قدم التجمع الدستوري الديمقراطي قائماته الانتخابية مساء أمس الأول في 26 دائرة واذا كان التجمع على مرّ تاريخه الطويل قد شارك في كل الانتخابات التي شهدتها تونس المستقلة الا أن مشاركته هذه المرة اكتست أهمية خاصة. وتكمن أهمية مشاركة التجمع في تشريعية أكتوبر 2009 في الديناميكية الجديدة التي سجلتها قائماتها الانتخابية. ومن الجدير هنا التأكيد على عنصر مهم رافق إعداد القائمات الانتخابية في كل المراحل وهو عنصر السرية، فقد نجحت قيادة التجمع في المحافظة على السرية المطلقة في اعدادها للقائمات الانتخابية الى حد لحظة الاعلان عنها وهو ما يعطي ويقدم لعملية الاختيار والاعداد مصداقية كبيرة في حزب جماهيري مثل التجمع. ديناميكية وحتى نفهم بعمق «ديناميكية» القائمات الانتخابية للتجمع الدستوري الديمقراطي من المهم التأكيد على عدد من المعطيات الجديدة أهمها نسبة التجديد الكبيرة في تركيبة القائمات والتي بلغت نسبة ال 60٪ وهي نسبة تحتاج في نظرنا الى «شجاعة» كبيرة من قيادة التجمع حتى تتحقق. فليس من السهل بالمرة في حزب بحجم التجمع الوصول الى نسبة تجديد كبيرة وذلك بفعل «التجاذبات» الكبيرة داخل التجمع. لكن من المهم التأكيد على أن الرغبة القوية للتجديد لدى قيادة الحزب كانت وراء تحقيق هذه النسبة اضافة الى الايمان العميق بالكفاءات والقدرات الشابة داخل التجمع. وعرفت القائمات الانتخابية للتجمع ولأول مرّة نسبة هامة جدا من المترشحين الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و35 سنة وهو ما يعكس حرص التجمع ورئيسه على التشبيب مما يعني أيضا أن التجمع الدستوري الديمقراطي سيكون حامل لواء التشبيب داخل المجلس النيابي باعتباره الحزب القادر على استقطاب الشباب. جامعي لكن المهم في هذه الانتخابات أن التجمع هو الحزب الوحيد الذي بلغت نسبة المترشحين في قائماته ممن لهم مستوى جامعي 98٪ وهي نسبة لن تتوفر في باقي الأحزاب السياسية المترشحة مما جعل قائمات التجمع تضم في تركيبتها محامين وأطباء وصيادلة وأساتذة جامعيين وقد بلغت نسبة رجال التعليم فيها 20٪ وهو رقم له دلالات كثيرة يعكس علاقة رجال التعليم بالتجمع على مرّ تاريخه الطويل. كما تضمنت تركيبة قائمات التجمع في تشريعية أكتوبر حوالي 8٪ من المترشحين الذين يمثلون اطارات عليا منهم من يشغل خطة رئيس مدير عام. مقاييس لقد كانت للتجمع هذه المرة مقاييس صارمة في الاختيار، «مقاييس» طبقت بصرامة من طرف قيادة التجمع عكس ما كان معمولا به سابقا فقد حرصت قيادة التجمع على أن يكون المترشح مقيما بنفس الدائرة التي يترشح فيها وفي ذلك قراءات مهمة منها أن قيادة التجمع حريصة على أن يكون «النائب» ملتصقا بمشاغل القاعدة الانتخابية وأن يكون مرتبطا بالهياكل القاعدية التي تبقى الحلقة الأقوى في حزب بحجم التجمع الدستوري الديمقراطي. تقاليد بتلك «المقاييس» أسس التجمع لتقاليد جديدة في اختيار المترشحين...بتلك «المقاييس» بين التجمع مدى «شجاعة» قيادته ومدى قدرتها على «الفعل» داخل الهياكل دون أن ننسى أننا عندما نكون أمام التجمع فإننا نكون أمام «عملاق سياسي» له ملايين المنخرطين وله امتداد جغرافي كبير وله «قاعدة» هياكل صلبة. ذلك هو التجمع الذي بدا من خلال قراءة قائماته الانتخابية أنه قادر على «الفعل» وقادر على التجديد وقادر على خلق «ديناميكية» تعجز عن خلقها أحزاب أخرى. ذلك هو «التجمع» القادر على تحريك قاعدة «جماهيرية» ضخمة... ذلك هو «التجمع» «الماكينة» السياسية العملاقة التي نجحت في خلق أكبر عملية «تشبيب» في تاريخ الانتخابات التشريعية في تونس. ذلك هو «التجمع» الذي خرج من مؤتمر «التحدي» أكثر قوة وأكثر صلابة وأكثر قدرة على «الفعل« و«التحرّك»ً.