسة معمقة لما يجري ببلادنا من نقائص حريّ بنا ان نتلافاها ضمانا لأمن وراحة المواطنين. نزيهة بوسعيدي