لقاءات منفردة مع الرئيس الأمريكي، لقاء ثلاثي أمام عدسات التلفزيون، اجتماع للجنة الرباعية الدولية، ودورة جديدة من الاتصالات لايجاد تسوية لقضية الشرق الاوسط ، يبدو أنها وضعت على السكة من جديد. دورة جديدة قد تكون انطلقت فعلا، و لكن بتجاهل تام لكل الأسباب التي أفشلت الدورات السابقة من التفاوض او الاتصالات بين الفلسطينيين والاسرائيليين بوساطة أمريكية مباشرة. فعلى الرغم من توصل السلطة الفلسطينية، المعنية بالمفاوضات مع اسرائيل، إلى القناعة التامة بفشل جهود التسوية ، و تصريح القيادات الفلسطينية المختلفة بعدم جدوى استئناف المفاوضات مع إسرائيل في ظل الظروف الحالية المتسمة خاصة بالتعنت الاسرائيلي، فإن اجتماعات الجمعية العامة في نيويورك، واللقاء مع الرئيس الامريكي، كانت كفيلة باعادة الطرف الفلسطيني إلى المسار التفاوضي من جديد، بما أنه ينتظر انعقاد لقاءات بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي، بحضور أمريكي أو بدونه خلال الفترة المقبلة . ولا يخشى على الطرف الفلسطيني أن يستدرج إلى التوقيع على اتفاقات ، بعد كل التجربة المريرة الماضية في التفاوض العقيم مع اسرائيل. كما لا يخشى على الطرف الفلسطيني من هرولة محتملة نحو تقديم تنازلات، بما أنه لا يمكن لأي طرف أن يغامر بالتصرف غير المسؤول في حقوق الشعب الفلسطيني . الخشية اذن، هي من القبول بالانخراط في دورة وهمية جديدة من المفاوضات، يدرك العالم بأسره، انها ستنتهي عند نفس النقطة التي ستنطلق منها، اي التعنت والرفض الاسرائيليين لحل حقيقي ودائم، يكون قوامه خاصة تنازلات اسرائيلية حقيقة. دورة جديدة ستنتهي إلى الفشل، و لكن بعد أن تكون اسرائيل قد ربحت المزيد والمزيد من الوقت . الفشل هو النتيجة المنطقية والمنتظرة لأي جولة مفاوضات جديدة تتم ، اذا ما تمت فعلا ، في ظل الشروط الحالية. فعلى الرغم من الفشل الذريع المعلن للمفاوضات السابقة، وعلى الرغم من العدوان الاسرائيلي على غزة وادانة كل العالم لذلك العدوان، وعلى الرغم كذلك من استمرار اسرائيل في الاستيطان رغم رفض كل العالم لذلك، تنطلق جهود الوساطة الامريكية، المحركة حتى الآن لامكانية استئناف المفاوضات، دون بوادر حقيقية للضغط على الموقف الاسرائيلي. كما يبدو الطرف الفلسطيني، (ومن ورائه كل العرب)، في أضعف حالاته و قد جرّ جرّا الى التفاوض ... الموقف العربي والفلسطيني بلغ من التردي قبل لقاءات الجمعية العامة للامم المتحدة ، مالم يكن بالامكان توقع أسوأ منه ، ولكن في ظل الانقياد الأعمى الحالي وراء ما تقرره الارادة الامريكية، يبدو أن هذا الموقف، مقدم على مرحلة أسوأ وأسوأ بكثير من كل ما شهده خلال السنوات الاخيرة .