بلا خوف ولا جزع، تشهد الأيام القادمة، فلسطينالمحتلة، مناورات مشتركة بين الكيان الصهيوني والولاياتالمتحدةالأمريكية، وتعد إحدى أكبر المناورات العسكرية المشتركة التي يعرفها الطرفان. الهدف المعلن، عبر الإعلام، في هذه المناورات، هو التدرب على مجابهة هجوم صاروخي على إسرائيل، يكون متعدد المصادر... إحدى البوارج الحربية الأمريكية وصلت نهاية الأسبوع المنقضي إلى ميناء حيفا، وسوف يتم استخدام شبكة صواريخ مضادة للصواريخ، ومنها شبكة «باترويت» الأمريكية وهي منظومة صواريخ استخدمتها واشنطن ضد العراق في التسعينات. هكذا تأكدت صفة الكيان الصهيوني، بأنه رأس حربة الإمبريالية في المنطقة. وهكذا أيضا، تكون العلاقة العضوية بين واشنطن وتل أبيب تأكدت. وبالتالي، فإن أي حديث عن وساطة أمريكية في مجال القضية الفلسطينية يصبح بلا معنى... الولاياتالمتحدةالأمريكية تبنت «إسرائيل» منذ زمن... فهي تعتبر أن هذا الكيان، هو إمتداد لها ولمصالحها، لذلك نجدها لا تتوانى ولا تنقطع عن توفير الإمداد العسكري اللوجستي، لإسرائيل، على حساب كل بلدان المنطقة. إن جردا بسيطا لقائمة الإمدادات العسكرية الأمريكية نحو إسرائيل والتحالف العسكري بين الطرفين، كفيل بأن يؤكد أن الكيان الصهيوني، ليس سوى القاعدة المتقدمة، لمنظومة الإستعمار والإمبريالية. وهي منظومة، تقوم على مهاجمة الآخرين من البلدان والشعوب من أجل إفتكاك ما يملكون، لصالح الطرف المهاجم... ففي 19 أفريل 1965، وصلت ميناء حيفا شحنة من الصواريخ الأمريكية «هوك» وهي صواريخ مضادة للطائرات... كما وقعت الولاياتالمتحدةالأمريكية، بعد ذاك التاريخ بسنة، إتفاقية مع «إسرائيل» تقضي بتزويدها بمادة اليورانيوم اللازمة لمفاعلها النووي... حدث هذا في زمن وتوقيت، كان فيه التحالف مع إسرائيل مقسوما بين فرنسا وبريطانيا، وكانت واشنطن، تعد في نظر البعض، طرف محايدا... إن الأهداف من مثل هذا الدعم العسكري الأمريكي ل«تل أبيب» سواء كان في شكل مناورات مشتركة. في صيغة دعم وعطاءات وهبات، عسكرية لإسرائيل، ظلت هي نفسها: تركيز وتثبيت دور «إسرائيل»، على أساس أنها رأس حربة الإمبريالية العالمية. «إسرائيل» التي نراها اليوم في أكثر فترات وجودها أريحية، على أساس أنها ضمنت عدم ردة فعل عربية على المستوى المنظور والطويل، وعلى أساس انتهاء عهد الثنائية القطبية التي كان يمكن أن تجعلها ككيان تحت مجهر الرأي الآخر، إسرائيل إذن باتت اليوم، وهي تستند إلى هذا النوع المتقدم من الدعم العسكري، لا تعير اهتماما يذكر لمسألة الحل في فلسطين... ففي حين، بدأت تكشف الأنباء عن فحوى وأهداف وتوقيت أكبر مناورات عسكرية مشتركة في تاريخ الكيان الصهيوني، بدا نتانياهو متمنعا عن حل القضية الفلسطينية، وبدا أوباما وكأنه يعيش عصرا غير هذا العصر، فيما بقي رئيس السلطة الفلسطينية، وبعد كل ما قدمته السلطة من تنازلات. كمن يده فارغة والأخرى لا شيء فيها، وذلك من خلال لقاء أمس بينه وبين الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي... إن هدف «إسرائيل» من هذه المناورات المشتركة، التي ستتم في غضون الأسابيع القادمة، بدا هدفا متعدد الأطراف: فهي تهدف إلى أن تفوز بالمعدات العسكرية التي ستقام بها المناورات، وهي معدات عسكرية أمريكية متطورة جدا وخطيرة على أمن المنطقة جدّا... جدّا... وسيكون لها ذلك دون شكّ... كما أنها تهدف إلى أن تخرج موضوع التحالف مع الولاياتالمتحدةالأمريكية. من السرية إلى العلن... فإسرائيل، تعتبر أن إعلان انحياز واشنطن لها، أمر إيجابي لصالحها... كما أن هدف «إسرائيل» من مثل هذه المناورات، هو الضغط على الطرف الفلسطيني، ومحاصرته مع زجه في خانة التنازلات... وذلك عبر الترهيب والتخويف... فهي إسرائيل رأس حربة الإمبريالية العالمية، وهذه المرة وبالدليل والإثبات...