تتزامن أولى أيام عيد الفطر مع انطلاق تقديم الترشحات الى الانتخابات التشريعية، ومع آخر أيام تقديم الترشحات الى الانتخابات الرئاسية، وهو تزامن محمود نفسيا، اذ يضفي على أجواء هذا الاستحقاق السياسي التعددي، طقس العيد وصفائه وتسامحه، بعيدا عن مناخ التوتر والتشكيك والغضب التي قد تصاحب مثل هذه المناسبات، في عديد الأحزاب، وبينها أيضا. وإذ كان الجميع يأمل ان تسود أجواء الفرحة وتتجسّد مقوّمات العرس الديمقراطي على كامل مراحل العملية الانتخابية ، وتغيب كل مظاهر التشكّي والانتقاد والطعون، فإن على جميع المتدخلين والمشاركين في العملية الانتخابية التحلي بأخلاقيات وآداب العمل السياسي النزيه والتمسّك بتطبيق نص وروح القانون الانتخابي والنأي عن الاستفزاز وردّ الفعل وغيرها من السلوكات التي لا تغيب عن مثل هذه المناسبات. إن تونس، بما راكمته من إصلاحات سياسية وما سنّته من تشريعات تقدمية وسّعت في حجم المشاركة في العملية الانتخابية ورفعت سقف التعدد في الترشحات للرئاسية والتشريعية، جديرة بأن تنجز عرسا انتخابيا ديمقراطيا، بلا تجاوزات او انتقادات، وهي ليست بحاجة الى مراقبين من الخارج لتحقيق هذا الهدف، التنمية السياسية في تونس تجرّ وراءها ثلاثة آلاف عام من دستور قرطاج وهياكلها المنتخبة الى اليوم. إن احزابنا وكوادرها ومختلف مكوّنات المجتمع المدني قادرة بالاعتماد على إدارة محايدة وبروز مناخ توافقي، على تأطير التنافس وافراغه من التشنّج والتوتر وعلى ضمان الالتزام بتطبيق القانون على الجميع بكل شفافية وبالتساوي بين كل المشاركين في العملية الانتخابية ويتحمّل التجمّع الدستوري الديمقراطي وزر انجاح هذه الانتخابات وضمان شفافيتها وغياب كل أشكال الانتقادات او الطعون، فهو حزب الأغلبية، وهو المؤتمن على التغيير وعلى تجسيم المشروع المجتمعي الذي جاء به. والحزب الحاكم الذي يضمّ أكثر من مليوني منخرط مرشح للفوز بكل الدوائر، بحكم تفاوت موازين القوى بينه وبين بقية الأحزاب المشاركة حتى وإن اجتمعت على ذلك ولن تجتمع، وهو في المقابل لن يتحصل إلا على 75٪ من مقاعد البرلمان مهما كانت النسب المائوية من أصوات الناخبين التي سيتحصل عليها. هذا المعطى سيحصر التنافس بين أحزاب المعارضة على المقاعد التي ستوزّع على المستوى الوطني (53 مقعدا أو 25٪ من المقاعد الجملية للبرلمان) وهو ما يمثّل عاملا مساعدا للحزب الحاكم لتهيئة مناخ انتخابي شفّاف ينتصر للتعددية والاختلاف وليؤكد ان التنمية السياسية في تونس خيار ثابت لا رجعة فيه ولا يمكن لأحد أن يشكّك في ذلك.