موافقة وزراء الخارجية العرب على استئناف المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين، نجحت في تجاوز العقدة التي ألزمت السلطة الفلسطينية نفسها بها وهي عدم استئناف المفاوضات مع اسرائيل حتى يتوقف الاستيطان. ولكن هذه الموافقة لن تنجح بإحداث شرخ في جدار التعنّت الاسرائيلي للوصول الى الحل المنتظر. صحيح أن استئناف المفاوضات هو مطلب بل حاجة اسرائيلية ولكن اسرائيل لم تقم بأي تنازل من أجل تحقيق هذا المطلب حتى أن هذه الموافقة على استئناف المفاوضات غير المباشرة جاءت وحبر ضم الحرم الابراهيمي ومسجد بلال الى ما يسمى بقائمة «التراث الاسرائيلي» لم يجفّ بعد! كما أن رئيس الوزراء الاسرائيلي عاد وذكّر بالشروط الاسرائيلية لتحقيق التسوية مع الفلسطينيين بما في ذلك ضرورة اعترافهم ب«يهودية اسرائيل» وحبر الموافقة العربية لم يجفّ بعدُ! اسرائيل اذن تعود الى المفاوضات من منطلق قوة ومن ميزان توازن لصالحها حتى أن رئيس وزرائها يسمح لنفسه بالنزول أكثر بسقف الموقف الفلسطيني عندما يلغي حق الفلسطينيين في المطالبة بالحدود، وبعودة اللاجئين في المفاوضات المقبلة. ربّما ألغت الموافقة العربية على استئناف المفاوضات غير المباشرة مع اسرائيل الحرج على السلطة الفلسطينية الخاضعة لمختلف الضغوط بعد أن تعهّدت رئاستها بعدم استئناف هذه المفاوضات في ظل استمرار الاستيطان، ولكن هذه الموافقة تشكّل محطّة تنازل جديدة لامحالة حتى وان كانت النوايا صادقة وحريصة على ربط هذه المفاوضات غير المباشرة بسقف زمني محدد لا يتجاوز الأربعة أشهر. فهذا الموقف يأتي في وقت تسرع فيه اسرائيل عمليات التهويد في كل ما تبقى من فلسطين، كما تحكم فيه الحصار على غزّة، جاعلة من هذا الحصار وضعا طبيعيا خارج أي تفاوض! اسرائيل اذن لم تغيّر ثوابتها أو ممارساتها ولا شيء يؤشّر الى أنها قد تغيّر بالتالي موقفها من التسوية مع الفلسطينيين، وما رغبتها في استئناف المفاوضات مباشرة كانت او غير مباشرة الا للتغطية على ما تقوم به، وللإيحاء بوجود امكانية لتحقيق مكاسب من أي مفاوضات. مكاسب لم تتحقق في كل جولات المفاوضات السابقة ولا يُنتظر ان تتحقق خلال الأشهر الاربعة المقبلة.