التهديد الذي لوّحت به «هيلاري كلينتون» تجاه حزب الله اللبناني، من أن واشنطن «لن تمنع اسرائيل من القيام بأي هجوم، ما لم يوقف حزب الله دعم ترسانته العسكرية من الأسلحة» التي تقول وزيرة الخارجية الامريكية إنها أسلحة متأتية من التهريب، هو تهديد يثير الدهشة... إذ أن رصدا بسيطا لمواقف واشنطن من قضية الصراع العربي الصهيوني، لا يدع مجالا للشك في أن الولاياتالمتحدةالامريكية، هي الحليف الوفي وبدون شرط أوقيد، للكيان الصهيوني، وذلك على حساب الحقوق الوطنية الفلسطينية خاصة والعربية عامة. فمن أين للسيدة كلينتون، أن تلوّح بتهديد هي غير قادرة على الاتيان بعكسه؟ فهل رأينا يوما، موقفا صادرا عن الولاياتالمتحدةالامريكية، تمنع من خلاله واشنطن، «الكيان الاسرائيلي» من الهجوم على أي بلد عربي؟ إن الولاياتالمتحدةالامريكية، سواء كان البيت الابيض فيها، بيد «الجمهوريين» أو بيد «الديمقراطيين»، لم تقف يوما الى جانب الحق والشرعية، في قضية الصراع العربي الاسرائيلي. ولم نرها يوما تمنع غارة اسرائيلية غاشمة على لبنان أو على فلسطين أو على العراق أو تونس. لماذا؟ لأن التحالف الامريكي الاسرائيلي هو تحالف عضوي، يفوق كل أنواع الأحلاف والتحالفات التي نعرفها. لذلك، فإن وزيرة الخارجية الامريكية، وعندما تنطق بمثل ذاك التهديد، فإنها تجانب الصّواب. إذ أن الجاهل بكنه الصراع العربي الاسرائيلي، والذي يجهل مستوى التحالف بين واشنطن وتل أبيب وحده، من يمكنه أن يفهم من تصريح هيلاري كلينتون، بأن واشنطن تقدر على أن تمنع اسرائيل من مهاجمة لبنان والهجوم عليه.في حين نسيت «السيدة كلينتون» بأنها تتّجه من خلال، تهديدها الذي ضمّنته في تصريح ضد «حزب الله» في لبنان، الى رأي عام عربي، ناضج، ومجرّب للسياسة الأمريكية في كلّ أوجهها. وزيرة الخارجية الأمريكية، مثلها مثل كل مسؤول في بلادها، تخبّئ رأسها في الرمل، كلّما ارتكبت اسرائيل جرائم حرب في لبنان وفي فلسطين وفي غيرها من الدول العربية، التي لها علاقة ما بالثورة الفلسطينية وبالمقاومة.. ما جعل كلينتون تهدّد «حزب الله» بتلك الطريقة، هي الأحداث والتطورات التي عرفها المشهد الجيو سياسي، على إثر اللقاء الثلاثي بين نجاد والأسد ونصر اللّه، في دمشق.. لقد جدّدت كلينتون نفس السيناريو الأمريكي، تجاه العربدة الاسرائيلية وجرائم الحرب التي تأتيها قوات الاحتلال، في فلسطين خاصة «سيناريو»، مافتئ يعلن صراحة، الموالاة لإسرائيل، والعداء للثورة الفلسطينية ولكل أنواع المقاومة في لبنان أو في فلسطين والعراق.. الغريب، أن الديبلوماسية الأمريكية، سرعان ما تتحول الى ديبلوماسية هجومية، عندما يهمّ الأمر معاملة بالمثل في موضوع الصراع.. لذا فإن تهديد «كلينتون» ليس له أيّ معنى..