عندما نقول ان الموقف الأمريكي من القضية الفلسطينية، تحكمه مصالح وتحالفات عضوية بين واشنطن والكيان الصهيوني، فإننا لا نجانب الحقيقة.. الإدارة الأمريكية زمن بوش هي نفسها زمن كلينتون وزمن أوباما... إدارة تحكمها نواميس وقواعد، ليس للعرب ولا للقضية الفلسطينية فيها أي نصيب لا من العدل ولا من الرؤية الموضوعية.. ففي أول ردّ فعل سياسي أبدته وزارة الخارجية الأمريكية، على نيّة الجانب الفلسطيني في السلطة التوجه الى مجلس الأمن الدولي كي يستصدر قرارا للاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، جاء الرفض علنيا لمثل هذه الخطوة، بأن واشنطن سترفع الفيتو في مجلس الأمن ان وصل شأن الدولة الفلسطينية الى مجلس الأمن الدولي. والحقيقة ليس هناك عاقل يمكن ان يعتقد ولو للحظة، ان ثمة تغييرا في سياسة واشنطن العربية، وتحديدا تجاه القضية الفلسطينية، بمجرد ان تغيّر لون الإدارة.. فإسرائيل عهد «أوباما» تمكّنت من أكبر هدية من واشنطن، متمثلة في المناورات المشتركة التي اقرّت مؤخرا بين البحريتين العسكريتين، وفي فلسطينالمحتلة تحديدا، إضافة الى ان العتاد المستعمل في هذه المناورات الضخمة، سيبقى عند «إسرائيل» التي تعدّ رأس حربة متقدمة لقوى الاستعمار والامبريالية.. إن النهج المتاح اليوم، أمام الفلسطينيين وبقية الثوريين من العرب، ممن يرنون الى واقع عربي جديد، فيه فلسطين محررة، هو نهج المقاومة المسلّحة والممانعة الثقافية وروح البناء الحضاري التواصلي، الذي يجعل من هذه الأمة كيانا له مكان تحت الشمس. والمسؤولون الفلسطينيون في السلطة والذين يلوّحون اليوم بخيار إعلان الدولة الفلسطينية والاعتراف به من داخل مجلس الأمن الدولي، هم أنفسهم الذين أعطوا أكثر من «فرصة» لاسرائيل حتى تثبت حسن نواياها تجاه فلسطين القضية وفلسطين الشعب. ولكن اسرائيل، كشفت بالملموس ان كل تنازل يُقدّم لها من الجانب الفلسطيني، إلا وتقابله بجريمة حرب وإبادة ضد شعب فلسطين.. بل ان اسرائيل تراجعت عن كل الاتفاقيات التي أمضت عليها، من قبيل «أوسلو» وغيرها من الاتفاقيات التي تعدّ تحت سقف قرار التقسيم بكثير.. التعويل على موقف أمريكي متغيّر عبر قنوات الحوار والتنازل، هو نفق بلا نهاية.. لذا فالموقف الأمريكي لا يؤتمن..