مازالت الذاكرة العربية محتفظة بتلك الفضيحة المدوية لقناة «الجزيرة»، عندما بثّت بعد ايام قليلة من احتلال شارون للاراضي الفلسطينية، صورا لسعودي اسمه محمد سعيد الغامدي وهو يخطب في الناس ويعرّف أنه أحد المشاركين في عملية 11 سبتمبر. وقد ثبت وقتها بالدليل القاطع وباعتراف مهندس يشتغل في القناة، انه تمّ تركيب الكوفية الفلسطينية على رأس الغامدي عن طريق الكومبيوتر عوضا عن العمامة التي كان يضعها على رأسه. أما لماذا فعلت القناة ذلك بلا «موجب» وتعمّدا، فإن العرب ا تفقوا كلّهم ان فعلة الجزيرة، لا تتعدى وهذا منطقي جدا الربط بين ارهاب 9/11 وارهاب الفلسطينيين! والآن، ها هي نفس القناة تعود لبث برنامج حول المدعو أبي مصعب الزرقاوي الذي تبرّأت منه منذ ايام المقاومة العراقية ذاتها، وقالت كل الاسباب التي تجعلها لا تحتاجه اصلا، خصوصا انها تعلم ما المقصود في الربط بينها وبينه. ومرّة اخرى يجدر السؤال، لماذا اختارت القناة هذا التوقيت بالضبط؟ ومن أين لها بتلك الصور الخاصة بشخصية الزرقاوي؟ بل ولماذا «فبركتها» الان، هل لاعداد برنامج مثير يضمن الريادة دوما ودائما ويزيد في نسبة اقبال المشاهدين. أم لغرض في أنفس ثابت من هي؟ نسأل في هذا الوقت بالذات، لأن شهرة الزرقاوي ليست وليدة اليوم، والحديث حوله ليس جديدا؟ وكان يمكن للقناة أن تتحدّث عنه منذ شهور وليس منذ ساعات، وأن تبث برنامجها عنه على الاقل يوم قيل انه حضّر عملية في الاردن، لو هي نجحت لقتلت 80 ألف مواطن وغطت «الجزيرة» هذه الحكاية وخصصت لها ساعات وساعات! أما أن يتزامن الامر مع قرار عودة «السيادة» للعراقيين، ومع كلام امريكي عنه خرج حتى من شفتي الرئيس بوش شخصيا. فذلك ما لا يدعو للريبة وحدها، بل وللادانة ايضا. ولأن العراق اصبح عبارة عن ا كبر خشبة مسرح عالمي فليس غريبا أيضا أن تعلن قوّات الاحتلال عن القبض عليه في العراق، وان تقدّم ايا كان على اساس أنه الزرقاوي المسؤول عن تخريب العراق، وعن ترويع أهله وعن اعاقة تقدّمه!