هو موسيقي تونسي مسيرته حافلة بالعديد من التتويجات وخاصة في مهرجان الأغنية التونسية بفضل ألحانه التي استهوت العديد من الفنانين مثل نوال غشام وسنيا مبارك وأماني السويسي وكريم شعيب وغيرهم، سجل أيضا تواجده بأحرف من ذهب في عدّة أعمال درامية تلفزية من خلال إبداعه في تلحين موسيقاها التصويرية وهو إلى ذلك حريص على الالتزام بالموسيقى الهادفة لا يساوم في توجهاته الفنية التي قادته إلى انتاج عدّة مشاريع إبداعية صحبة الشاعر المولدي حسين منها «غالية» و«خرافة على سوسة» نال بهما شرف افتتاح واختتام مهرجان سوسة الدولي. حديثنا بالطبع عن الطاهر القيزاني الذي وجدناه عاكفا على عمله الجديد «عشق» الذي افتتح به مهرجان المدينةبسوسة وترك انطباعات طيّبة. «الشروق» التقته في حوار حول هذا الموضوع ومواضيع أخرى. كيف تقدّم عملك الموسيقي الجديد؟ هو مختارات من الموسيقى الروحانية انتقيتها من بعض التجارب التونسية في الطرق الصوفية وبعض التجارب العربية في هذه النوعية وهي مجرّد أفكار قديمة تجمّعت في ذاتي وتخمّرت، وعندما توفّرت ظروف تجسيمها هذه السنة قرّرت تفعيلها في افتتاح مهرجان المدينةبسوسة أرجو أنها نالت الرضى والقبول من المتفرّج. ما الذي يميّز هذه التجربة؟ اعتدنا عدم تواجدها في آلات مختلفة مثل هذه النوعية الموسيقية الصوفية، إضافة إلى التوزيع الجديد لأغاني تعودنا سماعها بطريقة انشادية كلاسيكية. هل يمكن أن نصف هذا العمل بأنه «سلامية عصرية»؟ (يضحك).. هو اجتهاد يخصّ الألحان وكما ذكرت هو شبه اختيارات من أغان تتردّد في السلامية ولكن باعتماد آلات أخرى وأيضا بتوزيع جديد، هذا كل ما في الأمر، كذلك اعتمدنا مقطوعات تركية (أسمعنا بعضها). هل من فكرة حول الأصوات المشاركة في هذا العرض؟ نجاح القليعي خريجة المعهد العالي للموسيقى وهي من الأصوات الممتازة التي سيكون لها شأن كبير كذلك الحال بالنسبة لمحمد دحلاب الذي يتميّز بطاقات صوتية جيدة. هل ساورتك بعض الهواجس قبل تنفيذ هذا العمل بحكم قداسة بعض النصوص كأن تحيد عن جوهرها وتأثيراتها الخاصة على المتفرج؟ لا ولم يخامرني أي هاجس وهي تجربة من التجارب الموسيقية في نهاية المطاف. هل تأثرت بعروض سابقة؟ مثل ماذا؟ «بحور العشق» لخالد بن يحيى مثلا؟ لم أشاهد أي عرض من هذه التجارب. فأنا عادة أستمع إلى المقطوعات الأصلية أي أعتمد المراجع الأصلية لهذه التجارب حتى لا أتأثر بالتجارب اللاحقة. كيف ترى شروط تقديم مثل هذه الأعمال؟ الرؤية الواضحة لا بدّ لصاحب العمل أن يكون عارفا من أين يبدأ وإلى أين ينتهي مع تحديد غايات واضحة وتوفير عمل موسيقي مختلف عن السائد. يعني تغيير الدفّ بالعود والكمنجة؟ (يضحك).. لا ولكن الاجتهاد في توزيع الأغاني. كنت من القلائل الذين نجحوا في مجال الموسيقى التصويرية إن لم نقل أنك تميّزت في ذلك كيف تصف هذه التجربة؟ هي مجال أبرهن فيه عن وجودي كملحن وهي نسخة للخيال والسباحة بكل حرية دون التقيّد بقالب معيّن. يمكن صياغة موسيقى تتناغم مع كل مسلسل؟ كل عمل درامي له موسيقاه الخاصة مثلما له سيناريو خاص به. هل سمعت موسيقى تناغمت تماما مع مسلسل؟ موسيقى مسلسل «صيد الريم» مثلا. أنتجت أيضا ألحانا لعدّة فنانين كيف تصف هذه التجارب؟ كانت تجارب مهمّة في مسيرتي حيث لحّنت لسنيا مبارك ونوال غشام وكريم شعيب وأماني السويسي وآخرين.. وهي محطات ضرورية أضافت لرصيدي الغنائي وأضافت لرصيد الفنانين. هل هناك تجارب أخرى في الأفق؟ إنشاء اللّه في 2010 سألحن لزياد غرسة وصابر الرباعي وأمينة فاخت، هي مشاريع عمل أكثر منها ألحان باعتبار تواجد الشاعر المولدي حسين معي ويمكن أن أؤكد لك أنها لاقت الاعجاب وستنفّذ قريبا مع أصحابها. إذا تراجعت عن قرار الاعتزال الذي أعلنته في فترة من الفترات؟ صحيح فكرت في الاعتزال وإلى الآن أفكّر في ذلك، في ظل المركزية المسيطرة والاختيارات المبنية على المصالح الشخصية في عدة مهرجانات اضافة إلى الرؤية الضيقة للعديد من مندوبي الثقافة.. لا أسمع منهم إلا كلمة ضغوطات. فهل ذنبي أني متواجد في سوسة ولا أسكن في العاصمة، أحيانا أجتهد وأثابر وفي الآخر أشعر بعدم وجود موجب لذلك، فأفكر في تغيير نشاطي إلى الميدان التجاري. بكل ألم أقول أني أضحي وأجتهد صحبة فريق كامل يضم شخصي والعازفين والمغنين.. نتحمّل مصاريف العمل وعندما أجوب المندوبيات الثقافية أجد ردود أفعال أغرب من الغرابة. لا أدري بأي عقلية يفكّر مندوبو الثقافة. كيف ترى السّاحة الفنية الموسيقية التونسية؟ في حالة مخاض، تحوّل كبير، تفكير ومتاهة. أين ترى الفترة الذهبية؟ من الثلاثينات إلى السبعينات. من المسؤول عن توقف تلك الفترة حسب رأيك الملحن أم الشاعر أم المغني أم الجمهور؟ لا أحد من هؤلاء، قد يتحمّل الاعلام القسط الأكبر خاصة التلفزة إضافة إلى أن الأدوات تغيرت كالترويج والدّعم المالي والاشهار وغيرها من الأشياء التي أصبحت مؤثرة كالعلاقات مثلا. إذن كيف تتابع المشهد الموسيقي التونسي؟ كمتفرّج ومستهلك.. أفرح بتواجد التونسي. لماذا لم تتواجد في أي عمل درامي تلفزي هذه السنة ألم تتقدّم لاقتراح لحن لموسيقى تصويرية؟ أبديت استعدادا ككلّ سنة واقترحت التعامل مع عدّة مخرجين ولكن فاجأتني الردود فحبيب المسلماني قال: لماذا لا نجرّب أسماء أخرى رغم أني تحمّلت فشل مسلسله في السنة الفارطة، أما سلمى بكار فهي لا تعرفني ولا أريد التعليق على ذلك. هل ستتواجد عند رجوع مهرجان الأغنية التونسية؟ لقد جهّزت عملا وآمل أن أكون متواجدا. هل تشعر بالمنافسة؟ لا. ماذا يعني ذلك؟ كل زهرة لها رونقها ورائحتها.. يمكن كذلك أن تشبّهنا بالعصافير.. كل عصفور «يزقزق على روحو» لا يوجد سوق للملحنين، أين زغندة وعبد الكريم صحابو وغيرهم المطربون الآن أصبحوا يبحثون عن أغنية تراثية «ضاربة» عن أي تنافس تتحدّث؟ كنت تصاحب بفرقتك حفلات نوال غشام، هل حصلت القطيعة بينكما؟ نوال طلبتني منذ سنتين تقريبا لمرافقتها في حفل قرطاج فاعتذرت لها بحكم أن لي التزاماتي مسبقا (حفل زفاف) ألحت عليّ مقترحة تغيير الفرقة ولكن بحكم احترامي لعملي سواء كان في مهرجان أو حفل زفاف رفضت فغضبت وقرّرت الاستغناء عن فرقتي. خيّرت حفل زفاف على مهرجان قرطاج؟ لم أتعوّد خداع الجمهور مهما كانت المناسبة، لقد تم التعاقد مع الطاهر القيزاني وفرقته، فهل أراوغ وأنسحب، مهرجان قرطاج من المناسبات الكبرى ولكن كنت في موقف محرج وكان من المفروض أن تتفهّمه نوال. ماذا عن مشروعك الفني مع سنية مبارك؟ تحضير أبيرات غنائية بعنوان «أروى» كان من المفروض تقديمها بمناسبة القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية ولكن لأمور مادية تعطّلت وأتمنى تفعيل هذا المشروع صحبة المولدي حسين وسنية مصرّة على هذا المشروع.