أحدث التجمع الدستوري الديمقراطي مفاجأة من النوع الثقيل من خلال اختياره عدم ترشيح أي من أعضاء الحكومة في الانتخابات التشريعية القادمة المقررة ليوم 24 أكتوبر 2004. وكان التجمع قد دأب في المواعيد الانتخابية السابقة على إسناد رئاسة أغلب القائمات الى الوزراء وكتّاب الدولة على غرار ما حدث في الانتخابات التشريعية لسنة 1999 عندما رأس عبد الله القلال قائمة صفاقس 2 ولمنذر الزنايدي (الصرين) وصلاح الدين بلعيد (المنستير) والفتحي المرداسي (جندوبة) ومحمد جغام (سوسة) ونزيهة زروق (أريانة) والحبيب مبارك (فصة) والشاذلي النفاتي (ابس) وأحمد فريعة (مدنين) وكمال الحاج ساسي (صفاقس 1) وعبد الرحيم الزواري (الكاف) وسميرة بالحاج خياش (تونس 2). وتندرج المبادرة التي أقدم عليها التجمع في قائماته التي ستدخل غمار انتخابات 24 أكتوبر القادم بحسب مقربين للحزب في إطار فتح الباب امام المناضلين وكافة الاطارات في الجهات من أجل التواجد في مجلس النواب والمساهمة بجهدهم في أشغاله المختلفة التي لن يغيب عنها أعضاء الحكومة من وزراء وكتّاب دولة خلال مناقشة فصول الميزانية أو استعراض مشاريع القوانين أو عبر جلسات الاستماع التي تجمعهم بالنواب لطرح المشاغل والاشكاليات الموجودة وإيجاد الاجوبة الملائمة لها. إشارة سياسية ورجحت مصادر أخرى مهتمة بنشاط التجمع وبحركية المشهد السياسي الوطني أن تكون مبادرة التجمع الاولى من نوعها اشارة سياسية مهمة لمختلف الفاعلين السياسيين وخاصة منهم أحزاب المعارضة التي ستنفتح أمامها فرص جديدة من أجل التنافس على المقاعد البرلمانية بصفة تحمل الكثير من الآمال بعد أن تغيب أعضاء الحكومة بما لهم من إشعاع وحضور من واجهة المنافسة، كما أن إجراء التجمع يعطي مسؤولية كبيرة ويلقي «الكرة» بين أيدي المناضلين والقواعد في الجهات من أجل التحرك الفعلي وتكثيف الجهد وعدم التعويل على «السند» الذي كانوا يلقونه على الدوام من الوزراء وأعضاء الحكومة. ولكل هذه الاعتبارات والقراءات ترى عدة أوساط سياسية أن «قرار التجمع» هو قرار في غاية من الاحكام بحيث لا يمكن أن يكون إلا منطلقا للبحث عن فلسفة جديدة وربما ما عبر عنه رئيس التجمع السيد زين العابدين بن علي في مواعيد قريبة من استعداد للدخول في مرحلة جديدة تواكب حجم التغير في البلاد ورغبة القيادة في مزيد تحريك الفعل السياسي الوطني برمته. وحتى المعالجة العددية والاحصائية لتركيبة القائمات التي اختار التجمع الدستوري الديمقراطي الدخول بها في السباق الانتخابي الجديد لا يمكن أن تفضي إلا الى هذه «الرؤية» التي حكمت تعامل قيادة التجمع مع متطلبات المرحلة، من ذلك ان النسبة العامة للتجديد التي لحقت مختلف القائمات مقارنة بتشريعية 1999 قد بلغت نسبة 62.5 وعرفت قوائم أخرى نسبة عالية جدا من التجديد على غرار مدنين (6 أعضاء من جملة 7) وصفاقس 1 (5 من جملة 6) وجندوبة (5 من جملة 7) وتونس 1 (6 من جملة 8) والصرين (5 من جملة 6) وتونس 2 (5 من جملة 7). وعرفت قوائم 4 دوائر انتخابية هي توزر وبلي وباجة وزغوان نسبة تجديد كليا (100). رؤساء وعلى مستوى رئاسة القائمات ومن جملة ال 25 قائمة المعتمدة سنة 1999 حافظت خمس قائمات على رؤسائها وهي: تونس 1 (فؤاد المبزع) عبد الباقي باشا (نابل) والهاشمي العامري (القيروان) وعبد اللطيف المكي (بن عروس) والهادي الوسلاتي (سليانة) وفي مقابل ارتقاء عشرة من أعضاء القائمات السابقة الى رئاسة القائمات الحالية في جهاتها (يوسف القروي تطاوين) التيجاني الحداد (أريانة) المنصف البلطي (جندوبة) عبد الرحمان بوحريزي (الكاف) شرف الدين لوز (بنزرت) الصحبي القروي (سوسة) حبيبة المصعبي (مدنين) العفيف شيبوب (تونس 2) فؤاد الروري (صفاقس 1) عامر البنوني (المنستير) أسندت رئاسة قائمات فصة وتوزر وبلي وزغوان وصفاقس 2 وسيدي بوزيد والصرين الى تجمعيين لم يكونوا متواجدين في تشريعية 1999 وهم على التوالي السادة: محمد خير الدين خالد وعلي الحفصي ومحمد الصغير المنتصر والمنصف عبد الهادي والازهر الضيفي والحبيب بن محمود الرابحي وأسندت رئاسة قائمة دائرة منوبة المحدثة الى السيد محمد السويح. وحيدة وكانت السيدة حبيبة المصعبي المرأة الوحيدة من «التجمعيات» المترشحات للانتخابات القادمة التي حازت رئاسة قائمة انتخابية هي الموجودة بدائرة مدنين، وبلغت نسبة المترشحات في قائمات التجمع 25 من المترشحين في كل القوائم وهي النسبة التي أمر رئيس التجمع باعتمادها والتي ساهمت تقريبا في مضاعفة عدد المترشحات التجمعيات إذ ارتفع عددهن من 20 مترشحة سنة 1999 الى 36 خلال الانتخابات القادمة وبلغت نسبة التجديد من النساء أكثر من 50 بمحافظة 10 من النائبات السابقات على أماكنهن وشهدت كل القوائم حضورا نسائيا باستثناء دوائر الكاف وزغوان وتوزروتطاوين وبلي وعرفت قائمتا سوسةوتونس 2 حضورا نسائيا مكثفا بتواجد 3 مترشحات في كل قائمة. تنافس ومن المنتظر أن ينهي اليوم التجمعيون تقديم قائماتهم الانتخابية الى السلط الادارية وللحصول على الوصولات النهائية التي تمكنهم بصفة قانونية من الدخول الفعلي والرسمي في السباق الانتخابي. يذكر أن اختيار مرشحي التجمع قد انبنى على الاستشارة القاعدية والوطنية الموسعة التي جرت في صلب كل الهياكل وذلك عملا على توفير أعلى قدر ممكن من التوافق حول أسماء المرشحين للانتخابات التشريعية القادمة التي تشير عدة معطيات انها ستكون بطعم جديد خاصة في ظل المشاركة المكثفة لاحزاب المعارضة والمستقلين. وفي ظل المتغيّرات: كيف سيكون تعاطي وأداء التجمعيين على أرض الواقع وهل سيتمكنون كما المرات السابقة من حصد كامل المقاعد البرلمانية المقررة على حساب الدوائر وعلى المستوى الجهوي والبالغ عددها هذه السنة 152 مقعدا أم أن منافسيهم سيتمكنون من افتكاك بعض المواقع وتجاوز النسبة المقررة لهم سلفا (20 على المستوى الوطني).