حوار وإعداد فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي طلبت إذن من عضوي الديوان السياسي للحزب الحر الدستوري وعضوي المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل، أحمد التليلي وعبد الله فرحات، بأن يتوجها الى بورقيبة (رئيس الحكومة آنذاك في 1956) لكي يتوسطا لديه، حتى لا يشق النقابة، وأبلغتهما تبليغه، بأن أحمد بن صالح يمكن ان ينسحب من الكتابة العامة، فكان جواب بورقيبة لهما: «سأذهب الى الاممالمتحدة في نيويورك وعندما أعود سوف نرى..». وهنا علمت أن بورقيبة ولما كان في نيويورك أقام له نقابيون أمريكان حفل عشاء حضره عدد كبير من النقابيين.. وكان أن ألقى بورقيبة كلمة في الحضور، شنّع فيها بأحمد بن صالح، واتهمني انني شيوعي.. وكان خميس الحجري (توفي على حدود الجزائر عندما كان متوجها في زيارة مع قائد السبسي) هو المترجم.. وقال الحجري ان بورقيبة كان يلحّ على ان بن صالح شيوعي.. فما كان من أحد النقابيين الأمريكان ممن يعرفونني معرفة جيدة، الا ان أطلق ضحكة طويلة ومدوية على الطريقة الأمريكية المعروفة وبعد ان استلقى الى الوراء من شدّة الضحك، قال هذا النقابي الأمريكي: الأكيد ان أحمد بن صالح كان «عفريت» (يقصد خارق في الذكاء) لأننا وعبر معرفتنا القوية به لم نتفطن اليه انه شيوعي... وكان المسؤول النقابي يتحدث بصوت عال... ومواصلا الضحكة الطويلة التي تحوّلت الى قهقهة.. وقد تأثر بورقيبة كثيرا... فقد كان ردّ النقابي الأمريكي (من التقدميين) بمثابة الاستهزاء بطرح بورقيبة حول بن صالح.. هكذا بدأ سي أحمد، يصوّر قصّة تحوّل بورقيبة، من مساند لبرنامج الاتحاد الى رافض له وهنا يستذكر صاحب المذكرات ليضيف: «قبل ان يتحول بورقيبة الى الولاياتالمتحدةالأمريكية (نيويورك مقر الاممالمتحدة) ذهبت اليه أنا وأحمد التليلي، فقابلنا وهو غاضب جدّا، ووجدناه يمزّق البرنامج الاقتصادي والاجتماعي للاتحاد، الذي قبله قبل أشهر معدودة، في مؤتمر الحزب بصفاقس سنة 1955». هنا قاطعت محدثي بعد الإذن وقلت: ألا تعتقد «سي أحمد» أن بورقيبة قبل البرنامج في مؤتمر الحزب «55» ورحّب به على عجل، لأن الظرفية وقتها، والتي تتميز بوجود قضية الخلاف بينه وبين بن يوسف، كان بورقيبة في حاجة إلى سند الاتحاد لاتجاه بورقيبة بخصوص بن يوسف؟ فردّ بصرامة وشدّة: «لا أعرف.. لا أعلم.. ولكن «سي أحمد» واصل الحديث عن مقابلة بورقيبة له ولأحمد التليلي: «وجدناه، إذن يمزّق البرنامج وهو يوجّه الكلام إليّ: C‘est du communisme ya Ahmed, je ne te laisserai pas faire هذه شيوعية يا أحمد، لن أدعك تفعل ذلك فقلت له، لست شيوعيا.. أظن أنها كانت مسرحية، بحيث قال لي أحمد التليلي بعد أن خرجنا من عند بورقيبة، ولم ينبس بكلمة خلال المقابلة: «آش عندك فيه».. إذن، عندما استفحل الأمر (غضب بورقيبة) أعطى مفتاح مقر نهج اليونان إلى عاشور.. سألت «سي أحمد»: هل رأيت بورقيبة بعد رجوعه من «نيويورك»؟ فقال: «لا لم أره.. لكنه اتخذ قرارا آخر في حقي.. وفي غيابي».. فإلى الحلقة القادمة وتفاصيل جديدة وقصص أخرى.. من ذكريات سي أحمد بن صالح..